التهرب الضريبي الناتج عن عدم وضوح النص القانوني

الفقرة الثانية: تعامل القاضي الإداري مع ظاهرة التهرب الضريبي:
إذا كان القاضي الإداري مدعو للتوفيق بين ضمان حقوق الملزمين تجاه إدارة الضرائب، فهو ملزم كذلك بما تقتضيه المصلحة العامة من تمويل لميزانية الدولة بمجموعة من الضرائب. والملزم دائما يحاول أن يتملص من أداء الضريبة في كل مرحلة أتيحت له الفرصة، وذلك إما في مرحلة الإقرار أو في مرحلة التصحيح وحتى عند رفع الدعوى أمام القضاء[1].

ويتخذ التهرب الضريبي عدة أشكال يمكن إجمالها في التهرب الناتج عن تأويل نص قانوني والتهرب الناتج عن تقاعس الإدارة في اتخاذ إجراء معين.

أولا: التهرب الضريبي الناتج عن عدم وضوح النص القانوني
إن الإشكال الذي يطرح هنا هو عندما ترد القاعدة القانونية الضريبية غامضة أو أن تأويلها يحتاج إلى أكثر من تفسير وهنا فالقاضي الإداري يعمد إلى تبني التفسير الأصلح للملزم.

لقد أحدث الظهير الشريف المؤرخ في 31/12/1979 المتضمن للأمر بتنفيذ قانون المالية لسنة 1980 ضريبة تسمى ضريبة التضامن تتعلق بالأراضي غير المبنية وفي تطبيق هذا القانون من طرف إدارة الضرائب أخضعت أرضا في طور البناء إلى المقتضيات المذكورة ولما ر فع النزاع أمام المحكمة صرحت بإلغاء الضريبة بعلة:

إن المشرع في ضريبة التضامن لم يذكر حالة الأراضي الواقعة في طور البناء صراحة وبالتالي فإن هذه الأراضي مستثناة وفق ما يفهم من مطلع البند الأول من الفقرة الثالثة من القانون المشار إليه، وأضافت المحكمة أنه من المعلوم أن النص الضريبي يفسر لصالح الملزم وان الأصل في الأشياء الإباحة وأن فرض التكاليف المالية لا يكون إلا بنص صريح.[2]

وفي قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى اعتبرت بأن عقد الهبة لا يخضع للضريبة على الأرباح المهنية لأن المشرع لم يدرج عقد الهبة من بين العقود الخاضعة للضريبة المذكورة وقد جاء في القرار: “حيث ركز وزير المالية في بيان وجه استئنافه على أن الفصل 6 من ظهير 31 /12/1959 ينص على أنه فيما يخص الملزمين بالضريبة المباشرين شراء العقارات أو بيعها أو بغير ذلك من المضاربات العقارية فإن مقدار المعاملات يتألف من مبلغ البيوعات والتخليات حيث اعتبر الإدارة بان هذا النص جاء بعبارات واضحة وتشمل جميع التفويتات بصفة عامة ولم تستثن عقد الهبة”.

لكن الغرفة الإدارية اعتبرت بأن النص واضح كما ذهب إلى ذلك وزير المالية وأوردت الحيثية الآتية:” لكن حيث لئن كان النص المستدل به يجعل مقدار المعاملات يتألف من مبلغ البيوعات والتخليات فإن ذلك مقيد في صدر النص بالبيوعات أو بغيرها من المضاربات العقارية والهبة لا تدخل ضمن المضاربات العقارية لأن الواهب لم يحقق ربحا ولم يستوف  مقابلا”[3].
المطلب الأول: القاضي الجبائي ودوره في تشجيع الاستثمار
المبحث الثاني: سبل الحد من ظاهرة التهرب الضريبي
الفصل الثاني: التهرب الضريبي والفعالية الاقتصادية
إشكالية التهرب في القانون الضريبي
________________________
[1] – أحمد الصايغ ، تعامل القاضي الإداري مع ظاهرة التهرب الضريبي ، مجلة دفاتر المجلس الأعلى العدد 8  2005 ص
[2] – حكم رقم 232/98 الصادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 30/12/98 في الملف عدد 129 -98 غ
[3] – قرار الغرفة الإدارية عدد 673 بتاريخ 27/6/2002 في الملف بالإداري رقم 93/5/1 /99

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.