التحكيم في العقود

التحكيم في العقود

“… نظام التحكيم خصوصا في المواد المدنية والتجارية وذلك من خلال توقيعه على اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري والتي أقرها مجلس وزراء العدل العرب في دورته الخامسة بالقرار رقم 80/ د 5 بتاريخ 14 أبريل 1987، كما أصدر قانونا يحمل رقم 05-08 منشور في الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر 2007 الذي يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية لكي يكون بمثابة قانون منفرد للتحكيم في …”

التحكيم في العقود
التحكيم في العقود

مقدمة عامة:
أدى التطور الهائل في معدلات التنمية الاقتصادية، وانتشار التجارة البينية بين الدول، إلى ظهور روافد جديدة وأساليب حديثة في مجال التجارة الدولية، ومع تشعب العلاقات التجارية والاقتصادية واختلاف مصالحها وأهدافها، ظهرت العديد من المشكلات نتيجة لهذه العلاقات، فكان لابد من استحداث أساليب جديدة لفض هذه المشكلات، بما يتناسب مع هذا التطور السريع وبما يحقق العدالة السريعة التي يتطلبها هذا النوع من المعاملات، ومع عدم مسايرة القوانين الوطنية عن مواكبة هذا التطور السريع، بالإضافة إلى عدم تفهم قضائها للأعراف والعادات التجارية والدولية التي أصبحت تحكم هذه العلاقات فقد أدى ذلك إلى ظهور ما يسمى بنظام التحكيم كأسلوب من أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية بعيدا عن القضاء العادي، وذلك باختيار أطراف النزاع حكما يحكم بينهم فيما تنازعوا فيه فيصير حكمه ملزما لهم باترا لأوجه النزاع.

ومع انتشار نظام التحكيم كأسلوب من أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية، ظهرت الحاجة إلى توحيد قواعده الإجرائية والموضوعية، حتى لا يكون هناك تضارب بين الأحكام، ومن هنا ظهرت محاولات الأمم المتحدة لتوحيد هذه القواعد فصدر منها ما يعرف بقواعد “اليونسترال” « UNCITRAL LAW »  والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي”  MODEL LAW ” ، فأقرت معظم الدول تلك القواعد وعملت على تضمينها في قوانينها الوطنية، حتى أصبحت هذه القواعد جزء هاما في شرائعها، إيمانا منها بدور التحكيم الفعال في تهيئة الجو المناسب لخلق مناخ جديد لتنمية العلاقات التجارية بين الدول.

كما ظهر أيضا ما يسمى بالهيئات أو المراكز الدولية للتحكيم، والتي ساعدت كثيرا على التأكيد على هذه القواعد الدولية، وذلك إما بتضمينها في نظامها الداخلي بحيث تطبق على كافة التحكيمات المعروضة عليها، وإما بإضافة بعض المبادئ القانونية والأعراف الدولية المستخلصة من تطبيق هذه القواعد من الناحية العملية، حتى أصبحت تلك القواعد تمثل الشريعة العامة للتحكيم على المستوى الدولي والمحلي، نظرا لتطورها المستمر، وتشعب سبل العلاقات التجارية الدولية.

والمغرب كغيره من الدول يعمل بنظام التحكيم خصوصا في المواد المدنية والتجارية وذلك من خلال توقيعه على اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري والتي أقرها مجلس وزراء العدل العرب في دورته الخامسة بالقرار رقم 80/ د 5 بتاريخ 14 أبريل 1987، كما أصدر قانونا يحمل رقم 05-08 منشور في الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر 2007 الذي يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية لكي يكون بمثابة قانون منفرد للتحكيم في المغرب يطبق على كافة المنازعات، مهيئا بذلك المجال أمام الأفراد المدنيين والمستثمرين على السواء في الداخل أو الخارج الاستفادة من نصوص هذا القانون، لحل منازعاتهم بطريقة سهلة وسريعة تواكب روح التطور العصري في تنوع أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية.

ونظرا للأهمية التي بات يحتلها نظام التحكيم تتبادر إلى الذهن مجموعة من التساؤلات تشكل في مجموعها، إشكالية الموضوع لعل أهمها ما يلي:

ما المقصود بنظام التحكيم كأسلوب بديل لحل المنازعات؟ وماهي خصائصه؟ ومميزاته ؟ وما هي أنواعه ؟ ثم ما هي إجراءات اللجوء إليه ؟ وماهي الموضوعات التي يجوز التحكيم فيها وتلك التي لا يجوز أن تكون محلا لهذا التحكيم ؟ إتفاق التحكيم؟
وأخيرا هل يمكن اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية عموما وصفقات الدولة خصوصا ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها إرتاينا تقسيم موضوعنا هذا إلى مبحثين وذلك على النحو التالي:

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.