دعوى رفع الحجز ودعوى قصر نطاق الحجز

عوارض الحجز التنفيذي  – المبحث الثاني :
من المعلوم أن إيقاع الحجز التنفيذي يشكل سلطات المالك المنفذ عليه في التصرف في ماله المحجوز ، كما يضر بمن انتقل إليه المال ولضمان مصلحة هؤلاء فقد كفل لهم المشرع المغربي ضمانات تحد منه آثار هذا الحجز الذي قد يضر بمصالحهم ( المطلب الأول) عن طريق رفعه أو قصر نطاقه وبالمقابل لهذه الضمانات نجد هناك عوارض وعراقيل تعتري مسطرة الحجز التنفيذي ، مما يحول دون تحقيق أهدافه ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الضمانات المسطرية المكفولة للمدين المحجوز عليه
لاشك أن موضوع رفع الحجز وقصره يثير مجموعة من الإشكالات العملية وهذا ما أفادنا به أهل الاختصاص والخبرة في هذا المجال [1]

الفقرة الأولى : دعوى رفع الحجز
تعمل دعوى رفع الحجز على إزالة كل الآثار القانونية المترتبة على المال المحجوز التي تحول دون التصرف فيه من قبل من لهم الحق في ذلك

ومما لاشك فيه أن هذه الدعوى لا يمكن رفعها إلا ضمن توفرت فيهم الصفة في رفع الحجز ، وهم المدين المنفذ عليه والحائز ومشتري المال الذي يحول الحجز دون انتقال الملكية إليه[2] إلى غير ذلك ممن كفل لهم القانون حق ذلك.

ويتم رفع الحجز إما بشكل اتفاقي متى تنازل الدائن عن الحجز ، وإما من خلال دعوى ترفع أمام المحكمة المختصة ، أي محكمة الموضوع كأصل ، أو يعهد الاختصاص إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات استثناء كما هو الشأن في حالة التراضي في مواصلة إجراءات الحجز [3] حيث يقدر الرئيس ما إذا كان التأخير الحاصل في مواصلة الإجراءات يعد تراضيا يبرر رفع الحجز
أم أنه تأخر مبرر ناتج عن صعوبات واقعية مرتبطة بالتنفيذ.
كما ينعقد الاختصاص لقاضي المستعجلات للأمر برفع الحجز التنفيذي الواقع على عقار المنقذ عليه في حالات استثنائية وذلك كلما كان هناك تعسف ظاهر في خرق القواعد الخاصة به أو عدم منازعة الدائن في بقاء الحجز

دعوى قضائية لرفع الحجز عن الممتلكاتومن أمثلة حالة عدم المنازعة تنازل الدائن عن الحجز، كمثال على ذلك أمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش عدد 234 بتاريخ 22/ 03/ 2005 في الملف رقم 143/04 / 2005 أو إثبات المدين للأداء الكلي للدين المحجوز من أجله ( أمر رئيس المحكمة التجارية بمراكش، عدد 1423 بتاريخ 12/ 12/ 2002 في الملف المحجوز عليه ما دامت غير مستحقة بموجب السند التنفيذي الذي يجري التنفيذ استنادا له ( حسب قرار  عدد 677/ 2005 بتاريخ 07 / 03/ 2005 في الملف عدد 2002/04 [4]

أما حالة خرق القواعد الإجرائية للحجز فتتمثل في إلغاء السند التنفيذي المعتمد في إجراءاته ( أمر رئيس المحكمة التجارية بمراكش عدد 584 صادر بتاريخ 08/11/2006 في الملف رقم 493 / 1 / 2006

أما من له خرق القواعد الموضوعية للحجز التنفيذي إيقاعه على عقار غير مملوك للمدين ( أمر عدد 596 صادر بتاريخ 14/ 11/ 2006 في الملف رقم 482 /01/2006 [5]

وعليه فمتى كان طلب رفع الحجز مقدما بإجراءات سليمة مبررا من الناحية الموضوعية فإنه يحكم برفع الحجز حيث يعتبر الحجز كأن لم يكن ويسترجع المنفذ عليه سلطته على المال المحجوز ، وهذا الحكم يلزم تنفيذه بتحرير محضر من طرف العون برفعه وبعد ذلك يبلغ للمحافظ العقاري لتسجيله بالصك العقاري تعلق الأمر بحجز على عقار محفظ [6] أو لإيداعه بسجل التعرضات متى تعلق الأمر بعقار في طور التحفيظ.

ومن هذا المنطلق وما دامت دعوى رفع الحجز تشكل ضمانا وحقا للمنفذ عليه ، متى توفرت شروط ذلك فالأمر لا يخلو من ضمان أو إمكانية أخرى صباه بها المشرع المغربي ألى وهي دعوى قصر الحجز.

الفقرة الثانية : دعوى قصر نطاق الحجز
من المعلوم أن أموال المدين ضامنة لالتزاماته، وهذا ما يسمى بالضمان العام ( juge commun) للدائنين [7] إلا أنه قد يحدث أن يتعسف الدائن في استعمال حقه ويحجز منقولات أو عقارات متعددة وباهضة الثمن مقابل دين زهيد ، أو قد يعمد إلى بيع الأموال المحجوزة كلها، وهذا من شأنه أن يضر بمصالح المحجوز عليه .

ولا شك أن إمكانية رفع دعوى قصر الحجز ، وسيلة تطبق على سائر الحجوز سواء كان الحجز منصبا على منقول أو على عقار وسواء كان الحجز تحفظيا أو تنفيذيا  إذ يكفي في هذه الحالة تقديم طلب رفع الحجز إلى قاضي المستعجلات بطلب قصر الحجز على بعض أمواله المحجوزة وذلك في حدود الدين – وهذا ما يستشف من مقتضيات الفصل 459 من ق م م الذي ينص على أنه :” لا يمكن تمديد  الحجز  التنفيذي  إلى أكثر مما هو لازم لأداء ما وجب للدائن وتغطية مصاريف التنفيذ الجبري ” حيث ينظر هذا الأخير ويبث في الطلب بعد التأكد من شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق ويترتب عن ذلك زوال أثر الحجز عن الأموال المرفوع عنها الحجز
وإمكانية المحجوز عليه الاستفادة منها واستغلالها
وما يمكن إضافته في هذا الإطار إمكانية رفع دعوى الإيداع [8] وهي دعوى تهدف إلى استصدار حكم بتقدير مبلغ يتم إيداعه بصندوق المحكمة على ذمة الوفاء بالدين المحجوز من أجله مما ينتقل معه الحجز على الأموال المحجوزة إلى المبلغ المودع .
الحجز التنفيذي في قانون المسطرة المدنية
_____________________________________
[1] – حوار أجريناه مع نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس ، ذ محمد الكرمة
[2] – راجع في هذا الصدد ما تطرف إليه الاستاذ يونس الزهري في تحليله حول الأشخاص الذين يحق لهم تقديم دعوى رفع الحجز ، مرجع سابق، ص  73 وما يليها .
[3] –  ينص الفصل 208 من ظهير 2 يونيو 1915 :” إذا وقع التراضي في مواصلة الإجراءات التي تتلو الحجز أمكن للمحجوز عليه أن يحصل على الإنذار وجميع الوثائق المسجلة  تبعا له وذلك بمقال معلل يقدمه لقاضي المستعجلات ويبلغ كاتب الضبط نسخة منه وإلى طالب البيع في عنوانه المختار ثلاثة أيام على الأقل قبل تاريخ جلسة الاستعجال الذي يعينه الرئيس أسفل المقال ويكون الأمر القضائي الصادر عنه نهائيا ونافذا على الفور ”
[4] – يونس الزهري مرجع سابق، ص  80 – 81.
[5] – يونس الزهري مرجع سابق، بتصرف  ص 81 – 82.
[6] –  يتم ذلك من خلال التشطيب على الحجز الذي سبق تسجيله به ، وذلك استنادا إلى مقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ الذي يعطي للمحافظ العقاري سلطة التشطيب على الحقوق المرتبطة بالصك العقاري وذلك اعتمادا على عقد أو حكم شبت لانقضاء هذه الحقوق .
[7] – عبدالرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، نظرية الالتزام بوجه عام الجزء الثاني ص  46.
[8] – دعوى الإيداع غير منظمة بنصوص خاصة في القانون المغربي ( الفصول من 171إلى 178 من ق م م وكذلك الفصول من ( 275 إلى 287 من ق ل ع ) .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.