مشروعية نفقة المتعة

الفقرة الثانية: مشروعية نفقة المتعة:
لقد وردت آيات متعددة توجب المتعة للمطلقات، وأعم آية منها قوله تعالى:{وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المحسنين}[1] وقد استدل بها من ذهب من العلماء إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء كانت مطلقة قبل المسيس أو مدخولا بها، وهو قول عن الشافعي، وإليه ذهب سعيد ابن جبير وغيره من السلف، وهو اختيار ابن جرير.

أما من لم يوجبها مطلقا فيخصص هذا العموم بمفهوم قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المتقين}[2] ويجيب الأولون بأن هذه الآية الأخيرة من باب ذكر بعض أفراد العموم الذي شملته الآية التي أوردناها أولا فلا تخصيص[3].

ويعتبر الإمام ابن حزم المحلي أشهر من أوجبوا المتعة لكل مطلقة بالطلاق، حيث يقول: “المتعة فرض على كل مطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو آخر ثلاث، وطئها أو لم يطئها، فرض لها صداقا أو لم يفرض لها شيئا أن يمتعها، وكذلك المفتدية أيضا.

ويجبره الحاكم على ذلك أحب أم كره، ولا متعة على من انفسخ نكاحه منها بغير طلاق، ولا يسقط التمتع عن المطلق مراجعته إياها في العدة،  ولا موته، ولا موتها والمتعة لها أو لورثتها من رأس ماله”.

نفقة المطلقةويعرض الأستاذ أحمد محمد شاكر للآيات التي أوجبت المتعة، ثم يقول: “والخلاف في وجوب المتعة للمطلقة المدخول بها، ولغير المدخول بها إذا سمى لها الصداق: خلاف معروف مفصل في كتب التفسير والفقه. والذي نرضاه ونختاره وجوبها لكل مطلقة إلا بالتي سمي مهرها ولم يدخل بها.

جمعا بين الآيات، واستعمالا لكل آية في نصها وموضعها، وهو مذهب الشافعي، وقول لأحمد واختاره ابن تيمية[4].

وذلك أن الآيتين 236-237 من سورة البقرة تدلان على أن المطلقة قبل الدخول إذا لم يسمى لها مهر كان لها المتعة، وإذا سمى لها المهر كان لها نصف المهر، ونصها {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين. وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح…} أما الآية 49 من سورة الأحزاب فظاهرها أن المطلقة قبل الدخول لها المتعة، ولم تقيد بعدم تسمية المهر، فذهب كثير من الفقهاء إلى حمل هذه الآية المطلقة على الآيتين المقيدتين. فلم يجعلوا المتعة للمطلقة قبل الدخول مع تسمية المهر، واعتبر بعضهم أن متعتها الواجبة هي نصف المهر الواجب لها[5]. ونص هذه الآية من سورة الأحزاب هو قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا}.
أما وجوب متعة المدخول  بها فقد ثبت بقوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا}[6].

ومما سبق يتضح جليا على أنه لا خلاف بين الفقهاء في مشروعية نفقة المتعة على عكس آرائهم في نوع هذه المشروعية.
نفقة المتعة حسب الحالة الاجتماعية
_______________________
[1] سورة البقرة الآية 239.
[2] سورة البقرة الآية 234.
[3] راجع تفسير ابن كثير ج 1 ص 439.
[4] نظام الطلاق في الإسلام ص 125 والتي سمى مهرها ولم يدخل بها لها نصف المسمى بنص الآية 237 من سورة البقرة، وسيأتي القول بأن هذا النصف هو متعتها الواجبة.
[5] وممن قال بهذا أستاذ الشيخ علي حسب الله حيث يقول: فقوله تعالى: {فنصف ما فرضتم} معناه “فمتعوهن نصف ما فرضتم” الفرقة بين الزوجين ص 111.
[6] سورة الأحزاب الآية 28.

قرأوا أيضا...

1 فكرة عن “مشروعية نفقة المتعة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.