اختصاصات القضائي كيفية إصدار أحكام بشأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة

القانون الجنائي للمنافسة
الفصل الثاني : القواعد المسطرية للقانون الجنائي  للمنافسة
الفرع الثاني: مسطرة المتابعة والحكم في الجرائم المخلة بالمنافسة

المبحث الثاني: اختصاصات القضائي كيفية إصدار أحكام بشأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة
بالإضافة إلى المساطر الإدارية المتبعة لزجر الممارسات المنافية لقواعد قانون المنافسة يمكن أن تكون هذه الممارسات محل دعاوى تعرض على المحاكم المختصة قضائيا للنظر فيها.
المطلب الأول: الاختصاص القضائي لقواعد قانون المنافسة
تجدر الإشارة إلى أن البث في دعاوى موضوع الممارسات المنافية لقواعد قانون المنافسة يتم إما من طرف المحاكم العادية سواء منها المدنية ذات الولاية العامة التي تبقى لها كل الاختصاصات التي لم ينص القانون لجهة قضائية أخرى للنظر فيها.
حيث هناك أيضا علاقة تكامل وارتباط بين المحاكم ومجلس المنافسة لكونها تستشير هذا الأخير في شان الممارسات المنافية لقواعد المنافسة.
كما تلزم بتبليغه كل تقارير ووثائق ومحاضر البحث دون بيان ما إذا كان الأمر يتعلق بأصول الوثائق أو بنسخها فقط.
أما بالنسبة للمحاكم الجنائية فتنظر في الأفعال المنافية للمنافسة إذا تم تكييف الأفعال المرتكبة على أنها جناية, حيث تختص في ذلك غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف طبقا للمادة 416 من قانون المسطرة الجنائية.
أما بخصوص المحاكم الإدارية أو القضاء الإداري فتبقى إمكانية عرض القضايا عليها واردة كلما كانت القرارات المتخذة قابلة للطعن فيها إداريا وذلك قصد إلغائها لعدم شرعيتها خصوصا بسبب تجاوز السلطة.
فقد نص المشرع في قانون 99-06 على أن الطعون الموجهة ضد قرارات الوزير الأول المتخذة في إطار الإجراءات المتعلقة بالممارسات المنافية للمنافسة ترفع إلى المحكمة الإدارية المختصة وبذلك فان القضاء الإداري سيصبح جهة مراقبة للمنافسة بصورة غير مباشرة من خلال الطعن في قرارات الوزير الأول الذي قد يفهم بأنه فقط القرار الصريح الذي يتخذه ضد احد المتنافسين.

المطلب الثاني: الأحكام وكيفية إصدارها من طرف القضاء المختص
لمعرفة الطريقة والآليات التي تصدر بها المحاكم المختصة الأحكام ومضمونها, سنعمل على تقسيم هذا المطلب إلى صدور الأحكام ( فقرة أولى) ومضمون الأحكام (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: صدور الأحكام
إن مسطرة صدور الأحكام من طرف القضاء المختص خاصة من طرف المحاكم الجنائية, تتميز بخضوعها لقانون المسطرة الجنائية كقانون عام كلما تم تكييف  الأفعال المخلة بقواعد المنافسة على أنها أفعال جنائية ، وبالتالي فإن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف كمحكمة مختصة تعقد جلساتها وهي مكونة من رئيس من بين الرؤساء الغرف ومستشارين اثنين تعينهم الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف وتعقد جلساتها بحضور النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط .
وبمقتضى المادة 31 من قانون المسطرة المدنية ترفع الدعوى إلى المحكمة المختصة بمقال مكتوب وقع عليه من طرف المدعي أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا من طرف المدعي وتقيد القضايا في سجل معد لذلك حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها مع بيان أسماء الأطراف وكذا تاريخ الاستدعاء وبمجرد تقيد المقال يعين رئيس المحكمة حسب الأحوال قاضيا مقررا أو قاضيا مكلفا بالقضية .
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن النيابة العامة تبقى لها الصلاحية المعتادة في تحريك الدعوى العمومية كلما بلغ إلى علمها أفعال مخلة بقواعد المنافسة المشروعة طبقا لقانون 99-06 كما أنه ليس هناك ما يمنع المتضررين من مخالفات قانون 99-06 بأن ينصبوا أنفسهم مطالبين بالحق المدني في الدعوى العمومية ومباشرة الدعوى المدنية للمطالبة بوقف الأعمال المخلة بالمنافسة والتعويض.
الفقرة الثانية: مضمون الأحكام
طبقا للمادة 365 من قانون المسطرة الجنائية يجب أن يشمل كل حكم أو قرار أو أمر يصدر من طرف المحكمة المختصة الصيغة التالية:
– الديباجة التي تضم صيغة المملكة المغربية – باسم جلالة الملك.
– الهيئة القضائية التي أصدرت الحكم أو القرار.
– تاريخ صدور الحكم أو القرار.
– بيان أطراف الدعوى أو المترافعين فيها مع تعيين الاسم العائلي والشخصي للمتهم وتاريخ ومحل ولادته ومهنته ومحل إقامته ورقم بطاقة التعريف الوطنية.
– كيفية وتاريخ باستدعاء الموجه للأطراف إن اقتضى الحال.
– بيان الوقائع موضوع المتابعة وتاريخها ومكان اقترافها.
– الأسباب الواقعية والقانونية التي ينبني عليها الحكم أو القرار أو الأمر ولو في حالة البراءة.
– منطوق الحكم أو القرار.
– اسم القاضي أو القضاة الذين أصدروا الحكم أو القرار أو الأمر واسم ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط.
– توقيع الرئيس الذي تلا الحكم أو القرار أو الأمر وتوقيع كاتب الضبط الذي حضر الجلسة.
وطبقا للمادة 370 من قانون المسطرة الجنائية تبطل الأحكام أو القرارات أو الأوامر التي لم تحترم هذه الصيغة أو الشكليات المنصوص عليها في المادة 365 ق, م, ج.
الفقرة الثالثة: الطعن في الأحكام
طبقا للمادة 457 من قانون المسطرة الجنائية يمكن للمتهم وللنيابة العامة والمطالب بالحق المدني وللمسؤول عن الحقوق المدنية استئناف القرارات الباتة في الجوهر الصادرة عن غرف الجنايات أمام نفس المحكمة التي تنظر في الطعن وهي مكونة من هيئة أخرى مشكلة من رئيس غرفة وأربعة مستشارين لم يسبق لهم المشاركة في البث في القضية بحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط تحت طائلة البطلان.
ويحدد أجل الاستئناف في عشرة أيام تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم, غير أن هذا الأجل يمدد لخمسة أيام إضافية إذا صدر حق الاستئناف من الوكيل العام للملك  .
وبعد البث في الطعن المقدم إليها بالاستئناف بقرار نهائي وفقا للإجراءات المنصوص عليها, وبعد تلاوة القرار يشعر الرئيس المتهم أن له أجل عشرة أيام للطعن بالنقض من يوم صدور القرار  .

خاتمة:
إن المشرع المغربي بعدما كان يعاني من نقص في الإطار القانون المنظم للمنافسة فإنه في إطار القانون الجديد المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة حاول أن يأتي بنظام خاص في هذا المجال مسايرا في ذلك جل التشريعات الحديثة خاصة وأن المغرب أمام عدة تحديات إقليمية ودولية ،إضافة إلى وجود ممارسات تؤثر على المجال التنافسي داخل السوق الوطنية.حيث قام المشرع بإدراج مجموعة من النصوص الجنائية ضمن هذا القانون مما يفيد أنه قانون زجري وذلك لمواجهة الممارسات التي من شأنها الإخلال بالمنافسة لكن يمكن القول بأن الظرف غير ملائم بعد الإقرار مقتضيات قانونية من هذا الحجم، لأن هذه المقتضيات قد تتضمن عقوبات مالية مهمة، خصوصا وأن النسيج الاقتصادي المغربي مازالت خيوطه في حاجة إلى التماسك كما أن المقاولات المغربية تتطلب مزيدا من الالتزام فيما بينها في إطار اتحادات وتركيزات تمكنها من تحقيق استمراريتها .كما أن السياسة الاقتصادية ينبغي أن تتجه نحو جلب الاستثمارات قصد فك معضلة البطالة التي تنخر جسم المجتمع المغربي.
و يجب أيضا إعادة النظر في بعض المقتضيات القانونية التي تتضمن  عقوبات سواء مالية أو حسية وذلك لمواجهة المنافسة الخارجية التي سيعرفها المغرب في أفق 2010 نتيجة تحرير التجارة والمبادلات التجارية مع بعض الدول القوية اقتصاديا كالولايات المتحدة الأمريكية ، مما سيخلق اللاتوازن بين الدولتين ودلك نظرا للفرق الكبير لقوة الإنتاج بين الطرفين مما يؤدي إلى منافسة المنتجات المحلية الأقل جودة من طرف السلع الأجنبية وبالتالي تراجع الاقتصاد الوطني وإفلاس بعض الشركات .
ولمواجهة هذه التحديات يجب على المشرع أيضا تفعيل وتقوية دور السلطات التي تقوم بمراقبة الأعمال المخلة بالمنافسة وخصوصا مجلس المنافسة الذي صرح رئيسه     عبد العالي بنعمور لجريدة المساء في 4/1/2009 أنه يقترح على الحكومة تعديلات على الإطار القانوني ليمنح الصفة التقريرية لهذا المجلس لأن طابعه لاستشاري الحالي لا يتناسب والمهام المفترض أن يضطلع بها، ومن أهمها الزجر وفرض عقوبات على المتورطين في الممارسات المذكورة سابقا . ولا سيما أن معظم سلطات المنافسة في العالم  ليس المتقدم فقط بل حتى الجيران كتونس والجزائر هي سلطة تقريرية .
وأخيرا يمكن القول أنه رغم الجهود التي بذلت في هذا البحث فذلك لا يمثل سوى إبراز لجزء يسير من القانون الجنائي للمنافسة والذي يعد بحر متلاطم الأمواج يصعب الإحاطة به من جميع الجوانب، وذلك لكونه موضوع حديث النشأة أو العهد وبالتالي لا تتوفر فيه كتب قانونية كثيرة .
وبهذا نأتي على ختام هذا البحث بقوله تعالى ” ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ”
انتهى بحمد الله وتوفيقه .
_______________________
– المادة 400 من قانون المسطرة الجنائية
– المادة 457 من قانون المسطرة الجنائية .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.