الأطفال الذين ترد عليهم الكفالة, شروط الكفالة

وضعية القاصر في ظل مدونة الأسرة
الباب الثاني: وضعية الطفل المتكفل به وحقوق الأطفال في التركة
الفصل الثاني : وضعية الطفل المتكفل به
لم يعرف القانون المنظم للأسرة الكفالة, ولكنها تعني التزام الشخص الكافل برعاية المتكفل به والسهر على تربيته خلاف التبني الذي لا ينتسب الطفل المتكفل به إلى الكافل كما هو الشأن بالنسبة لأبنائه الشرعيين، لأن الغرض من الكفالة هو القيام بعمل إنساني يرمي أساسا إلى ضمان حياة اجتماعية سليمة للطفل المتكفل به وكذلك إلى إعطاء الفرصة للأشخاص الذين أرادوا أداء هذا العمل الخيري على وجه البر والإحسان تقربا إلى الله عز وجل.
وإذا كانت الكفالة لم تخضع فيما مضى لأية مسطرة قانونية تذكر فإنها أصبحت اليوم تخضع لبعض الأحكام التي تتعلق خاصة بكيفية الحصول على الطفل قصد التكفل به، وكذلك بتسوية وضعية المتكفل به تجاه جهاز الحالة المدنية وفي إطار هذا الفصل تندرج القواعد التي تنظم الكفالة  أي القواعد التي تحدد الأطفال  الذين ترد عليهم الكفالة ( مبحث أول) ثم شروط الكفالة ( مبحث ثاني ) والحماية القانونية المقررة للطفل المتكفل به ( مبحث رابع) وأيضا حقوق الطفل المتكفل به .

المبحث الأول : الأطفال الذين ترد عليهم الكفالة
عرف القانون رقم 01 –15   الطفل الذي ترد عليه الكفالة بمفهوم الطفل المهمل، وقد وضع هذا القانون مجموعة من الشروط التي يجب الالتزام بها من أجل كفالة طفل مهمل، هذه الشروط التي تختلف باختلاف شخص الكافل، حسب ما تنص عليه مقتضيات المادة 9 من القانون رقم 01-15 ومن خلال كل هذا سنتطرق في هذا المبحث إلى مفهوم الطفل المهمل في مطلب أول وفي مطلب ثاني سنتطرق للتصريح بالإهمال وأخيرا في المطلب الثالث سنتعرض لشروط الكفالة .

المطلب الأول : مفهوم الطفل المهمل
المشرع المغربي لم يعط تعريفا صريحا للطفل المهمل، فإذا عدنا إلى المادة الأولى من القانون 01-15 المتعلق  بكفالة الأطفال المهملين فإننا نجد المادة تقول :” يعتبر مهملا الطفل من كلا الجنسين الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة، إذا وجد في إحدى الحالات التالية :
إذا ولد من  أبوين مجهولين أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها
إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش
إذا كان أبواه  منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن كما في حالة سقوط الولاية الشرعية أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر ، أو عجزه عن رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه
من خلال هذه المادة يتبين أن المشرع المغربي لم يعرف الطفل المهمل وإنما قام بحصر الحالات التي يتم الاعتداد فيها بالطفل المهمل هذه الحالات جاءت على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال ومن تم على القاضي الالتزام بها وعدم الخروج عنها.
لم يميز المشرع المغربي في الطفل المهمل بين الذكر والأنثى واشترط أن يكون الطفل مهملا الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره إلا جانب ذلك نجده في الشرط الثاني في المادة 1 يتحدث عن الحالات التي يعتبر فيها الطفل مهملا والتي سنتطرق لكل حالة على حدة وذلك وفق الشكل الآتي  .

*الطفل المولود من أبوين مجهولين أو من أب مجهول وأم معلومة
في هذه الحالة نجد الطفل المولود من أبوين مجهولين حيث يتم العثور عليه في الطريق أو في أي مكان دون معرفة اسمه أو نسبه أو موطنه وهو ما يصطلح عليه باللقيط ، أي كل مولود طرحه أهله خوفا عليه من الغيلة أو فرار من تهمة الزنا .فهذا التحديد الذي أتى به المشرع ينطبق على المولود الذي عثر عليه في أي مكان عمومي حيث يتضح بعد البحث حول وضعيته أنه تم التخلص منه بهذه الطريقة من طرف أمه ، اتقاء من انفضاح أمرها والخوف من العار الذي يلوث سمعة أهلها لكون مولودها ثمرة علاقة جنسية خارج مؤسسة الزواج، أو نتيجة زنا المحارم أو اغتصاب  . وبالنسبة للحالة الثانية أي الطفل المولود من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه مع العلم أن مدونة الأسرة لا تعترف بالبنوة الشرعية التي يتبع فيها الابن أباه في الدين والنسب وينبني عليها الميراث وتنتج عنها موانع الزواج وتترتب عليها بالتالي حقوق وواجبات أبوية وبنوة   ولهذا لا تعترف مدونة الأسرة بشرعية بنوة الطفل غير الشرعي تجاه أبيه   ولا بالتبني   وإنما تعتبر البنوة غير الشرعية كالشرعية بالنسبة للأم فقط لأنه ولدها في جميع الحالات  .

*الطفل اليتيم والعاجز أبويه عن رعايته
في هذه الحالة نجد الطفل اليتيم أولا وثانيا الطفل العاجز والديه عن رعايته فبالنسبة للطفل اليتيم فهو من مات والداه وتركاه صغيرا ، ويجب أن يفقدهما معا لأن المدونة تضع الأم مكان الأب في حالة وفاته وذلك بمنحها الولاية عليه ولانفاق عليه في بعض الحالات والعناية باليتيم والمحافظة على ماله حيث جاء في عدة نصوص قرآنية منها قوله عز وجل ” ألم يجدك يتيما فأوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ، فأما اليتيم فلا تقهر ”  ( الآية 6 إلى 9 من سورة الضحى )
وبالنسبة للحالة الثانية حيث يدخل في هذه الحالة الطفل الذي عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش ويدخل في حالة عجز الأباء العاجزين المحكوم عليه  بعقوبة حبسية سالبة للحرية أو طرد الأب من العمل، والعجز لا يقصد به العجز المادي وإنما يدخل فيه حالة إصابة الأبوين بمرض مزمن أن الإعاقة التي تؤدي إلى تقليل تقديم الرعاية  الكافية لأطفالهما  .

*انحراف الأبوين :
لم يحدد المشرع المغربي المقصود بانحراف الأبوين هل هو انحراف أخلاقي أم قانوني و قد أبدى الأستاذ محمد الشافعي رأيه في هذا الصدد حول المقصود بالانحراف : هو خروج الشخص عما أقره المجتمع من سلوكات معينة أي لكل سلوك بعيد عن الأخلاق والقانون والقيم الدينية التي يتحلى بها كل إنسان سوي في المجتمع فبالنسبة للوالدين يتمثل الانحراف لديهما في تعاطيهما للفساد مثلا والمخدرات أو الخمر وغيرها من السلوكات غير الأخلاقية والمحرمة شرعا وقانونا
وللاعتداد بالقول بأن الطفل بحسب تأثير سلوك أبويه المشين على تربيته ورعايته لأن هذا السلوك يمكن أن يؤثر عليه شخصيا وبالتالي يدفعه بدوره في عالم الانحراف هذه هي مجمل الحالات التي يكون فيها الطفل مهملا والتي تعرض لها المشرع على سبيل الحصر في المادة الأولى من القانون رقم 01-15.

المطلب الثاني : التصريح بالإهمال
تنص المادة الثالثة من القانون رقم 01-15 ” يحب على كل شخص عثر على طفل مهمل أن يقدم له المساعدة والعناية التي تستلزمها حالته وأن يبلغ عنه على الفور مصالح الشرطة أو الدرك أو السلطات المحلية لمكان العثور عليه إلى جانب هذه المادة نجد المادة 31 من نفس القانون تقضي بأنه يعاقب الشخص الذي يمتنع عمدا عن تقديم المساعدة أو العناية التي تستلزمها حالة طفل وليد مهمل أو عن إخبار مصالح الشرطة أو الدرك أو السلطات المحلية لمكان العثور عليه بالعقوبات المقررة في القانون الجنائي . إلى جانب ذلك نجد الفصل 469 من القانون الجنائي الذي يقضي بعقوبة حبسية من شهر إلى شهرين وغرامة بمئتي درهم أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك في حق الشخص الذي عثر على وليد ولم يخبر ضابط الحالة المدنية أو السلطات المحلية والهدف من وراء كل هذه النصوص التشريعية  هو الحفاظ على حياة الطفل
ويجب لاعتبار الطفل مهملا ضرورة استصدار حكم بذلك من المحكمة المختصة وهذا ما نصت عليه المادة 4 من القانون السابق الذكر ومجمل قول هذه المادة أن المحكمة المختصة هي إما محكمة مقر لإقامة الطفل أو محكمة مكان العثور على الطفل وعلى إثر  ذلك يقوم وكيل الملك بتقديم طلب التصريح بأن الطفل مهملا إلى المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل أو مكان العثور عليه أو مقر المركز الاجتماعي المودع به إذن فالنيابة العامة هي المختصة وحدها بتقديم الطلب ولا يقبل من غيرها إلى جانب تقديم طلب التصريح بالإهمال فوكيل النيابة يقوم عند الاقتضاء بجميع الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية .
بعد كل هذا تقوم المحكمة بإصدار حكم تمهيدي يتضمن كافة البيانات اللازمة للتعريف بالطفل فيما يخص أوصافه الجسمية وملامحه ومكان العثور عليه ونوعية الملابس التي يرتديها وبعد ذلك تأمر وكيل الملك بتعليق الحكم بجميع الجماعات المحلية والقيادة التابعة لمكان العثور على الطفل أو مكان إقامته أو كل مكان تراه المحكمة ملائما وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر  .
في حالة انصرام الأجل، ولم يتقدم أي من والديه أو أي شخص لإثبات أبوة الطفل ويطالب باسترداده فالمحكمة تصدر حكما تنص فيه بأن الطفل مهملا والحكم قابل للتنفيذ المعجل بقوة القانون رغم كل طعن  .
يقوم القاضي المكلف بشؤون القاصرين بالولاية على الأطفال المهملين يتم إيداع الطفل موضوع طلب التصريح بالإهمال بإحدى المؤسسات الصحية أو بإحدى مراكز أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية المهتمة بالطفولة سواء منها التابعة للدولة أو الجماعات المحلية أو الهيئات والمنظمات والجمعيات المتوفرة على الوسائل المادية والبشرية الكافية لرعاية الطفل المهمل أو لدى أسرة أو امرأة ترغب في كفالته أو في رعايته فقط، شريطة أن تتوفر في هؤلاء الاشخاص والمؤسسات الشروط المنصوص عليها في المادة 9 وذلك إلى أن يصدر الأمر بشأن الكفالة   المادة 8 من القانون 01-15.
فما هي إذن الشروط الواجبة في كفالة طفل مهمل ؟

المطلب الثالث : شروط الكفالة
حرمان الطفل المهمل من التربية والرعاية في كنف والديه لا ينفي مطلقا عدم الالتجاء إلى أشخاص أخرين من أجل منح هذه الرعاية والتربية السليمة، هؤلاء الأشخاص يمكن أن يكونوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين لذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين سنتطرق في الأول إلى الشروط اللازم توفرها في الأشخاص الطبيعيين والثاني للشروط اللازم توفرها في الأشخاص المعنوية .

الفرع الأول: الشروط المتعلقة بالأشخاص الطبيعية
استنادا إلى المادة التاسعة من القانون رقم 01-15 فإن كفالة طفل مهمل تسند إلى زوجين معا أو إلى امرأة بمفردها فبالنسبة للزوجين فقد اشترطت المادة 9 ضرورة أن يكونا زوجين مسلمين
أن يكون بالغين سن الرشد وصالحين للكفالة أخلاقيا واجتماعيا وسيوفران للطفل حاجياته أن لا يكون قد سبق الحكم عليهما معا أو على أحدهما بسبب جريمة تمس بالأخلاق وضد الأطفال
-أن يكون كل من الزوجين سليمين من كل مرض معدي أو مانع يحول دون تحمل مسؤوليتهما
-أن لا يكون لهما علاقة بوالديهما ولهما خلاف معهما سواء عائلي أو قضائي
هذه هي الشروط الواجبة توفرها في الزوجين الذين يريدان التكفل  بطفل مهمل وبالنسبة للمرأة التي تريد كفالة طفل فلا بد لها أيضا من الشروط السابقة الذكر إلى جانب كونها مسلمة .

الفرع الثاني : الشروط المتعلقة بالأشخاص المعنوية
من أجل تنشئة الطفل المغربي تنشئة سليمة ومنسجمة مع تقاليد وخصوصيات المجتمع المغربي، هناك نوعان من التنظيم المؤسساتي لرعاية الطفولة أولاها تتثمل في مؤسسات الطفولة وثانيا جمعيات ومنظمات رعاية الطفولة .
في هذا الصدد أوكل المشرع المغربي من خلال المادة 9 من قانون رقم 01-15 المؤسسات العمومية المكلفة برعاية الأطفال و الهيئات و المنظمات و الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعترف لها بصفة المنفعة العامة المتوفرة على الوسائل المادية والموارد والقدرات البشرية المؤهلة لرعاية الأطفال وحسن تربيتهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية من خلال كل ما تقدم يتضح أنه يمنع على المؤسسات الخاصة أن تستقبل الأطفال المهملين هذا المنع يسري أيضا على الهيئات والمؤسسات الأجنبية التي لا يعترف لها بصفة المنفعة العامة طبقا للمادة 9 من ظهير 15 نونبر 1958 المنظم لتأسيس الجمعيات بالمغرب  .
المشرع لم يشترط موافقة الطفل المهمل في حالة كون طالب الكفالة إحدى المؤسسات المنصوص عليها في المادة 12 من قانون 01-15  عكس الأشخاص الطبيعيين الذين يخضعون لموافقة الطفل المتكفل به فيما يخص موافقته وذلك عند بلوغه سن الثاني عشر  .
____________________
– محمد الشافعي الاسم العائلي والشخصي في نظام الحالة المدنية بالمغرب الطبعة الأولى سلسلة البحوث القانونية 7 ص  92.
– نشر بالجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 19 أغسطس 2002 ص  2362.
– محمد الشافعي كفالة الأطفال المهملين سلسلة بحوث القانونية رقم 14 دراسة في القانون المغربي التبني في القانون الفرنسي ص 16-17.
– محمد الشافعي ، مرجع سابق، ص  17.
– كفالة الأطفال المهملين للدكتور محمد الشافعي ص  18.
– المادة 144 من مدونة الأسرة
– المادة 148 من مدونةالأسرة
– المادة 149 من مدونة الأسرة
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  19.
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين،مرجع سابق، ص  219.
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  22
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  22
– انظر الفصل 431 من القانون الجنائي
– انظر الفل 469 من القانون الجنائي
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  27
محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  29
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  29
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  28
-كفالة الطفل المهملين الدكتور ، محمد الشافعي ، ص 38.
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  39
– محمد الشافعي ، كفالة الأطفال المهملين، مرجع سابق، ص  39

قرأوا أيضا...

6 أفكار عن “الأطفال الذين ترد عليهم الكفالة, شروط الكفالة”

  1. لم ينعم علي الله بنعمة الانجاب و اردت ان اسال ادا كانت كفالة ابن الزنى كاليتيم في الاجر و جزاكم الله خيرا على

  2. سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته انا ام عازبة وحاملا بطفل في شهر سابع اعيش في ضروف جد صعبة الله إجازكم بالخير ساعدوني هذا الرقم ديالي 0605914801 كنقلب على عائلة تكفل بهاد المولود

  3. السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    سيدة غير متزوجة مسلمة تبلغ من العمر 35 سنة ميسورة الحال، ترغب في التكفل بطفلة صغيرة يتيمة تعرف أسرتها الغير قادرة على تلبية حاجياتها و خوفا عليها من الاهمال و باتفاق مع أهلها
    تريد هذه السيدة معرفة الإجراءات التي يجب القيام بها و المصالح المهتمة بهذه القضايا و المسطرة المتبعة في هذه الحالة و لكم جزيل الشكر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.