أبعاد حملة الإعلام الأمريكي ضد الإسلام

2 – أبعاد الحملة ضد الإسلام في الإعلام الأمريكي
لعل من ابرز واشد التحولات التي نتجت عن انتهاء ” الحرب الباردة هو تحول الموقف الأمريكي من الإسلام إلى النقيض بعد أن كان ينظر إليه خلال الحرب الباردة على انه الحليف الاستراتيجي ضد الشيوعية على اعتبار ان السلام معادي للشيوعية الإلحادية.

وقد انعكس هذا الوصف كذلك على الصورة النمطية والتعليقات التي أصبحت تقدها وسائل الإعلام الأمريكية ضد الإسلام، وهذا ما أدى إلى ربط الإرهاب بالعرب والمسلمين وتعزيز روح وطنية شعوبية باتت تميل إلى العنصرية لا إلى التمسك بقيم ديمقراطية.

وهذه بعض ما ورد في الوسائل الأمريكية:
في كتيب بعنوان ” لماذا يهدد الإسلام أمريكا والغرب” يقول اثنان من قادة المحافظين في أمريكا، همت بول ويريش ووليام لند” بكل بساطة، الإسلام دين حرب… يجب أن نشجع المسلمين الأمريكيين على المغادرة. غنهم طابور خامس في هذا البلد”. والمعلقة الصحفية المعروفة آن كولتير قالت في إحدى مقالاتها ” يجب أن تغزو بلادهم، نقتل قادتهم ونحولهم إلى المسيحية[1]”. أما القس فرانكلين غراهام ابن القس بيللي غراهام أحد أشهر الانجليزيين  في أمريكا، فإنه يصف الإسلام في إحداث عظاته بأنه ” دين كثير الشر والخبث[2]”.

والمبشر الأصولي” جيري فالويل” قال في برنامج” 60 دقيقة” الذي تبثه محطة ” سي.بي .أس” أن النبي محمد إرهابي [3]” و القس المتطرف “بات روبرتسون” الذي يملك شبكة فضائية دينية وصف الإسلام في أحدى مقابلاته التلفزيونية بأنه “خدعة كبيرة ” وأن النبي محمد ” كان مجرد متطرف لقد كان سارقا وقاطع طرق”ن وتقول آن: ” هؤلاء لا يحرفون الإسلام إنهم يطبقون ما في الإسلام”.

عن تحليل القوى الدافعة للحملة ضد الإسلام في الولايات المتحدة يوضح ان الأفكار التي يروج لها قادة إسرائيل حول الخطر الإسلامي، قد وجدت من يتبناها ويروج لها سواء بين مؤيدي إسرائيل  أو بين غيرهم . وتستهدف الحملة الدعائية التي تقوم بها إسرائيل ضد الإسلام في الولايات المتحدة الرأي العام الأمريكي بصفة عامة، وصانع قرار الإدارة والكونغرس بصفة خاصة[4].

ولعل من ابرز من تبنوا الأفكار الإسرائيلية المعادية للإسلام، موتيمرزو كرمان رئيس تحرير صحيفة يو إ س نيوز اند ورلد ريورت الذي كتب في 22 مارس 1993 الذي يقول: أن المسلحين المسلمين قد حلوا بالفعل محل الشيوعيين كعدو رئيسي للديمقراطية والليبرالية الغربية”. كالكاتب فيرجس بورديش مقالا بمجلة ” ريدرز دايجست” في يناير 1995 بعنوان ” الحرب المقدسة تواجهنا ” انطلق فيه من أحداث العنف والحرب الأهلية في الجزائر ليحمل على الأصولية الإسلامية حملة شديدة واعتمد في ذلك على آراء اثنين من اكبر نؤيدي إسرائيل وهما روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن سياسات الشرق الأوسط التابع اللوبي الإسرائلي في واشنطن، ودانيال باييس المدير السابق لمعهد بحوث السياسة الخارجية في فيلاديلفيا. وقد نقل الكانت دانيال  بايس قوله ” أن الأصوليين ليسوا مجرد مسلمين تقليديينن كما أن المتطرفين ليسوا مجرد مجرمين ولكنهم مؤمنون متحمسون. وعندما يسمع الأصوليون أنهم يمكن قبولهم طالما أنهم لا يستخدمون العنف فإنهم يقومون ببساطة بفصل أجنحتهم السياسية عن أجنحتهم العسكرية وبهذه الخريطة يبعدون أية مسؤولية لهم عن أعمال العنف التي يقوم بها الجناح العسكري[5]”.

وقد كتب أمورس بير لمترد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية ورئيس تحرير مجلة دراسات إستراتيجية في العام 1995 يقول: ” أن انتهاء الحرب الباردة لا ينبئ بقيام نظام عالمي جديد، بقدر ما ينبئ باشتغال النزاعات الأصولية والقومية المتعصبة. عن الإيديولوجية الفاشية والإيديولوجية النازية التي كانت قائمة في الثلاثينات ظهرت مرة أخرى في أماكن من العلم الإسلامي في صورة الأصولية الإسلامية التي تشكلت في حركيات شعبية ” ديكتاتورية ومعادية للغرب والتي تستهدف تعليم الصليبين الحاليين بعض الدروس في العنف  المتطرف. و لا شك أن مناطق العالم التي تعاني حاليا من أعمل عنف هي المناطق التي يظهر فيها المتطرفون الإسلاميون. إن الغرب لا يمكن أن يسمح بأن يحل نمط من الديكتاتورية محل الآخر …أي أن تحل الأصولية الإسلامية محل الشيوعية.

كيف إذن أن الدولة استباحت أقدس مبادئها ( مبدأ الحرية) وأحيت طقوس حروب حصارية وإعلامية بامتياز من خلال إطلاقها لمجموعة من المصطلحات – الحملة على الإرهاب – التي تستهدف المواطن العربي والإسلامي  لا كأفراد ومن منظمات فحسبن بل وكذلك كدول وشعوب. فهو المستهدف الأول من الحملة إياها، عبر اختزال العروبة والإسلام وربطها بـ ” الإرهاب” وباستهداف دولة الرفاهية والحرية والديمقراطية وقيم الأخلاق الليبرالية وهو المستهدفة تشويها وتحريفا وتجريحا بشكل صارخ ومباشر[6].

وكمثال واضح يكرس هذه الصورة ما قام به ستفن ايمرسون المعروف بولائه لإسرائيل، حيث أنتج برنامجا تلفزيونيا لمحطة التلفزيون العامة بي. بي. س بعنوان ” جهاد في أمريكا” أذيع في 21 دجنبر 1994، وقد انطلق ايمرسون في هذا البرنامج من حادث تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك  الذي أدين فيه مسلمون وقد استهدف هذا البرنامج – كما قال والتر جولدمان  الناقد التلفزيوني لصحيفة نيويورك – تايمز – اتهام جميع المنظمات الإسلامية المعروفة في أمريكا بأن لها علاقة بالمتطرفين الذين يقومون بأعمال العنف  بعد أن كانت الفكرة السائدة هي أن المتطرفين الإسلاميين أقلية ضئيلة من المسلمين.

وقد هاجم المسلمون في جميع أنحاء الولايات المتحدة هذا البرنامج والصورة المشوهة التي استهدفت تقييمها الإسلام وأقاموا دعاوى قضائية ضده، ولعل من أبشع ما فعله ايمرسون في هذا البرنامج انه قام بوضع إجابة احد المسلمين وهو الدكتور سامي العريان الأستاذ بجامعة تامبا بفلوريدا عن احد الأسئلة مكان سؤال آخر، واتخذها ذريعة لتأكيد صحة شعاراته المغلوطة وغير الصحيحة ضد الإسلام.
وقد رفع ايمرسون في برنامج ” جهاد في أمريكا” شعارين أساسين يركز ضمنها على أن الأصولية الإسلامية حركة دولية قامت لبث الرعب في العالم الغربي.

وأن هناك شبكة وتنظيم دولي يجمع الجماعات الأصولية الإسلامية تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقرا لها. وقد فشل ايمرسون في تقديم أية أدلة مادية على صحة اتهاماته هذه. وقد عبر عن ذلك فيليب ولكوكوس مسؤول مكتب مكافحة الإرهاب بالخارجية الأمريكية عندما قال في العام 1995 ” رغم وجود اتصالات غير رسمية بين الإسلاميين – خاصة في الخارج- حيث يجدون ملجأ آمنا لهم وتزداد فرصهم لجمع التبرعات إلا انه ليس هناك دليل مادي مؤكد على وجود شبكة دولية تنسق بين الجماعات الإسلامية المختلفة وتسيطر عليها”. وعلى هذا الأساس لم تعطي السلطات الأمريكية المسؤولة اهتماما الإتهامات ايمرسون  حول شبكة الإرهاب الإسلامي في الولايات المتحدة[7].

وقد أعاد ايمرسون المحاولة في مقال طويل نشرته صحيفة نيوريبدليك في 12 يونيو 1995، اتهم فيه الجمعات الإسلامية المتطرفة بإقامة مراكز سياسية ومالية وصناعية لها في الولايات المتحدة الأمريكية واعى أن مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI قد وضع متابعة هذه الشبكة على رأس أولوياته. وقد اعتمد ايمرسون في اتهاماته هذه على أقوال مصادر إسرائيلية ومصادر مجهولة ومسؤولين سابقين . ولم يعتمد على مصدر مسؤول فيدرالي واحد أو مسؤول امن لدعم هذه الاتهامات[8].
الإعلام الأمريكي وتضليل الحقائق
_____________________________
[1] : ورد هذا الكلام في مقال لنبيل دجاني : ” أجهزة الإعلام الغربية وموضوع الإرهاب” ، مركز دراسات الوحدة العربية، ” العرب والإعلام القضائي ” سلسلة كتب المستقبل العربي ط 3 ص 80.
[2] :  Nicolas Kistal «  Bigotyin in islam- and here », new yanks times 9 / 7 / 2002, jeny falwell «  60 minutes » goctober 2002 ( cbs interview).
[3] : أنظر “السفير” 3 / 11 / 2002 .
[4] : ارثرلوريا: ” أبعاد الحملة ضد الإسلام في الإعلام الأمريكي”، دراسة في الخطاب  الصهيوني”،.
2 – مستقبل الإسلام السياسي من وجهة نظر أمريكية تقديم احمد يوسف ط 1 – 2001 المركز الثقافي العربي.
[5] : ارثر لوري: أبعاد الحملة …ضد الإسلام”ن مرجع سابق ص 150 – 151 .
[6] : يحيى اليحياوي: ” ***في التكنولوجيا والإعلام…” مرجع سابق ص 57.
[7] : ارثر لوري ” أبعاد الحملة…” مرجع سابق ص 151 – 152.
[8] : نفس المرجع ص 152.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.