قانون الطوارئ وإنتهاك الحقوق والحريات

قانون الطوارئ وانتهاك الحقوق والحريات
مما لاشك فيه أن قانون الطوارئ من اشد القوانين خطورة وافتئاتا علي حريات وحقوق الأفراد لأنه بالأصل قانون استثنائي ولا يجوز أن يتخذ كقاعدة عامة لما له أيضا من تأثير في عرقلة قانون الإجراءات الجنائية واصبح العمل بالتشريعات العادية هو الاستثناء بالرغم من أن قانون العقوبات الجديد تناول ظاهرة الإرهاب إلا أنه لا يعمل بتلك النصوص و الجدير بالذكر أن مصر مرت بمراحل تاريخية مختلفة ورضخت تحت القوانين الاستثنائية وقانون الطوارئ منذ عام 1914 وحتى تاريخنا هذا مرت بفترات متقطعة  .

إلا أنها متواصلة منذ عام 1981 عقب اغتيال الرئيس الراحل محمد انور السادات الى يومنا هذا  .

1- نص المشرع في المادة الأولى من القانون رقم 162 لسنة 1958 على أنه يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضى الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب او قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث إضرابات في الداخل أو كوارث عامة او انتشار وباء .

وقد جاء في حكم محكمة النقض في الطعن رقم 2913 لسنة 54 ق جلسة 3/4/1985 .

” حق رئيس الجمهورية في إصدار أوامر القبض والاعتقال وفقا لقانون الطوارئ مقيد قانونا بحيث لا يتناول سوي المشتبه فيهم والخطرين على الامن والنظام العام ووفقا للمنصوص عليه في المرسوم بقانون رقم 98 لسنه 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم وفيما عدا هاتين الحالتين لا يسوغ التغول على الحريات العامة والمساس بحق كل مواطن في الأمن والحرية ”

وكان لقانون الطوارئ أثره السيئ على الأهالي وأسر السجناء وذويهم داخل جدران السجون في الحماية القانونية والضمانات للسجين – والأمن والطمأنينة لذويهم خارج السجون .

فحملات التفتيش التي لا تنتهي من قبل رجال المباحث وضباط مباحث امن الدولة على الأسر والأهالي في منازلهم واقتحامها بعد منتصف الليل وحالات الذعر والفزع التي تصيبهم وخاصة إنتهاك الحرياتالتي تصيب الأطفال و تقلب كل شيء و تبعثره بحثا عن أي شيء و بسؤال الأسر و الأهالى عمن يزورهم ، ومن يسأل عنهم كل ذلك أصابهم في  نفوسهم المحطمة ، لأنها حملات لا تنتهي و إذلال أمام الأهل و الجيران و كأنها رسالة  واضحة أن هذا الشي سوف يحدث لكل من يقترب منهم .

و تقول إحدى أمهات المعتقلين عن حملات المداهمة و تكسير الأبواب قررت ترك  باب البيت مفتوحا  حتى لا يقوموا بتكسيره و في إحدى المرات اخذوا صور أبنائى الصغار و تواريخ ميلادهم و لا أعرف السبب فقد أصبت باليأس و العزلة و أصبحت حرمة بيتي بلا عزاء .

و امتد تأثير قانون الطواري لينعكس بدوره علي الحالة الصحية داخل السجون ففي ظل الحالات الصحية المتأخرة و ضعف الإمكانيات و انتشار الأوبئة و الأمراض كالدرن و الكبد الوبائي و حساسية الصدر و الضعف العام و الكلي و حالات الشلل و الروماتيزم داخل السجون و خاصة سجن الوادي الجديد كل ذلك انعكس علي أهالى و أسر المعتقلين و هم يرون ذويهم أمام أعينهم تفترسهم الأمراض و هم عاجزون عن مد يد العون إليهم حتى الدواء لا يسمح بدخوله لعلاجهم إلا حسب أهواء الضباط  هذا في حالة توفير ثمن العلاج و إحضاره أما في حالة عدم القدرة علي إحضار العلاج فما العمل ؟! وبالرغم من التقدم بالعديد من البلاغات عن الحالة الصحية المتردية و في المرة التالية يجدون حالته و قد تأخرت ، ومن ثم ينتاب الأسرة إحساس بخيبة الأمل فابنهم  محروم من ابسط قواعد الإنسانية و هي علاجه بالإضافة الي مشاكل الزيارة نفسها قاسية و شاقة و معاملة لا آدمية للأسر و السجين في أغلب السجون و أن كانت هناك معاملة جيدة للأهالى في القليل منها و خاصة في الآونة الأخيرة .

إذن أين الملاذ و الملجأ الأخير للخروج من هذا الوقع ؟!! الذي قد يؤثر عليهم باستمرارية لا تنتهي فليس لديهم إلا المطالبة بتطبيق قانون الطوارئ و اخذ الحق منه واللجوء الي التظلم من قرار الاعتقال وتحكم لهم المحكمة بالإفراج ولكن هذا الحكم لا ينفذ فعليا ليصلوا إلي نتيجة مفادها . أن قانون الطواري ينفذ في حالات الاعتقال و لا ينفذ في حالات الإفراج . كيف ذلك ؟!

عندما تقوم أسرة المعتقل بإجراء تظلم من أمر الاعتقال لذويهم و يأتى حكم المحكمة بالإفراج عن المعتقل ، فهنا يحق لوزير الداخلية الاعتراض علي قرار الإفراج  في خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإفراج ، فتقدم وزارة الداخلية الاعتراض مرفقا بمستندات و مذكرات و يعرض الأمر علي المحكمة . فتقوم المحكمة بتأييد الإفراج .

فيتم أخذ المعتقل إلى مباحث أمن الدولة أو قسم الشرطة أو فرق الأمن المركزي أو أحد المستودعات و يصدر له أمر اعتقال جديد و يعاد به إلي السجن ذاته أو ينقل الي سجن آخر .و أحيانا كثيرة يصدر قرار الاعتقال في نفس اليوم الذي يصدر فيه  حكم المحكمة بالإفراج .

كل هذا يحدث و نحن حيال ذلك لا يسعنا إلا التركيز علي ما يصيب الأهالى  والأسر و ما يتعرضون له و الإحساس بالظلم الذي سرعان ما يتسرب بل يتأكد  بالإحساس بالظلم و القهر و غياب العدالة عن المجتمع في ظل أصعب القوانين تطبيقا وهو ما يؤدي بدوره إهدار كل القيم ومبادئ العدالة مما يشعرهم بأنهم يعيشون في مجتمع يحوطهم بالعزلة و الانطواء .

و هنا يبرز دور الحكومة في ضرورة النهوض برعاية أسر السجناء و المعتقلين خاصة و التركيز علي الناحية المادية التي كانت السبب الرئيسي في تدهور الأحوال المعيشية و الاجتماعية و تشرد الأسر و التسرب من التعليم و خاصة الأطفال . فقد كان من الأولى أن يكون هناك دور للحكومة في الاهتمام بهذه الأسر بصرف النظر عن أي اعتبارات أخري مهما كانت و إلا تكون العقوبة مزدوجة علي المعتقل و الأسرة .
تأثير الاعتقال أو السجن على اسر السجناء والمعتقلين

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.