القيود الاتفاقية على التنفيذ الجبري على القيم المنقولة

ثانيا- القيود الاتفاقية:
فضلا عن القيود القانونية التي نص عليها المشرع، فقد يتضمن النظام الأساسي في الشركة قيودا تحد من إمكانية المساهم من التصرف في أسهمه، وتستهدف هذه القيود اعتبارات مختلفة “بعضها قد يرجع إلى الرغبة في الإبقاء على الطابع الوطني للشركة إذا كانت مؤسسة برؤوس أموال وطنية ويرغب المؤسسون في منع رؤوس الأموال الأجنبية من الدخول في الشركة بتحريم التصرف في الأسهم للأجانب”[1]، وبعضها قد يستهدف إيجاد نوع من الاعتبار الشخصي المفقود في شركات الأموال بحرمان بعض الأشخاص الذين لا يتمتعون بثقة الشركاء ويعتبرون غير مرغوب فيهم من دخول الشركة.

ولقد استقرت التشريعات المختلفة على صحة هذه القيود شريطة أن لا يكون من شأنها منع المساهم كليا من التنازل عن الأسهم وإلغاء مبدأ حرية تداول الأسهم أو جعل هذا التداول مستحيلا، باعتبار أن هذا المبدأ من السمات المميزة لشركات المساهمة بصفة عامة، وإن حق المساهم في التصرف في أسهمه من الحقوق الأساسية المتعلقة بالنظام العام.
ومن القيود الاتفاقية المعمول بها، هناك إيقاف تداول الأسهم على موافقة الشركة، حيث يتم إدراج هذا الشرط بصياغات متنوعة منها على سبيل المثال “إخضاع تفويت الأسهم إلى الغير لموافقة الشركة” ويكون الإدراج صراحة في النظام الأساسي للشركة ولقد نصت المادة 253 من القانون رقم 17.95 المغربي على هذه الإمكانية.
والملاحظ أنه، قد ثار نقاش حول تحديد من هو “الغير” الذي قصدته المادة 253 من القانون المذكور أعلاه وما يقابلها في المادة 274 من القانون الفرنسي، حيث كان التساؤل قائما حول تحديد المقصود بالغير، هل يخص الأجنبي عن الشركة أو يشمل المساهمين في الشركة أيضا.

وبنا على ما تقدم، “فلقد بتت محكمة النقض الفرنسية في نقض تجاري بتاريخ 10 مارس 1976 و24 فبراير 1987” في هذا الإشكال ذاهبة إلى أن شرط موافقة الشركة على التفويت لا تجري على المساهمين وأن هذا الشرط كأنه لم يكن بالنسبة إليهم”[2].
وفي جميع الأحوال، لا يطبق شرط موافقة الشركة على تفويت الأسهم بالرغم من إدراجه في النظام الأساسي في حالات حددها المشرع المغربي في (المادة 253 من القانون رقم 17.95) وهي:
– تفويت الأسهم في حالة الإرث أو التفويت للزوج أو التفويت للأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية.
بالإضافة إلى ذلك، لا يكون لهذا الشرط مفعول تجاه الأسهم للحامل، حيث قيد المشرع إمكانية التنصيص في النظام الأساسي على الأسهم الإسمية فقط في المادة 253 من القانون رقم 17.95 في فقرتها الثانية.

وإدراكا من المشرع بخطورة وضع مثل هذه القيود على تفويت الأسهم إلى الغير ومدى انعكاسه على سوق البورصة، فقد أتى المشرع بتقييد جديد أيضا يحد من نطاق تطبيق هذا الشرط ويتعلق الأمر “بالعروض العمومية في سوق البورصة وكان ذلك بمقتضى (المادة 15 من القانون رقم 26.03 لسنة 2004) المتعلق بالعروض العمومية بسوق البورصة، الذي لا يمكن في شركة مقصودة الاعتراض على المبادر لعروض عمومية لسوق البورصة بشرط الموافقة المنصوص عليها في (المادة 253 من القانون رقم 17.95)[3].
ولتحقيق هذه الغاية أيضا، فقد أفرد المشرع مقتضيات قانونية خاصة فيما يتعلق بالأسهم المسعرة بالبورصة المقيدة بموجب الشرط الوارد في النظام الأساسي، بمقتضيات استثنائية تتناسب مع طبيعة هذا السوق القائم على السرعة في إبرام المعاملات في سوق البورصة، وتتعلق هذه المقتضيات أساسا بالأجل والسعر، ولقد وردت المقتضيات القانونية الخاصة بالأسهم المسعرة في (المادة 255 من القانون رقم 17.95) وهذه المقتضيات هي:
“- عند التداول عن طريق البورصة لأسهم مسعرة واستثناء من أحكام المادة 254، يتعين على الشركة ممارسة حقها في الموافقة داخل الأجل المنصوص عليه في النظام الأساسي والذي لا يمكن أن يتجاوز30 يوما من أيام البورصة”، ولكن السؤال المطروح في هذا السياق، هو في حالة عدم موافقة الشركة على المشتري، فما هو الحل القانوني لهذاالإشكال؟

أجابت (المادة 255 الفقرة 2 من نفس القانون) على الإشكال المطروح ونصت على أنه يتعين على “مجلس الإدارة الجماعية أو مجلس الإدارة داخل أجل 30 يوما من أيام البورصة ابتداء من تاريخ تبليغ الرفض، العمل على شراء الأسهم من طرف أحد المساهمين أو أحد الأغيار أو من طرف الشركة لأجل تخفيض رأس المال”، ولكن يوجد إشكال آخر مطروح بهذا الصدد، وهو أن المشرع لم يحدد الجهة المختصة بالنظر في موافقة الشركة هل هي الجمعية العامة العادية أو الجمعية العامة غير العادية أو مجلس الإدارة الجماعية أو مجلس الرقابة الجماعية، وعلى هذا يرى الاستاذ –أحمد شكري السباعي- أنه يتوجب تحديد هذه الجهة في النظام الأساسي وإلا كانت حسب منظوره “الجمعية العامة العادية” بالنصاب والأغلبية المنصوص عليهما في المادة 111 من القانون رقم 17.95.

أما بالنسبة للسعر الذي يحدد قيمة الأسهم، فيكون حسب ما حدده المشرع المغربي (بمقتضى المادة 255 الفقرة 2 من القانون رقم 17.95) سعر التداول الأول في سوق البورصة، وإذا لم يكن هنالك تسعير في ذلك اليوم، تم الأخذ بآخر تسعير في اليوم السابق للرفض، وعند انعدام الأجل المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 255 من القانون رقم 17.95 وهو الثلاثين يوما من أيام البورصة ابتداء من تاريخ تبليغ الرفض، ومالم يعمل على “شراء الأسهم من طرف أحد المساهمين أو من طرف الأغيار أو من طرف الشركة” حينها اعتبرت الموافقة حاصلة[4].
التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
___________________________________
[1] – فوزي محمد سامي: الشركات التجارية والأحكام العامة والخاصة، م..س.ص.140.
[2] -أورده أحمد شكري السباعي: الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، شركات المساهمة، الجزء الثالث، م.س.ص.110.
[3] – عصام عبد الله ملحم: البورصة وعملية تداول الأسهم، م.س.ص.155.
[4] – عصام عبد الله ملحم: البورصة وعملية تداول الأسهم، م.س.ص.15.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.