مظاهر حرية التعبير: حرية الصحافة الوطنية والأجنبية

حرية الصحافة – الفقرة الثانية:
إن حرية التعبير عن الرأي وإبداؤه لا تمارسان فقط من خلال التجمعات العمومية بل كذلك من خلال وسائل الإعلام، ومن بين هذه الوسائل نجد حرية الصحافة التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد في 10 دجنبر 1948  حيث نصت المادة 198 منه على ما يلي: “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق في اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستيفاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”. وهذا الأمر أكده العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 19 ديسمبر 1966 من خلال مادته 19 والتي تنص على ما يلي:
“- أ- لكل إنسان حق اعتناق الآراء دون مضايقة.
ب- لكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب ومطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

فمن خلال هاتين المادتين يتبين أنه من بين الوسائل المقررة للتعبير عن الرأي نجد حرية الصحافة وذلك من خلال ما ورد ذكره في المادتين أعلاه (تلقيها وإذاعتها بشكل مكتوب أو مطبوع أو قالب فني).

وفي المغرب نظمت حرية الصحافة بمقتضى عدة ظهائر خاصة ظهير 21 نونبر 1958 المعدل بظهير 28 ماي 1960 وظهير 10 أبريل 1973.
ولكي تؤدي الصحافة دورها المتمثل في حرية الرأي فالمشرع أحاطها بمجموعة من الشروط سواء تلك المتعلقة بإصدار الصحافة الأجنبية (ثانيا) أو تلك المتعلقة بإصدار الصحافة الوطنية (أولا).

أولا: الصحافة الوطنية
وضع المشرع فيما يخص إصدار الصحافة شروطا سواء تلك المتعلقة بالمصدر أو تلك التي تعتبر إجراءات:
فيما يخص الشروط المتعلقة بمصدر الصحيفة: سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا أن يتم تعيين مدير للنشر حيث ينص الفصل 4 من ظهير 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة بالمغرب أنه “يجب على مدير النشر أن يكون رشيدا قاطنا بالمغرب متمتعا بحقوقه الوطنية” كما “أن جميع أرباب الصحف أو الشركاء أو المساهمين أو مقرضي الأموال أو الممولين أو المساهمين حرية الصحافةالآخرين في الحياة المالية يجب أن يكونوا ذوي الجنسية المغربية” .

– فالمستفاد من هاذين النصين أن المشرع اشترط في هذا الشخص أن يكون ذا جنسية مغربية وأن يكون قاطنا بالمغرب ولعل مرد ذلك سهولة الوصول إليه في حالة إثارة المسؤولية.بالإضافة إلى كونه متمتعا بكل من حقوقه المدنية، ولم يسبق الحكم عليه بأية عقوبة تجرده من حقوقه الوطنية”.

هذا فيما يخص الشروط المتعلقة بالمصدر، أما الشروط الإجرائية فتتجلى في ثلاث شروط:

– الشرط الأول : وهو ما نص عليه الفصل الخامس من ظهير 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة والذي ينص “يجب أن يقدم قبل نشر كل جريدة أو مطبوع دوري إلى المحكمة الابتدائية أو عند عدمها إلى المحكمة الإقليمية بالمكان الذي توجد فيه إدارة الجريدة وتحريرها تصريح في ثلاث نظائر يتضمن البيانات التالية:
– اسم الجريدة أو المطبوع الدوري وطريقة نشره.
– الحالة المدنية لمدير النشر والمحررين الدائمين وكذا جنسيتهم ومحل سكناهم.
– الإشارة إلى المطبعة المعهود إليها بالطباعة.
– رقم تسجيل المقاولة بالدفتر التجاري إذا اقتضى الحال ذلك.
– مبلغ رأسمال الموظف في المقاولة مع بيان أصله وجنسية أرباب السندات
الممثلة في رأسمال الشركة إذا كان الأمر يتعلق بشخصية معنوية.
– بيان اللغة أو اللغات التي ستستعمل للنشر”.

ويتضح إذن ضرورة تقديم تصريح كتابي في ثلاثة نظائر إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمكان الذي يوجد فيه المقر الرئيسي للجريدة ويتضمن التصريح باسم الجريدة والحالة المدنية لمدير النشر والحالة المدنية للمحررين الدائمين وكذا جنسيتهم ومحل سكناهم. اسم المطبعة المكلفة بالنشر وبيان اللغة أو اللغات المستعملة إضافة إلى رقم تسجيل المقاولة في الدفتر التجاري.

– الشرط الثاني : ( يجب أن يكون التصريح كتابيا في ثلاثة نظائر ويمضيه مدير النشر ويسلم عنه وصل) .
فهذا الفصل ينص على أن يوقع مدير النشر التصريح إلى الجهات المختصة، ويسلم مقابل ذلك وصلا مؤقتا مختوما ومؤرخا. على أن الوصل النهائي يتسلمه مدير النشر وجوبا داخل أجل أقصاه 30 يوما وهو ما جاء به التعديل الجديد لسنة 2002.
وينضاف إلى قائمة التعديلات مسألة جواز إصدار النشر دون انتظار تسلم الوصل النهائي بعد انصرام مدة 30 يوما إضافة إلى إلزام مدير النشر بتعيين مدير مساعد للنشر.
– الشرط الثالث: كل تعديل يدخل على بيانات التصريح يجب الإخبار به في أجل لا يتعدى 15 يوما .

ثانيا: الصحافة الأجنبية.
قبل البدء في الشروط الواجب توفرها في مصدر الصحافة الأجنبية لابد أولا من الوقوف على مفهومها. فالمشرع يعتبر “أجنبية كل جريدة أو نشرة دورية كيفما كانت لغتها تصدر كلا أو بعضا بواسطة أموال أجنبية أو يديرها أجنبي”  وعليه فإن الصحيفة تعتبر أجنبية حسب هذا الفصل إذا كان مديرها أجنبيا وإذا صدرت بأموال أجنبية.

أما فيما يخص شروطها بالإضافة إلى الشروط الواجب توفرها في التصريح عندما يتعلق الأمر بالجرائد الوطنية نجد الظهير أخضعها لشروط أكثر صرامة تتمثل في نظام الترخيص . وبعبارة أوضح لا يجوز للجريدة الأجنبية أن تصدر إلا بعد حصول المسؤولين عنها على إذن سابق بمرسوم بعد تقديم طلب كتابي إلى مصلحة السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال حسب ما يقرره الفصل الخامس والذي يتطلب من المسؤول عن أي جريدة وطنية أو أجنبية إخبار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمكان ومقر الجريدة أو المطبوع والحالة المدنية عن المسؤولين عن إصدارها وطباعتها…

المطلب الأول: مظاهر حرية الرأي
المبحث الثاني: حكم حرية الرأي في القوانين الوضعية
الفصل الأول: مفهوم حرية الرأي وتأصيلها التاريخي
الباب الأول: حرية الرأي، مفهومها، تأصيلها، وحكمها
حرية الرأي والعقيدة بين الشريعة والقانون

 

حرية الرأي والعقيدة بين الشريعة والقانون

__________________________
– أحمد الدراجي –التنظيم القانوني للصحافة في البلدان العربية ص.53.(المجلة العربية لحقوق الإنسان عدد 97/04).
– الفصل 12 من ظهير 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة بالمغرب.
– الحريات العامة (الهياض) أستاذة بكلية الحقوق مكناس (2009-2010) ص27.
– الفصل 6 من ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بقانون الصحافة.
– محمد ضريف.م.س.ص.145.
– الفصل 28 من ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بحرية الصحافة.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.