تدخل الوكالات الحضرية في التخطيط العمراني: الدراسات الموازية

مهام الوكالات الحضرية في ميدان التخطيط العمراني – ثانيا: 
ب- تدخل الوكالات الحضرية على مستوى الدراسات الموازية
بالرجوع إلى المادة الثالثة من الظهير المتعلق بإحداث الوكالات الحضرية نجدها تنص في بندها السادس على أنه من اختصاص الوكالات الحضرية القيام بالدراسات اللازمة لمشاريع تهيئة قطاعات خاصة وتنفيذ جميع مشاريع الصيانة العامة أو التهيئة لحساب الدولة والجماعات المحلية أو أي شخص آخر يطلب من الوكالة الحضرية القيام بذلك سواء كان من أشخاص القانون العام أم أشخاص القانون الخاص. هذا بالإضافة إلى البند السابع الذي يجعل من اختصاص الوكالة الحضرية كذلك تشجيع وإنجاز عمليات إصلاح القطاعات الحضرية وتجديد المباني وإعادة هيكلة الأحياء المفتقرة إلى التجهيزات الأساسية والقيام بهذه الغاية بإنجاز الدراسات وامتلاك الأراضي اللازمة لذلك.

وبذلك يتضح بأن دور الوكالات الحضرية في ميدان التخطيط العمراني لا يقتصر على تحضير مشاريع وثائق التعمير فقط، بل يمكنها أن تساهم في الدراسات العامة (1) والدراسات القطاعية (2) وكذلك الدراسات المتعلقة بتوسيع المدارات الحضرية وتحديد مراكز الجماعات القروية (3).

1- الدراسات العامة
من صميم اختصاص الوكالات الحضرية المساهمة في إعداد دراسات مرجعية وتوجيهية وهيكلية ذات بعد إقليمي أو جهوي من ذلك مثلا المساهمة في إنجاز أبناك للمعطيات العامة تهم مجالات التجمعات الحضرية والقروية[1]،  وقد تكون هذه الدراسات في شكل أبحاث عقارية أو دراسات طبوغرافية وخرائطية. وتكمن أهمية هذا النوع من الدراسات في كون التحكم في العقار والإحاطة بمختلف أنماطه يعد شرطا أساسيا لتحديد التنطيق والحد الأدنى للمساحات وتوطين التجهيزات الكبرى والمرافق العمومية، وبالتالي إخراج وثائق تعمير ناجعة قابلة للتنفيذ([2])، وقد تكون بمثابة أبحاث عقارية تتضمن مواقع العقارات إضافة إلى تقارير مواكبة تبين طبيعتها القانونية ومساحتها وملاكيها على وجه الخصوص ([3]). وقد تشمل هذه الدراسات المساهمة في وضع استراتيجية للتنمية الجهوية. ([4])

ويمكن أن تدرج في إطار الدراسات العامة ما أصبح يصطلح عليه ب ” المشروع الحضري” كمفهوم جديد تم استنباطه من التجربة الفرنسية بهدف تجاوز نقائص واختلالات وثائق التعمير، وهو مقاربة جديدة تتوخى التأثير والفعل في المجال عبر إبراز الأولويات وتحديد الاستراتيجيات في شكل مشاريع مندمجة يرتكز تسييرها على مبدأ الشراكة بمفهومه الواسع.

وفي هذا السياق عملت مجموعة من الوكالات الحضرية على صياغة مشاريع حضرية ([5]) رغبة في حل بعض الإشكالات المطروحة على مستوى التخطيط العمراني.

2- الدراسات القطاعية [6]
إن إعداد الدراسات القطاعية يتغيى بالأساس تجاوز الإشكالات التي يطرحها التدبير العمراني وتوفير الإطار الملائم لإنجاز استثمارات تساهم في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا المجال تم إعداد مجموعة من الدراسات القطاعية شملت مداخيل بعض المدن التي تتميز برداءة مظهرها العمراني ([7]) كما قد تشمل هذه الدراسات كذلك رد الاعتبار للمدن القديمة، حيث تتدخل الوكالات الحضرية في هذا الصدد بتنسيق مع باقي المتدخلين. هذا التدخل الذي يجد سنده القانوني في البند السابع من المادة الثالثة من ظهير الوكالات الحضرية الذي ينص على ضرورة تشجيع وإنجاز عمليات إصلاح القطاعات الحضرية وتجديد المباني وإعادة هيكلة الأحياء المفتقرة إلى التجهيزات الأساسية.

كما تساهم الوكالات الحضرية إلى جانب المديريات الجهوية للإسكان والتعمير في صياغة التصاميم المحلية للإسكان والتنمية العمرانية PLHDU ببلورة الملاحظات والتحفظات بشأنها والمشاركة في الاجتماعات التنسيقية في هذا الشأن.

وقد تكون هذه الدراسات في شكل دراسة توجيهية لإنجاز مشاريع مندمجة سكنية أو صناعية أو سياحية .([8])

3- على مستوى الدراسات المتعلقة بتوسيع المدارات الحضرية وتحديد مركز الجماعات القروية
تلعب الوكالات الحضرية، من حيث الممارسة، دورا أساسيا على مستوى الدراسات المتعلقة بتوسيع المدارات الحضرية وتحديد مراكز الجماعات القروية نظرا لما لهذا التحديد من أهمية سواء على مستوى التدبير العمراني؛ إذ تصبح المناطق المحيطة سواء بالبلدية أو المركز المحدد ملزمة بالحصول على الإذن بالبناء، أم على مستوى التخطيط العمراني، لإتاحة الفرصة للمناطق المحيطة المذكورة للاستفادة من تصميم للتهيئة أو تصميم للتنطيق، طالما أن الارتقاء بجماعة قروية إلى مركز محدد يجعلها في ميدان التخطيط العمراني خاضعة لمقتضيات القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير عوض ظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتنظيم التكثلات العمرانية القروية، حيث تعمل على تتبع مشاريع توسيع المدارات الحضرية وتحديد مراكز الجماعات القروية، كما تعمد إلى تقديم التأطير والمساعدة التقنية لإعداد ملفات مشاريع جديدة لتوسيع المدارات الحضرية وتحديد مراكز الجماعات القروية.

ويمكن أن نستشف السند القانوني في ذلك من خلال قراءة البند العاشر الذي يلزم الوكالات الحضرية بتقديم مساعدتها التقنية للجماعات المحلية فيما يتعلق بالتعمير والتهيئة.

إلا أنه بالرجوع إلى دورية وزير الداخلية عدد 245 م.ت.هـ.م المؤرخة في 25 أكتوبر 1994 والمتعلقة بتحديد دوائر الجماعات الحضرية والمراكز المحددة وتغييرها، فإننا نجدها لا تعتمد في مراجعها القانونية على الظهير المؤسس للوكالات الحضرية رغم صدوره قبل تاريخ الدورية. كما لا نجد ذكرا للوكالة الخضرية في هذا الصدد، لكونها تقف فقط على الصلاحيات المخولة لقسم التعمير التابع للعمالة أو الإقليم وكذا للمصالح الخارجية التابعة للوزارة المكلفة بالتعمير في هذا الباب. وبذلك أضحت هذه الدورية متجاوزة بالنظر للدور الأساسي الذي تلعبه الوكالات الحضرية في هذا الإطار،([9]) ونظرا لما يمكن أن نستشفه من تناقض بين ما جاءت به الدورية المذكورة وروح المادة الثالثة من الظهير المحدث للوكالات الحضرية.
الفقرة الأولى: الوكالات الحضرية ودورها في التخطيط العمراني بالمغرب
المطلب الثاني: دور اللامركزية المرفقية في ميدان التخطيط العمراني
المبحث الثاني: مدى لامركزية التخطيط العمراني بالمغرب
الفصل الأول: دور المتدخلين العموميين في ميدان التخطيط العمراني
القسم الأول: واقع التدخل العمومي في ميدان التعمير
التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب

التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب

______________________________________
[1] من ذلك مثلا مساهمة الوكالة الحضرية لسطات في تتبع الدراسة المتعلقة بالتصميم التوجيهي والهيكلي لمدينة خريبكة والمنطقة المحيطة بها التي شرعت في دراستها سنة 2002.
[2] لقد قامت الوكالة الحضرية للعيون بإعداد خرائط عقارية لمدينتي العيون وبوجدور، أنظر تقرير المجلس الإداري للوكالة الحضرية للعيون برسم سنتي 1999 و 2000 ص:42.
[3] على سبيل المثال ما قامت به الوكالة الحضرية لسطات بشأن إقليم خريبكة من أبحاث عقارية وفرت معطيات أساسية بهذا الخصوص.
[4] لقد ساهمت الوكالة الحضرية لسطات مثلا في وضع استراتيجية مشتركة لجهة الشاوية ورديغة  إلى حدود 2015 بتأطير من مكتب التعاون الدولي USAID، حيث انصبت مهمتها على تشخيص وتحليل المعطيات المتعلقة بمجالات الإسكان والتعمير والعقار.
[5] إلا أن الملاحظ أن الوكالات الحضرية لازالت لم تستوعب بعد ” المشروع الحضري” باعتباره مفهوما يتجاوز الأبعاد العمرانية إلى ما هو اقتصادي واجتماعي وسوسيولوجي.
Pour plus de détail voir la conférence dirigée par le professeur Marcel Rancyolo, sous le thème : « le projet urbain » pour les étudiants de la 2ème année de DESA, UFR : urbanisme et aménagement, faculté des lettres et des sciences humaines. Ain Chok, Casablanca, année universitaire 2004-2005
[6] الدراسات القطاعية المقصودة في هذا الصدد تختلف عن تصاميم التهيئة القطاعية.
[7] كما هو الشأن مثلا بالنسبة للشماعية وخميس الزمامرة بأسفي وسيدي إسماعيل بمراكش والبئر الجديد بالدار البيضاء والوليدية بأولاد غانم وثلاثاء سيدي بوكدرة بالجديدة. أنظر تقرير المجلس الإداري الأول للوكالة الحضرية لأسفي الجديدة برسم سنتي 1998 و 1999 ص :75.
[8] في هذا الصدد نسوق مثال الدراسة التوجيهية التي أعدتها الوكالة الحضرية لسطات لإنجاز المشروع المندمج السكني والصناعي ” رياض السوالم” بجماعة الساحل أولاد احريز التابعة لإقليم سطات في إطار اتفاقية بين الوكالة الحضرية وشركة Asma Invest تهدف لتهيئة العقار المتواجد على 50 هكتار بمنطقة الاحتياط العقاري « RS » حسب مقتضيات تصميم تهيئة مركز السوالم الساحل بما يضمن إدماجه في الدينامية الاقتصادية والعمرانية التي تعرفها المنطقة. أنظر التقرير الأدبي والمالي للمجلس الإداري للوكالة الحضرية لسطات المنعقد بتاريخ30 مارس 2004، ص: 20.
[9] رغم ما يرافق ذلك في بعض الحالات من صعوبات تتمثل أساسا في النقص الحاصل في الوثائق الطبوغرافية الضرورية والمناسبة لمثل هذه العمليات. راجع تقرير المجلس الإداري للوكالة الحضرية للعيون برسم سنتي 1999-2000، نونبر 2000 ص: 41.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.