التعليق على أحكام النفقة

التعليق على الأحكام
من خلال ملاحظتنا لأحكام التي استطعنا الحصول عليها من طرف المحاكم المغربية لجهة مكناس تافيلالت لسنتي 2004-2005 لاحظنا أن أكثر الدعاوي التي تعرض على القضاء هي دعاوي النفقة والتي يمكن اعتبارها الدعاوي الأكثر جدلا على الإطلاق نظرا للمشاكل التي تثيرها ، وبما أن النفقة كما سبقت الإشارة إلى ذلك تنقسم إلى نفقة الأقارب ونفقة الأولاد ونفقة الزوجة، وتعتبر هذه الأخيرة هي الاكثر عرضة على القضاء ثم تليها بعد ذلك نفقة الأولاد فالأقارب وبعد أن طرحنا السؤال على بعض القضاة إلى ماذا يرجع هذا الكم الهائل في دعاوي النفقة خصوصا من طرف الزوجة ؟

فكان الجواب هو كون النفقة تعتبر حق للزوجة على زوجها، وللأبناء على الآباء وللأباء على الأبناء هذا من جهة، ومن جهة ثانية فترجع إلى كون نسبة الطلاق مرتفعة ولما كان الزوج هو المعيل الأول للأسرة فقد كان من الطبيعي أن تلجأ بعض الزوجات إلى القضاء لتمكينهن من نفقتهن ونفقة أبناءهن خصوصا وان أغلب النساء عاطلات عن العمل ويعانين من ضيق ذات اليد.
وبعد ان اطلعنا على هذه الأحكام لاحظنا ان السادة القضاة التزموا بمنطوق النصوص القانونية التي تنظم النفقة ولم يكن تمة أي اجتهاد بهذا الخصوص حيث لا اجتهاد مع النص ، لكن من حيث تقدير قدر النفقة فإن المبالغ التي تم تقديرها كانت تختلف من شخص لآخر حسب الوضع المادي للزوج والوضع المادي للزوجة ووجود أو عدم وجود الأبناء الشيء الذي بدون شك دفع بالسادة القضاة إلى إعمال الاجتهاد القضائي بهذا الخصوص.
وحيث أن المشرع منح للقضاء الموضوع الصلاحية في تحديد قدر النفقة بعد أن تتوفر لهم العناصر الراجعة إلى اعتبار الأسعار وعادة أهل البلد، وحال الطرفين كما أنهم غير مجبرين بالأخذ بالقدر المطالب به إذ بوسعهم الحكم بأقل منه أو أكثر …
ولأن الوضعية المادية للزوج غير قارة غالبا إذ من المحتمل جدا أن تتحسن بين الزوج والزوجة من أن يطلبا من المحكمة إعادة النظر في التقدير الذي سبق لها أن قررته بعد مرور سنة إلا في الأحوال الاستثنائية ” والمقصود بطبيعة الحال التقدير الذي تقوم به محكمة الموضوع وليس قاضي التوثيق[1].

ومن الناحية الإجرائية فالثابت ان تقدير النفقة كأصل من المسائل الواقعية التي تدخل ضمن السلطة التقديرية لقضاء الأسرة علما بأن هذا الأخير يجب عليه أن يبرز من خلال أسباب حكمه العناصر المعتمدة في ذلك التقدير، وإلا عرض حكمه للنقض، هذا مع العلم أن مسألة التبرير هي مطروحة لي بالنسبة للمحاكم الابتدائية وحدها وإنما هي مطروحة بالنسبة لمحاكم الاستئناف كذلك[2]
ومن خلال اطلاعنا على بعض الأحكام الصادرة في موضوع النفقة بجهة مكناس تافيلالت اتضح لنا أن هناك توجها قضائيا موحدا يعكس أن القضاة مستقلين في تقدير النفقة مراعين في ذلك اختلاف الظروف خصوصيات المناطق مع مراعاة الظروف المادية لكل الأطراف [3].
الخطبة والزواج
_______________________
[1] – قرار ثالث أبريل 1990 منشور بمجلة الإشعار العد الخامس ص  185 ( قرار مصحوب بتعليق للأستاذ عمر بوخدة
[2] -تنص المادة 192 من مدونة الأسرة على انه :” لا يقبل طلب الزيادة في النقة المتفق عليها أو المقررة قضائيا او التخفيض منها قبل مضي سنة إلا ظروف استثنائية وتقدير الظروف الاستثنائية مسألة موضوعية تندرج ضمن اللسلطة التقديرية للمحكمة التي تنظر في النزاع
[3] جاء في اطروحة محمد الكشبور ، الجزء الاول ، ص  273 – 274

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.