عدم تضارب الحكم الأجنبي مع مدونة الأسرة

سادسا : أن يؤسس الحكم الأجنبي على أسباب لا تتنافى مع تلك التي قررتها مدونة الأسرة لإنهاء العلاقة الزوجية
ويعتبر هذا السبب التي جاءت به مدونة الأسرة في مادتها 128 سببا خاصا لتعلقه بحالات إنهاء العلاقة الزوجية دونغيرها من المشاكل الأسرية الأخرى .
ولنا على هذه المادة مجموعة من الملاحظات نختزلها في التساؤل حول الباعث على إصدار هذه المادة ضمن مقتضيات مدونة الأسرة رغم وجود نصوص قانونية مماثلة في قانون المسطرة المدنية؟ ثم لماذا هذا الاهتمام الخاص بحالات إنهاء العلاقة الزوجية دون غيرها من المنازعات الأسرية الأخرى؟
للجواب على هذه الأسئلة لابد من الرجوع إلى المقتضيات الجديدة التي تضمنتها مدونة الأسرة المتعلقة بانحلال العلاقة الزوجية والمتمثلة أساسا في تكريس حق الزوج في إنهاء العلاقة الزوجية بصفة منفردة ولكن تحت مراقبة القضاء ، وخلق وسيلة جديدة لإنهاء العلاقة الزوجية يستفيد منها الزوجان معا، تجاوزت الحدود التي رسمتها مدونة الأحوال الشخصية والتي كان مستبعدا بالنسبة للزوجة إنهاء العلاقة الزوجية خارج إطارها . وهذه الوسيلة هي المنصوص عليها في المادة 94 وما يليه من مدونة الأسرة والمعبر عنها بمسطرة التطليق بسبب الشقاق.
وإن هذه المسطرة وإن جعلها المشرع في متناول الزوجين حسبما يستفاد من صياغة المادة 94، إلا أنها في الواقع جاءت لمتنح للزوجة الحق في إنهاء العلاقة الزوجية بصفة انفرادية وإن كانت هي كذلك تحت إشراف ومراقبة القضاء، ليتساوى بذلك حقها مع حق زوجها في إنهاء العلاقة الزوجية انطلاقا من مبدأ المساواة بين الجنسين.

وهكذا أصبحت الزوجة غير المدخول بها من حقها أن تسلك هذا الطريق بمجرد العقد عليها وأصبح من حق المطلقة رجعيا التي يرغب زوجها في رجعتها أن تمانع في ذلك بعد الخطاب على رسم الرجعة بسلوك مسطرة الشقاق ( المادة 124) وهو حق مكفول أيضا للزوجة المتضررة من العيش مع زوجها والتي تعذر عليها إثبات الضرر ( المادة 100) بل إنه أكثر من ذلك يتعين على المحكمة في حالة عدم رغبة الزوجة في زوجها من غيرها في إطار مسطرة التعدد وعدم طلبها التطليق أن تسلك المحكمة تلقائيا مسطرة التطليق بسبب الشقاق ويكون الحكم الصادر على الموضوع نهائيا ( المادة44) [1].
كما ان للزوجة التي لم يستجب لها زوجها في طلب الخلع أن تلجأ إلى مسطرة الشقاق ( المادة 120) ثم ختم المشرع هذه المستجدات بفرض حضانة لها بالتنصيص على أن المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية ( الفقرة الأولى من م 128 ) .
وبذلك يكون المشرع قد وضع أرضية خصبة مهدت للفقرة الثانية من المادة 128 بحيث أصبح طبقا لهذه المادة من غير المتصور صدور حكم قضائي مغربي يرفض تذييل حكم أجنبي قضى بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية مادامت جميع الأسباب التي يمكن تصورها لإنهاء العلاقة الزوجية متوفرة بموجب هذه المقتضيات الجديدة، وبطبيعة الحال، إذا ما تم استبعاد شرط عدم مخالفة النظام العام  يسرا مع ما يعتبر الإحالة على مقتضيات الفصل 430 قاصرة على الإجراءات المسطرية فقط [2]

وهذا كان ما يتعلق بتعريف تذييل الأحكام الأجنبية والإطار القانوني المنظمة لها وكذا شروط تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية فماذا عن التعليق على بعض الأحكام الصادرة بهذا الخصوص الصادرة عن مختلف المحاكم قسم قضاء الأسرة ، بجهة مكناس تافيلالت لسنتي 2004- 2005.
الخطبة والزواج
_________________________
[1] – الواقع العملي أثبت أن بعض المحاكم لا تلجأ إلى مسطرة الشقاق تلقائيا في حالة رفض الزوجة الموافقة على التعدد وعدم طلبها التطليق ومع ذلك تضفي على أحكامها وصف النهائية . مع مقتضيات المادة 44 من مدونة الأسرة التي تعتبر الحكم الصادر بخصوص الإذن بالتعدد غير قابل لأي طعن إنما قررت ذلك بعد انتهاء الخصومة بموافقة الزوجة على التعدد أو بالتطليق أو بسلوك المحكمة تلقائيا لمسطرة الشقاق ، أما وأن الحكم القاضي بالإذن بالتعدد قد صدر بالرغم من إرادة الزوجة فإن حرمانها من طرف الطعن فيه مساس بحق من حقوق الدفاع
[2] عبد الرحيم ، حاوض ، نفس المرجع السابق ، ص  239 – 240

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.