سلبيات مبدأ حرية البنك في توزيع عمليات الائتمان

سلبيات مبدأ حرية البنك في توزيع عمليات الائتمان – المطلب الثاني :
إذا كانت المادة 112 من القانون البنكي الجديد تكرس حقا أي شخص في فتح حساب لدى مؤسسة بنكية فإن هذا القانون لم يعمل خلاف لذلك على إقرار نفس المبدأ بالنسبة للإتمان أي أنه لم يقرر الحق في الائتمان بل ترك الأمر للمؤسسات البنكية التي تظل لها كامل الحرية في دراسة طلبات الائتمان و الاستجابة لها أو رفضها أي أن المبدأ في توزيع الائتمان هو حرية البنك في منحه للزبناء ،إلا أن الملاحظ على المستوى العملي كون هذا المبدأ غالبا ما يتم تحريفه و الخروج به عن الغاية التي من أجله ثم إقــراره

وذلك بتطبيقه بصورة معيبة من قبل المؤسسات البنكية ،حيث أن المهيمن في تعامل المؤسسات البنكية مع طالبي الائتمان هو السلوك الانتقائي الذي ينطلق من خلفيات مؤسسات الائتمان على هاجس البحث عن العملاء الذين يحقق منحهم الائتمان الربح الكثير للبنك ،و ليس من خلفيات يتحكم فيها هاجس تلافي المخاطر التي يمكن أن تنتج عن تقديم تسهيلات ائتمانية للزبون غير الجدير بذلك بحكم سلوكه الشخصي أو وضعه المالي، الأمر الذي يجعل من إنتقاء الزبناء عملية خاضعة لطابع تحكمي محض عن طريق اعتمادها على وضع الشروط و اختلاق العلل غير القانونية لإقصاء الأشخاص غير المرغوب فيهم من دائرة توزيع الائتمان[1].

و لهذا فرض المشرع المغربي من خلال المادة 116 من القانون 34-03 على المؤسسات البنكية بأن تبلغ إلى علم الجمهور الشروط التي تطبقها على جميع عمــلياتها.

وذلك وفق الإجراءات التي يحددها والي بنك المغرب بعد موافقة لجنة مؤسسات الائتمان.

إلا أنه مع ذلك و على غرار ماهو سائد في المعاملات البنكية ليس هناك توحيد لشروط منح الائتمان بين مختلف المؤسسات البنكية من جهة ،و بين طالبي الاستفادة من العملية الائتمانية الواحدة لدى البنك الواحد من جهة أخرى مما يبرر وجود خروقات للقواعد القانونية في هذا الإطار لاسيما المادة 116 السالفة الذكر[2].

فمن قبيل الاختلافات في شروط توزيع الائتمان بين البنوك نجد أن جل البنوك لا تتحمس لإبرام عمليات ائتمانية مع الأفراد بالقدر الذي تتحمس به لهذا الغرض إذا تعلق الأمر بالشركات التجارية،كما نجد أن بعض البنوك تشترط لمنح تسهيلات ائتمانية للزبون أن يتوفر هذا الأخير على دخل معين.و بهذا تبين أن تطبيق مبدأ حرية البنك في توزيع الائتمان المتجسدة في الممارسات الانتقائية للمؤسسات البنكية للزبناء ،و هذه الممارسات أحيانا تكون ضارة بطالب الائتمان الذي لا يستطيع في مثل هذه الأحوال إثبات أي خطأ تجاه البنك المعني بالأمر بمسائلته مدنيا عما يلحقه من أضرار من جراء هذه الممارسات[3].

خـاتـمة:
فمجمل القول فبالرغم من أهمية عمليات الإيداع في مزاولة البنوك لنشاطها كما سبقت مناقشته في العروض السالفة،يلاحظ أن عمليات الائتمان تكتسي أهمية أكبر من ذلك في العمل البنكي،أي أن الإيداع البنكي لا يعدو أن يكون سوى وسيلة تلجأ إليها البنوك لكي تتمكن من مواجهة عملياتها الائتمانية التي تعد الغاية الرئيسية من نشأة البنوك،كما يلاحظ على المستوى العملي أن الائتمان البنكي يعتبر ضروريا للفاعلين الاقتصاديين في إنجاز عملياتهم التجارية و الصناعية،حيث أن التاجر مهما كثرت أمواله الخاصة قد لا يكون بمقدوره إجراء جميع معاملاته بما هو متوفر لديه من سيولة نقدية حيث يكون في جميع الأحوال مضطرا للجوء إلى تقنيات الائتمان البنكي.

و نشير في هذا الإطار أنه بالرغم من كون المؤسسات البنكية تخضع فيما يخص توزيعها للائتمان العديد للعديد من القواعد التي تنظم مسؤوليتها تجاه الزبناء،يلاحظ أن المناخ الليبرالي الذي تزاول فيه هذه المؤسسات نشاطها يدفع بها إلى التعامل ما طالبي الائتمان بمنطق السوق، دون الأخذ بعين الاعتبار لمصالح الزبناء،و يتمثل ذلك على الخصوص في السلطة التقديرية للمؤسسة البنكية أثناء توزيع الائتمان  وفقا لمبدأ حرية البنك في منح الائتمان إلا أنه نظرا للعيوب التي تشوب هذا المبدأ، نرى أنه من اللازم على المشرع المغربي إعادة النظر فيما يخص هذا المبدأ ووضع قيود معينة عن حرية البنك في توزيع الائتمان و ذلك من جهة حماية للزبناء و من جهة ثانية للنهوض بالمؤسسة البنكية لأداء دورها المتمثل في الرقي بالاقتصاد الوطني نحو التطــــور و الازدهـــــــار.

لائحة المراجع
المؤلفات:
1- محمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة و القانون البنكي،مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء-الطبعة الثانية يناير 2001.
2- محمد لفروجي: صعوبات المقاولة و المساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها-مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء-الطبعة الأولى سنة 2000.
3-على جمال الدين عوض: عمليات البنوك من الوجهة القانونية-دار النهضة العربية-الطبعة غير مذكورة.
4- عائشة الشرقاوي المالقي: الوجيز في القانون البنكي المغربي: مطبعة دار أبي رقراق للطباعة و النشر- الطبعة 1-سنة 2004.
5- المختار بن أحمد عطار: الوسيط في القانون المدني، مصادر الالتزامات- مطبعة النجاح الجديدة البيضاء، الطبعة الأولى، 2002.
6-سميحة القيلوبي الأسس القانونية للعملية البنوك مكتبة شمس القاهرة،بدون طبعة.
7-محي الدين إسماعيل علم الدين: موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية و العلمية.

الأطروحات:
8- محمد لفروجي: القانون البنكي المغربي و حماية حقوق الزبناء،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص،كلية الحقوق،جامعة الحسن الثاني عين الشق،سنة 1996-1997.
9-مينى حربي: موقف البنك من تمويل المقاولة التي تعترضها صعوبات مالية،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،وحدة قانون التجارة و الأعمال، جامعة محمد الخامس السويسي، السنة الجامعية 2003-2004.

النصوص القانونية:
10- القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها رقم 03-34، الجريدة الرسمية عدد 5397،20 فبراير 2006.
11- مدونة التجارة: قانون رقم 95-15، الجريدة الرسمية عدد 4418، 3 أكتوبر 1996.
12-قانون الالتزامات و العقود المغربي وفق آخر التعديلات بظهير 11/08/1998، منشورات وزارة العدل.

المراجع باللغة الفرنسية:

-13Philippe Neau-leduc, droit bancaire,DALLOZ,2 édition,2005.
-14Henry Terrel et Henry le jeune :Traité Des opérations commerciales debougue, 5 éme éditions .
–15Grégoire curien :le crédit –documentaire ,Danot –Paris 1998.

الفهرس
المبحث الأول: عمليات الائتمان البنكي……4
المطلب الأول :الائتمان البنكي المباشر……4
فقرة أولى:القرض….4.
فقرة ثانية:الاعتماد البسيط ….6
فقرة ثالثة :الاعتماد المستندي…..9
المطلب الثاني :الائتمان البنكي غير المباشر …….14
فقرة أولى:الكفالة البنكية القائمة على الالتزام…..14
فقرة ثانية: قبول الكمبيالات كليلية ائتمانية بواسطة التوقيع …….16
فقرة ثالثة :خطاب الضمان …..16
المبحث الثاني :مسؤولية المؤسسة البنكية بخصوص عمليات الائتمان:…18
المطلب الاول :أهم الالتزامات بالتحري عن مدى جدارة الزبون بالائتمان البنكي …19
الفقرة الأولى:الالتزام بالتحري عن مدى جدارة الزبون بالائتمان البنكي .. 19
الفقرة الثانية :ضرورة ملائمة الائتمان لمصلحة الزبون…19
الفقرة الثالثة : الالتزام بمراقبة استعمال قيمة الائتمان ….20
الفقرة الرابعة :الالتزام باحترام مدة الائتمان….21
المطلب الثاني :سلبيات كمبدأ حرية البنك في توزيع عمليات الائتمان …24
خاتمة……27
لائحة المراجع …..28
عمليات الإئتمان البنكية
_________________________
[1] -أ محمد لفروجي : العقود البنكية ،المرجع السابق ،ص :446 .
[2] – تنص المادة 116 من القانون البنكي 34 -03 :” يجب أن يخبر الجمهور وفق الشروط المحددة ،بمنشور يصدره والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان بالشروط التي تطبقها مؤسسات الائتمان على عملياتها و لاسيما فيما يتعلق بسعر الفوائد المدينة والدائنة و العمولة و نظام تواريخ القيمة”.
[3] – محمد لفروجي : العقود البنكية ،المرجع السابق ،ص :448 .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.