التنفيذ المباشر على القيم المنقولة الإسمية

مدى إمكانية التنفيذ على شهادات الاستثمار الفقرة الثالثة
ينص المشرع المغربي في المادة 285 ق ش م على ما يلي:” يجب أن تكون شهادة حق التصويت اسمية ، وتكون شهادة الاستثمار قابلة للتداول، وتساوي قيمتها الاسمية قيمة الأسهم. وحينما تكون الأسهم مقسمة تكون شهادات الاستثمار كذلك، وانطلاقا من هذا النص يتبين على أن شهادات الأستثمار تكون قابلة للتداول مثلها مثل الأسهم وسندات القرض. وما يؤكد ذلك هي المادة 286 ق ش م حيث إذا كانت تمنع عن تفويت شهادات حتى التصويت إلا برفقة شهادة الاستثمار، فإنها تجيز القيام بتفويتها إلى حامل شهادة الاستثمار، مما يؤدي إلى إعادة تكوين السهم في الحالتين وهذا ما يؤكد إمكانية انتقال شهادات الاستثمار على غرار الأسهم وسندات القرض.
هذا ويمكن لأصحاب شهادات الاستثمار أن يستردوا قيمتها قبل انتهاء مدتها طالما تم الاتفاق على ذلك ويتم تسوية هذه المبالغ بعد اعتماد الجمعية العامة للميزانية والقوائم المالية. كأن يصدر الصك لمدة خمس سنوات، ويجوز استرداده بعد مرور عامين مثلا.

ومما سبق يمكن القول بإمكان الحجز على قيمة هذه الشهادات بعد استردادها ،بل يمكن الحجز عليها تحت يد الشركة التي تصدرها وحتى قبل حلول أجل استردادها وبما أنها يمكن الحجز عليها، فإنه يمكن القول بإجراء التنفيذ على شهادات الاستثمار متى تم الاتفاق بين الشركة مصدرة هذه الشهادات وأصحابها على جواز استردادها في أي وقت أو بعد مرور فترة زمنية معينة من إصدارها .

الفصل الثاني : طرق التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
تعد القيم المنقولة التي تصدرها شركة المساهمة والتي يمتلكها المدين بصفة عامة من ضمن الأموال التي تدخل في نطاق الضمان العام للدائنين، مما يجعلها بالتالي قابلة للتنفيذ عليها جبرا، وتبعا لذلك فقد عملت التشريعات المختلفة بطرق متفاوتة على تنظيم كيفية اقتضاء الدائن لحقه من خلال التنفيذ على القيم المنقولة التي تكون للمدين لدى الشركة المصدرة لها [1].

وينقسم التنفيذ استنادا لمحل الالتزام إلى تنفيذ مباشر وتنفيذ بطريق الحجز، ومعيار التفرقة بين التنفيذ المباشر والتنفيذ بطريق الحجز يكمن في طبيعة محل الالتزام، ذلك أنه إذا لم يكن محل الالتزام مبلغا من المال كان التنفيذ مباشرا ، أما إذا كان مبلغا من المال كان التنفيذ عن طريق الحجز. وتتميز حالات التنفيذ المباشر بكونها قليلة وعدم اعتناء العديد من التشريعات بتنظيم أحكامها بدقة، في حين نجد حالات التنفيذ بطريق الحجز قد اهتمت بها أغلب التشريعات ونظمت أحكامها وإجراءاتها بدقة، ولعل ذلك يرجع إلى أن التنفيذ بالحجز الذي محله مبلغا من المال يثير العديد من الإشكالات والصعوبات ، أكثر من تلك المتعلقة بتنفيذ الالتزام الذي محله مبلغ من المال. إلا أن ذلك لا يحول دون البحث عن القواعد التي تحكم التنفيذ المباشر وذلك بالرجوع إلى القواعد العامة التي تحكمها المسطرة المدنية مادام أن المشرع المغربي هو الآخر لم يعتن بتنظيم أحكام التنفيذ الجبري المباشر على القيم المنقولة .

المبحث الأول : التنفيذ الجبري المباشر على القيم المنقولة :
يعرف التنفيذ الجبري بأنه هو الذي تجريه كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو إذا اقتضى الحال طبقا لمقتضيات الفصل 439 من ق م م ويكون بطلب من المستفيد من الحكم، وذلك تحت إشراف ورقابة رئيس المحكمة بناء  على حكم أصبح قابلا للتنفيذ حسب الفصل 429 ق م م ، ومستوف للشروط القانونية التي ينص عليها القانون استيفاء لحق الدائن الثابت بالحكم والذي لم ينفذه المدين اختياريا وهو يحصل بعد تبليغ الحكم للمحكوم عليه وإعذاره بالوفاء دون أن يتعرض أو ينكر أو يقوم بالوفاء اختياريا [2].
وتتميز حالات التنفيذ الجبري المباشر كما سبقت الإشارة إلى ذلك بكونها قليلة ولم يعتن المشرع المغربي بتنظيم أحكامها إلى جانب عدة تشريعات أخرى مما يفرض علينا البحث في القواعد العامة من أجل سد الفراغ الحاصل .

وقبل العمل على تناول التنفيذ الجبري المباشر على القيم المنقولة لحاملها في ( مطلب ثاني ) سوف نتولى دراسة التنفيذ الجبري المباشر على القيم المنقولة الإسمية في (المطلب الأول ) .

المطلب الأول : التنفيذ المباشرة على القيم المنقولة الاسمية وإجراءاته
سنعمل على معالجة هذا المطلب بتقسيمه إلى فقرتين ، نتحدث في الأولى على التنفيذ المباشر على القيم المنقولة الإسمية، وفي الفقرة الثانية إجراءات التنفيذ على هذا النوع من القيم .

فقرة أولى : التنفيذ المباشر على القيم المنقولة الإسمية
بعد حصول الدائن على سند تنفيذي يقضي بإجراء التنفيذ ضد أموال المدين، فإن إجراءات التنفيذ الجبري المباشر لا تبدأ إلا إذا سبقها إعلان السند التنفيذي للمدين، وتكليفه بالوفاء ثم يليه بعد ذلك تقديم طلب التنفيذ الجبري .

أولا : إعلان السند التنفيذي للمدين وتكليفه بالوفاء
يتعين على عون التنفيذ قبل إجراءات التنفيذ الجبري أن يبلغ إلى المدين الحكم المكلف بتنفيذه وينذره بالوفاء بما قضى به الحكم، وذلك حتى تمنح الفرصة للمدين من أجل الأداء إن كانت له رغبة في ذلك أو إن كان بإمكانه القيام بذلك، هذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 440 من ق م م حيث ورد فيها ما يلي: ” يبلغ عون التنفيذ إلى الطرف المحكوم عليه ، الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حالا أو بتعريفه بنواياه”.

وباستعمال المشرع لمصطلح ” حالا” يكون قد ألزمه بالتنفيذ في الحين ولم يمنح للمدين مدة معينة حتى يستطيع أن يتدبر أمره للوفاء بالتزاماته، حتى يتجنب إجراءات التنفيذ ضده، وذلك خلافا لبعض التشريعات الأخرى التي منحت للمدين آجالا متفاوتة كالقانون الفرنسي الذي منحه أجل ثمانية أيام طبقا للمادة 71 من اللائحة التنفيذية رقم 800/92 الصادرة في 31 يوليوز 1992 لقانون الاجراءات المدنية للتنفيذ، أما المشرع المصري فقد منحه أجل يوم واحد طبقا للمادة 281/4 من قانون المرافعات في حين نجد المشرع الإماراتي قد منحه اجل 15 يوما من قانون إجراءاته المدنية .
ويقوم عون التنفيذ بهذا التبليغ داخل أجل عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ من طرف المدين حسب الفقرة 2 من الفصل 440 من ق  م م .

وفي حالة ما إذا طلب المدين آجالا من أجل أداء الدين يقوم عون التنفيذ بإخبار الرئيس بذلك، حيث يتولى هذا الأخير حجز أموال المدين تحفظيا إذا بدا ذلك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيد من الحكم[3] . أما إذا فرض المدين الوفاء أو صرح بعجزه عن ذلك اتخذ عون التنفيذ الإجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 440 من ق م م  .

أما في حالة وفاة المدين قبل التنفيذ سواء كان كليا أو جزئيا فإن  العون المكلف بالتنفيذ يقوم بتبليغ الحكم إلى الورثة المعروفين ولو كان قد بلغ موروثهم وذلك من أجل قيامهم بالتنفيذ باعتبارهم خلفا عاما. ونلاحظ هنا أن المشرع أشار إلى مصطلح ” الورثة المعروفين” في الفقرة 1 من الفصل 443 من ق م م وهذا معناه أنه ليس ضروريا أن يقوم عون التنفيذ بتبليغ كل الورثة، بل يكفي تبلغه المعروفين حتى يسري على الجميع من أجل قيامهم بالتنفيذ.

ثانيا : طلب التنفيذ الجبري
لا يؤدي مجرد حصول الدائن على سند تنفيذي إلى قيام العون بالتنفيذ من تلقاء نفسه، بل لابد من تقديم طلب إليه بذلك من صاحب الصفة في التنفيذ، فالتنفيذ حق شخصي يملكه صاحب الحق في التنفيذ، واستعماله يتوقف على إرادة صاحبه، فلا يمكن إرغام شخص على اقتضاء حقه جبرا [4].

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يشر إلى شكل طلب التنفيذ، هل يجب أن يكون مكتوبا أم يكفي أن يكون شفويا، وهو نفس الشيء بالنسبة للمشرع المصري ، لكن الفقه يرى ضرورة أن يكون طلب التنفيذ مكتوبا، وأن يتضمن بيانات معينة ، تتمثل في اسم طالب التنفيذ ولقبه،واسم المنفذ ضده ولقبه، وموطنه، فضلا عن تحديد طريق التنفيذ الواجب الاتباع على الأموال محل التنفيذ إذا تعلق الأمر بتنفيذ بطريق الحجز [5].
التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
___________________________________
[1] – أسامة أحمد شوقي المليجي :” التنفيذ على الأوراق المالية  … ” ، مرجع سابق، ص  : 52.
[2] – الطيب برادة :” التنفيذ الجبري في القانون المغربي “، مرجع سابق، ص  273.
[3] – الفقرة 3 من الفصل 440 ق م م .
[4] – أسامة أحمد شوقي المليجي، مرجع سابق، ص  114
[5] – أسامة احمد شوقي المليجي ، مرجع سابق، ص  114.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.