القيود القانونية على التنفيذ الجبري على الأسهم

أولا- القيود القانونية:
ترد هذه القيود بنص في القانون، وقد أوردها المشرع المغربي لحماية الجمهور من أي مضاربات وهمية على أسهم شركات المساهمة، ولحماية أسهم المتعاملين والشركاء في هذه الأخيرة، وتتحدد هذه القيود التي تقيد حرية تداول الأسهم المسعرة، وغير المسعرة في سوق البورصة إذا كان السهم عينيا ثم إذا كان مرهونا، إضافة إلى هذا هناك أسهم ضمان مسؤولية المتصرفين وأعضاء مجلس الرقابة التي منع المشرع تداولها لحماية المكتتبين.
وبالتالي، تعتبر هذه القواعد من قواعد الضمان التي أوجبها المشرع وهي بصورة عامة ثابتة بقوة القانون ولا حاجة لاشتراطها.

1- رهن الأسهم:
أجاز المشرع المغربي رهن أسهم شركات المساهمة[1]، وذلك من خلال أحكام خاصة بهذا الرهن وردت في مدونة التجارة الجديدة لسنة 1996، وبناء عليه تخضع الأسهم بموجب هذا النص، ككل القيم المنقولة، للرهن طبقا لأحكام (المواد من 537 إلى 544 من مدونة التجارة)، والتي حددت طبيعة هذا الرهن والمقتضيات القانونية المتعلقة به حيث ورد في المادة 537 من مدونة التجارة أنه “يمكن رهن القيم المنقولة مهما كان شكلها وتكون خاضعة للمقتضيات المتعلقة برهن حيازة مع مراعاة المقتضيات بعده”[2].
ويبين ذلك أن المشرع “أخضع عملية رهن الأسهم وغيرها من القيم المنقولة، للأحكام الواردة في قانون الالتزامات والعقود وإلى مدونة التجارة، ولقانون شركات المساهمة رقم 17.95 وللقانون المنظم للوديع المركزي”[3].

وبالرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود، نجد أن المادة 1186 من هذا القانون تبين كيفية رهن الأسهم للحامل، ويكون ذلك بتسليمها داخل ظرف مغلق، في حين إذا سلمت مفتوحة لم يكن للدائن أن يتصرف فيها ما لم يؤذن له في ذلك صراحة بالكتابة. ولقد سار على نفس النهج قانون الشركات الأردني[4] الذي أجاز أيضا رهن أسهم شركات المساهمة (المادة 126 من نفس القانون).
والملاحظ أن الرهن يقع على وثيقة المساهمين أو شهادات الأسهم، ولابد من تحرير عقد للرهن يتضمن من له حق استلام الأرباح[5] التي توزعها الشركة خلال مدة الرهن، كما يتضمن العقد جميع الشروط التي تم الاتفاق عليها بين الدائن المرتهن ومالك الأسهم المدين الراهن.
أما فيما يتعلق برهن الأسهم الإسمية، فيتم ذلك عن طريق تدوين ما يفيد الرهن في سجل الشركة مادامت الأسهم الإسمية غير مقيدة في الحساب لدى الوديع المركزي طبقا لما ورد في المادة 245 من القانون رقم 17.95 والمادة 1197 من قانون الالتزامات والعقود.

في حين، يقع رهن الأسهم المقيدة في الحساب طبقا للقواعد المحدد في القانون المتعلق بإحداث الوديع المركزي حيث وردت في المادة 35 من هذا القانون، القواعد المنظمة لرهن القيم المنقولة المقيدة في الحساب والتي جاء فيها:
“- يتم رهن القيم المنقولة المقيدة في الحساب رهنا حيازيا سواء تجاه الشخص المعنوي المصدر أم تجاه الأغيار عن طريق تصريح مؤرخ موقع من صاحب الحساب، ويحدد التصريح مقدار المبلغ المستحق وكذا مبلغ السندات المرهونة.
– تحول السندات المرهونة إلى حساب خاص مفتوح باسم صاحب الحساب ممسوك من طرف الشخص المعنوي المصدر أو الوسيط المالي المؤهل حسب الحالة، وتسلم للدائن المرتهن شهادة بإقامة الرهن الحيازي.
– تدخل في وعاء الرهن الحيازي في تاريخ التصريح المنصوص عليه في الفقرة الأولى من هذه المادة جميع السندات التي تستبدل أو تستكمل بها السندات المرهونة عن طريق التبادل أو التجميع أو القسمة أو بإقامة الرهن الحيازي أو الاكتتاب نقدا أوأي وسيلة أخرى ما لم يتفق على خلاف ذلك”.

ولقد منح المشرع المغربي لمالك الأسهم ممارسة حق التصويت في حالة رهنها رهنا حيازيا، “ويجب على الدائن المرتهن رهنا حيازيا إيداع الأسهم المرهونة إذا طلب منه المدين ذلك وتحمل المصاريف “طبقا لما ورد في المادة 129 الفقرة 3[6]. علما بأنه، هنالك شرط لا يجوز ذكره في عقد الرهن، وإذا ذكر يقع الشرط باطلا والرهن صحيحا، وهو الشرط الذي يسمح للدائن عند عدم الوفاء له بدينه في أن يملك المرهون وأن يتصرف فيه بدون اتباع الإجراءات التي يقضي بها القانون وفق المادة 1226 من قانون الالتزامات والعقود.
هكذا فالأسهم المرهونة لا تقبل التداول وتبعا لذلك فهي لا تقبل التنفيذ عليها.

2- أسهم الضمان:
أسهم الضمان مصطلح يطلق على الأسهم التي يجب أن يودعها من يرشح نفسه ويصبح عضوا في مجلس إدارة شركات المساهمة، حيث تبقى هذه الأسهم محجوزة طيلة مدة عضويته[7].
وعلى هذا، فأسهم ضمان مسؤولية المتصرفين وأعضاء مجلس الرقابة يجب أن تكون أسهما إسمية وغير قابلة للتفويت طوال فترة اكتساب هذا الأخير لهذه العضوية.

وبناء عليه، فالقيد بعدم تفويت تلك الأسهم مرتبط بشغل منصب متصرف في مجلس الإدارة أو عضو في مجلس الرقابة، وبمجرد الانتهاء من شغل هذا المنصب تعود معه حرية تداول أسهم الضمان، ولكن تحتاج قبل هذا إلى موافقة الجمعية العامة العادية” على حسابات آخر سنة مالية تتعلق بفترة تسييره” طبقا لما ورد في المادة 46 من القانون رقم 17.95، ونفس الأمر ينطبق فيما يتعلق باكتساب العضوية في مجلس الرقابة طبقا لما ورد في المادة 84 من القانون رقم 17.95.

والملاحظ أن كلا من التشريع الأردني والمصري، سارا على نفس النهج الذي سار عليه المشرع المغربي، حيث نصا على إبقاء أسهم الضمان محجوزة طيلة فترة العضوية في مجلس الإدارة ضمانا لحسن تسيير العضو للشركة[8].

وتجدر الإشارة، إلى أنه يتم النص في نظام الشركة على عدد الأسهم التي يشترط أن يملكها من يرشح نفسه للعضوية في مجلس الإدارة حسب المادة 44 أو مجلس الرقابة طبقا لما ورد في المادة 84 من القانون رقم 17.95.

وعلى العكس من ذلك، فإذا كانت أسهم الضمان غير قابلة للتفويت طيلة فترة تولي المساهم لمهامه، فإن المحكمة تملك سلطة إلزام المسيرين أو بعضا منهم في حالة الحكم عليهم بسقوط الأهلية التجارية لفتح مسطرة من مساطر المعالجة ضدهم، بتفويت الأسهم داخل الشركة أو أن تأمر بتفويتها جبرا بواسطة وكيل قضائي بعد القيام بخبرة عند الاقتضاء، ويخصص مبلغ البيع لأداء قيمة الحصة الناقصة من الأصول التي على عاتق المسيرين” طبقا لما ورد في المادة 717 من مدونة التجارة.

وفي هذا الإطار، نلاحظ أن هناك من يدعو إلى إلغاء أسهم الضمان[9]، لأن ما يملكه المتصرفون ومجلس الرقابة من الأسهم غالبا ما يكون غير كاف لضمان مسؤوليتهم خاصة في الشركات الكبرى، إلا أن إقرار مثل هذه القيود يعود بالنفع على الشركة وعلى المكتتبين ويحقق الأمن داخل الشركة ولو كان ذلك معنويا أكثر منه ماديا، وخصوصا أن العديد من المكتتبين لا يسعون من وراء الاكتتاب داخل الشركات الكبرى إلا للحصول على الأرباح، إلا أنه في نفس الوقت يبحث عما يحقق له نوعا من الأمان والثقة في التعامل.
التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
___________________________________
[2] – هنالك من القوانين ما يمنع على الشركة وعلى المساهمين رهن أسهم الشركة خوفا من أن تعجز الشركة عن الوفاء بديونها فيتم التنفيذ على الأسهم المرهونة مما قد يعرضها للإفلاس، ومن هذه القوانين قانون الشركات التجاري الإماراتي.
للمزيد من الإيضاح راجع: أسامة أحمد شوقي المليجي: التنفيذ على الأوراق المالية التي تصدرها شركة المساهمة، م.س.ص92.
[3] – يوسف طباش: تحقيق رهن القيم المنقولة في التشريع المغربي والمقارن، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة البحث والتكوين قانون التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –جامعة محمد الخامس- السويسي، الرباط 2003-2004، ص52.
[4] – فوزي محمد سامي: شرح القانون التجاري، م.س.ص.250.
[5] – فوزي محمد سامي: شرح القانون التجاري، م.س.ص.171.
[6] – المادة 129 الفقرة 3 من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة.
[7] – عبد الحميد الشواربي: موسوعة الشركات التجارية، م.س.ص597.
[8] – سميحة القليوبي: الشركات التجارية، الجزء الثاني، دار النهضة العربية، 1993، ص278-279.
[9] – فوزي محمد سامي: الشركات التجارية والأحكام العامة والخاصة، م.س.ص.140.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.