من يوقع الطلاق

الطلاق بين المذهب المالكي ومدونة الأسرة الجديدة
الباب الثاني: حالات التطليق والإجراءات المسطرية
الفصل الأول: حالات التطليق وحقوق الزوجة والأولاد
المبحث الأول: حالات التطليق
قبل التطرق إلى هذه الحالات والتوسع فيها، لابد من الإجابة على تساؤل كان محل تعديل وتغيير في ظل مدونة الأسرة الجديدة، ويتعلق الأمر بمن له الحق في إيقاع الطلاق؟ وذلك حتى نتمكن من ملامسة ومعرفة هل المرأة يبقى حقها مقتصرا في طلب التطليق إذا توفرت حالاته فقط، أم لها الحق في الطلاق مثلها مثل الرجل، هذا ما سنتناوله في مطلب الأول، على أن نتناول حالات التطليق بتوسع في المطلب الثاني.

المطلب الأول: من يوقع الطلاق؟
بالرجوع إلى مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية وخاصة النصوص المنضمة لمن له الحق في إيقاع الطلاق نجدها كانت صريحة كل الصراحة في أن الطلاق حق للزوج يوقعه بإرادته المنفردة، وليس في ذلك غبن المرأة وإنما هو حفاظ عليها وتقديس للرابطة الزوجية نفسها، لأن الشارع الذي اوجب على الزوج المهر وجله مسؤولا عن الأسرة للقوامة الثابتة له بنص قرآني، يسعى من أجلها ويقوم بواجباتها قد لاحظ أنه بطبيعته أضبط لمشاعره من المرأة فيكون من ثم أكثر حرصا على استمرار الرابطة الزوجية. ويضاف إلى هذا أنه هو الذي يتحمل تبعات الطلاق من الناحية المادية حيث عليه أن يؤدى مؤخر الصداق والمتعة ونفقات العدة، ناهيك عن التبعات المادية الأخرى التي قد يتحملها، فيما إذا سعى للزواج من جديد، كما أنه لو جعل الطلاق بيد المرأة لاضطربت الحياة الزوجية، ولما استقر لها قرار لسرعة تأثرها واندفاعها وراء العاطفة إضافة إلى أنه ليس هناك ما يحملها على التروي والأناة مادامت –وفي كافة الأحوال- لن تغرم أي شيء.
لكن بالرجوع إلى مدونة الأسرة الجديدة، نجدها عكس ذلك من خلال إقرار حق الطلاق لكل من الرجل والمرأة على حد السواء ويظهر ذلك من خلال تعريفها للطلاق في المادة 78 والذي اعتبرته “حل لميثاق الزوجية، يمارسه الزوج والزوجة، كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا لأحكام هذه المدونة” وذلك بهدف الممارسة التعسفية للرجل في الطلاق، بضوابط تطبيقا لقوله عليه السلام: “إن أبغض الحلال عند الله الطلاق” وبتعزيز آليات التوفيق والوساطة، بتدخل الأسرة والقاضي، وإذا كان الطلاق بيد الزوج، فإنه يكون بيد الزوجة بالتمليك، وفي جميع الحالات يراعى حق المرأة المطلقة في الحصول على كافة حقوقها قبل الإذن بالطلاق، وقد تم إقرار مسطرة جديدة للطلاق، تستوجب الإذن المسبق من طرف المحكمة، وعدم تسجيله إلا بعد دفع المبالغ المستحقة للزوجة والأطفال على الزوج، والتنصيص على أنه لا يقبل الطلاق الشفوي في الحالات غير العادية أضف إلى ذلك أنها وسعت حق المرأة في طلب التطليق لإخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج، أو للأضرار بالزوجة مثل عدم الإنفاق أو الهجر أو العنف، وغيرها من مظاهر الضرر أخذا بالقاعدة الفقهية العامة “لا ضرر ولا ضرار” وتعزيزا للمساواة والإنصاف بين الزوجين، كما تم إقرار حق الطلاق الاتفاقي تحت مراقبة القاضي. هكذا وانطلاقا مما رأيناه نخلص إلى أن مدونة الأسرة جاءت عكس الأحوال الشخصية من خلال إقرار أحقية كل من المرأة والرجل في إيقاع الطلاق.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.