قرار مجلس المنافسة بشأن الإحالة

القانون الجنائي للمنافسة
الفصل الثاني : القواعد المسطرية للقانون الجنائي  للمنافسة
الفرع الثاني: مسطرة المتابعة والحكم في الجرائم المخلة بالمنافسة

المبحث الأول: مسطرة المتابعة في الجرائم المخلة بالمنافسة أمام مجلس المنافسة
المطلب الثاني: قرار مجلس المنافسة بشأن الإحالة
بعد فحص مجلس المنافسة لمضمون الإحالة وبعد الاستماع إلى الأطراف, وأخذ المعلومات الكافية حول النازلة يتم اتخاذ القرار بشأنها وذلك من طرف الوزير الأول بناء على توصية من مجلس المنافسة, وتقتضي منا دراسة هذا القرار التطرق لكيفية اتخاذه (فقرة أولى ) ومضمونه ( فقرة ثانية ) وتنفيذه (فقرة ثالثة).
الفقرة الأولى: كيفية اتخاذ القرار
بتفحص كل مواد قانون حرية الأسعار المنافسة المغربي المتعلقة بالقرار الذي يصدر عن مجلس المنافسة يلاحظ أن المشرع المغربي أقر نوعا من التعاون, ووزع عبء مسؤولية هذا القرار بين كل من مجلس المنافسة والوزير الأول، فالأول يقدم التوصيات, ولكنها ملزمة, والوزير الأول يتخذ القرار أيضا بناء على هذه التوصيات.
وكيفما كان الحال يعتبر هذا القرار إداريا ومن شأنه أن يحدث أثارا على جانب من الأهمية سواء بالنسبة للطرف الذي يصدر لصالحه أو الذي صدر ضده لذلك اشترطت المادة 36 من ق, ح, أ, م, م أن يكون معللا تعليلا كافيا على وجه الوضوح, وذلك حتى تتمكن المحكمة الإدارية من فحص مدى شرعيته إذا ما تعرض للطعن أمامها.
كما أن القرار يلزم أن يبقى منحصرا فيما يدخل ضمن اختصاصات مجلس المنافسة وفيما يهم الممارسات المنافية لقواعد المنافسة طبقا للمادتين 6و7 فقط لا غير.
وتجدر الإشارة إلى أنه في فرنسا حدد القانون الداخلي لمجلس المنافسة بدقة, الشكليات التي تصاحب اتخاذ القرار ، فكل إعلان أو قرار أو رأي يصدر عن مجلس المنافسة يلزم أن يحرر في نظير واحد وأن يرفق بمحضر الجلسة التي صدر فيها هذا القرار. أما بالنسبة لنسخ هذه القرارات, فيلزم أن يشهر المقرر العام على مطابقتها للأصل  .
ونأمل أن يحدو المشرع المغربي حذو المشرع الفرنسي في تنظيم شكليات صدور القرار عن مجلس المنافسة .
الفقرة الثانية: الجزاء الذي يتضمنه القرار
إذا تأكد مجلس المنافسة من وقوع الأفعال المحالة إليه تحت طائلة المادتين 6و7 من ق, ح, أ, م, م خول له المشرع حسب منطوق المادتين 36و41 من ق, ح, أ, م, م مجموعة من السلطات التي يحق له أن يمارسها في إطار القرار الذي يصدره الوزير الأول، إذ يجوز لهذا الأخير الإلقاء ببعض الالتزامات على عاتق مرتكبي الممارسات بالمنافسة ( أولا) كما يجوز له في بعض الحالات إحالة الأمر إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ( ثانيا) فضلا عن نشر القرار المتخذ على نفقة المخالف ( ثالثا ).
أولا : الحد من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة
من أجل تحسين وضعية السوق, وإرجاع المنافسة إلى مسارها الطبيعي بعد تغييره بفعل الممارسات المنافية لقواعد المنافسة, يمكن للوزير الأول على ضوء توصية مجلس المنافسة وضع القيود على ممارسات الشركاء الاقتصاديين المسؤولين على وضعية التغيير هاته، وطبقا للمادة 36 من ق, ح, أ, م, م يجوز للوزير الأول أن يأمر بجعل حد للممارسات المنافية لقواعد المنافسة داخل أجل محدد, أو يفرض عليهم شروطا خاصة من قبيل عدة إجراءات تتحدد إما في الأمر بوقف بعض التصرفات  كرفض البيع أو الإعلان عن شروط بيع المستهلكين, أو منع كل الممارسات التجارية التي تشكل تواطؤ أو تعسفا في الوضع المهيمن    كما قد تشمل أيضا الأمر بضم إلغاء بعض الشروط التعاقدية  .
وفي حالة عدم احترام الأشخاص الخاضعين لهذا القرار وإجراءاته خول المشرع للوزير الأول إحالة الأمر إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية وهو ما سنتناوله ضمن النقطة الموالية .
ثانيا : إحالة الملف إلى وكيل الملك
تجدر الإشارة بداية إلى أن إجراء إحالة الملف إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية المختصة لإجراء المتابعة بشأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة لا يرتبط دائما بعدم تقيد المدعى عليهم بالأوامر والإجراءات السابقة, بل إن عملية الإحالة إلى وكيل الملك هاته يمكن أن يقوم بها الوزير الأول منذ اللحظة الأولى أي عند صدور القرار الأمر بجعل حد للممارسات غير المشروعة تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 36 من ق, ح, أ, م, م كما يمكن للوزير الأول أن يقوم بهذه الإحالة أيضا بناء على توصية من مجلس المنافسة إذا لم يتم التقيد أيضا بالتدابير التحفظية التي تطرقنا إليها سلفا.
وفي جميع الأحوال لاتعتبر الإحالة قيدا على النيابة العامة بل يبقى لهذه الأخيرة كافة الصلاحية لتقدير مدى توافر عناصر الدعوى العمومية التي تستتبع جزاءا جنائيا بل أكثر من ذلك يحق للنيابة العامة إجراء المتابعة حول هذه الممارسات دون تبليغ مجلس المنافسة بذلك, كما أن الأطراف المتضررين أيضا يحق لهم إجراء هذه المتابعة مادام أن هذه الممارسات قد رتب عنها المشرع جزاءا جنائيا .
ثالثا: نشر القرار
على خلاف عملية نشر القرارات التي تتم عادة في إحدى المجلات والجرائد المخصصة لنشر الإعلانات القانونية حسب الجهات التي تصدر عنها, فإن نشر القرارات التي تصدر بشأن منع الممارسات المنافية لقواعد المنافسة, يضاف إليها كجزاء تكميلي إعطاء الصلاحية للوزير الأول بناء على توصية مجلس المنافسة أو بدونها أن يأمر بنشر هذه القرارات في أية نشرة أو جريدة يراها مناسبة سواء في الصحف المحلية أو الجهوية أو الوطنية أو عن طريق جهاز مخصص لإعلام المستهلكين حسب طبيعة الممارسات المرتكبة, والأسواق والأماكن التي تتم فيها .
كما يمكن أيضا الأمر بتعليق هذا القرار في بعض الأماكن, وإذا تعلق الأمر بمقاولة    يجوز للوزير الأول كذلك أن يأمر تلقائيا أو بتوصية من المجلس المنافسة إدراج نص قراره في تقدير التسيير الذي يتم تحريره من طرف المسيرين أو مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية بشأن عمليات السنة المحاسبية.
إن عملية النشر هاته اعتبرها المشرع بمثابة جزاء يضاف إلى الجزاءات الأخرى التي يتضمنها القرار لذلك جعل نفقات النشر على عاتق الطرف الذي خالف أحكام المادتين 6و7 من قانون حرية الأشعار والمنافسة   .
يتضح مما سبق أن الجزاء الذي يمكن أن يتضمنه القرار الصادر بشأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة تبقى في جميع الأحوال محصورة في وقف هذه الممارسات دون أن تتعدى ذلك إلى منح تعويضات للمتضررين أو الحكم بالمصاريف أو النفقات…
الفقرة الثالثة: تنفيذ القرار
مما لا شك فيه أن أي قرار يكون قابلا للتنفيذ إلا إذا تم تبليغه بطريقة رسمية إلى من اتخذ في حقه, وفيما يهم القرار الصادر بشأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة لم يحدد المشرع المغربي بنص صريح إلزامية هذا التبليغ, اللهم فيما يتعلق بعملية النشر التي تطرقنا إليها سابقا, وذلك خلاف لما يتعلق بالقرار الصادر بشأن التدابير التحفظية حيث أوجب المشرع ضرورة تبليغه إلى طالبه وإلى من اتخذ في حقه كما رأينا سابقا .
أما بالنسبة للمشرع الفرنسي فقد حرص على ضرورة تبليغ قرار مجلس المنافسة الصادر بعد إحالة الأمر إليه إلى الأطراف المعنيين بالأمر, حيث عهد بمهمة التبليغ هاته إلى مكتب الدعوى بمجلس المنافسة مع ضرورة تضمين هذا التبليغ أجال الطعن في القرار وطرقه, وذلك تحت طائلة البطلان  .
________________
– Marie Chantal Boutrad labarde et Guy cavinet op. Cit. p 211-212.
– راجع الفصل الأول من هذا البحث المتعلق بالممارسات المخلة بالمنافسة.
– راجع الفصل الأول من هذا البحث المتعلق بالممارسات المخلة بالمنافسة.
– المادة 67 من ق, ح, أ, م, م ” يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وغرامة من 10.000 إلى 500.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص طبيعي شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية في تخطيط الممارسات المشار إليها المادتين 6، 7.”
– أنظر إلى مفيد الفارسي, المرجع السابق, ص 106.
– Marie Chantal Boutrad labarde et Guy cavinet op. Cit.  p 220.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.