الجرائم الملحقة بالتفالس

جريمة التفالس والجرائم الأخرى في إطار نظام معالجة صعوبات المقاولة
المبحث الثاني : الجرائم الملحقة بالتفالس وإجراءات المتابعة
لم يكتف المشرع المغربي بمعاقبة المدين المفتوحة في حقه المسطرة، المدان بارتكاب أحد الأفعال المعاقب عليها بموجب المادة 721 من مدونة التجارية بل شمل التجريم والعقاب مجموعة من الأشخاص الذين تمس أفعالهم بمصالح المقاولة والأشخاص المتعاملين معها.
ونجد أن هؤلاء الأشخاص تختلف علاقتهم مع المقاولة ، فهناك أشخاص مرتبطين ماديا أو مصلحيا بهذه المسطرة والمتمثلين في الأغيار، وهناك من يسير هذه المسطرة وهو السنديك ، وهناك من الدائنين الذين يرغبون في الحصول على امتيازات ومنافع على حساب الدائنين الآخرين، لهذا سنتناول كل طرف والجرائم المرتكبة من طرفه على حدى ( مطلب اول ) على أن نخصص  ( المطلب الثاني) للأجراءات المسطرية للمتابعة والتي تعتبر نقطة التقاء بين كل من جريمة التفالس والجرائم الملحقة بها
المطلب الأول : الجرائم الملحقة بالتفالس
يتعلق الأمر بالأفعال المجرمة بموجب المادة 724 من مدونة التجارة والتي أورد المشرع فيها حالات وأشخاص على سبيل الحصر ويتعلق الأمر بكل من الأغيار ( أولا) والسنديك ( ثانيا ) والدائنين ( ثالثا)
أولا : الجرائم المرتكبة من طرف الأغيار
تتم إذانة هؤلاء الأشخاص بالجرائم الملحقة بالتفالس إذا ارتكبوا أحد الأفعال المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من المادة 724 من م ت وذلك بصرف النظر إذا كانوا تجارا أو حرفيين أولا، مسيرين قانونيين او فعليين يتقاضون أجرا اولا، بل حتى ولو لم يكن محكوما عليهم بفتح مسطرة من مساطر المعالجة ضدهم .
وقد يكون هؤلاء الأشخاص أفراد ينتمون إلى أسرة المتفالس ، كزوجه أو أصوله او فروعه او أصهاره او غيرهم   الذين ذكروا في القانون في القانون التجاري الملغى والذي كان يعاقبهم بعقوبة السرقة ( م 372 من القانون التجاري الملغى) ونجد أن التشريع الحالي عن هذا التعدد وذلك نظرا لعمومية الصياغة الجديدة وهذا ما قال به بعض الفقه المغربي .
وبالرجوع إلى المادة 724 من م ت فإننا نجد حالتين من التجريم .
1-    الأشخاص الذين أخفوا أو ستروا او كتموا كلا او جزءا من الأموال المنقولة او العقارية لفائدة الأشخاص المشار إليهم في المادة  702.
وتتجلى الحكمة من وراء تجريم هذا الفعل في كونه يؤدي إلى انقاص من الذمة المالية للمقاولة وينطوي على انتقاص مقصود من أصولها لصالح المسيرين مما يؤدي إلى تقليص فرص استمرارية المقاولة ويشترط أن يكون هذا الفعل لمصلحة مسيري المقاولة وليس لمصلحة هؤلاء الأغيار لأنه في حال كان الفعل الجرمي لحسابه فلا يمكن متابعته على اساس جريمة التفالس ولكن على أساس السرقة أو خيانة الامانة .
2-   التصريح التدليسي بديون وهمية اثناء المسطرة سواء بإسمهم أو بواسطة الغير .
وتتم هذه الحالة عند افتتاح إجراء المعالجة وخاصة في إطار إعداد السنديك لمشروع مخطط التسوية حيث يقوم بتحديد خصوم هذه المقاولة بناء على الديون المصرح بها، وعلى هذا الأساس قد يقوم أحد من الغير بالتصريح بديون لا أساس لها من الصحة، وذلك قصد الحصول بشكل تدليسي على أموال غير مستحقة وسواء صرح هؤلاء الأغيار بديونهم باسمهم الخاص أو بواسطة الغير
وهنا يطرح التساؤل فيما يخص وقت تحقق الركن المادي هل بمجرد التصريح أم ينبغي إثبات هذا الشخص لصفته كدائن، ونجد بعض الفقه ومن ضمنهم إلياس ناصيف يذهب إلى ضرورة إثبات صفة الدائنية .
أما لو حاول إثبات هذه الصفة فقط دون أن يتمكن من إثباتها سنكون أمام محاولة والمشرع لا يعاقب على المحاولة في الجنح إلا بمقتضى نص خاص كما ينص على ذلك الفصل 115 من القانون الجنائي  .
وإذا كان المشرع المغربي اكتفى بهتين الحالتين فإن المشرع الفرنسي وسع من دائرة الأفعال المعاقب عليها، حيث نصت المادة 9-226 أنه يعاقب بعقوبة الحبس من 3 أشهر إلى سنتين وغرامة من F 10.000  إلى 200000 كل شخص قام خلال فترة الملاحظة أو خلال  تنفيذ مخطط الاستمرارية وعلى علم بوضعية المدين بإبرام إحدى التصرفات التالية: بحجز أو رهن أو تصرفا ناقلا للملكية من دون إذن من القاضي المنتدب أو المحكمة المختصة .
والملاحظ أن المشرع الفرنسي في المادة 206 من قانون 1985 المتعلق بالتسوية القضائية والتصفية ألزم القضاء ولو في حالة الإعفاء من العفوية الحكم بالتعويضات المطلوبة وإرجاع الأموال إلى الذمة المالية للمدين

ثانيا : الجرائم المرتكبة من طرف السنديك
يعتبر السنديك أحد أجهزة المسطرة ويتم تعيينه من أجل تسيير المسطرة وقد يكون السنديك من كتاب ضبط المحكمة التجارية التي فتحت المسطرة أو قد يكون من الغير كأحد الخبراء المحاسبين مثلا .
ويضطلع السنديك بمجموعة من المهام في إطار مساطر معالجة المقاولة وفي إطار ذلك قد يقوم السنديك بأفعال من شأنها الإضرار بمصالح الأطراف المعنية بمسطرة المعالجة وعليه فالسنديك يسأل جنائيا عن الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 724وهي كالتالي :
1-     الإضرار عمدا وبسوء نية بمصالح الدائنين إما باستعماله لأغراض شخصية أموالا  تلقاها بمناسبة قيامه بمهمته وإما بإعطائه منافع للغير يعلم أنها غير مستحقة ومما يلاحظ بهذا الخصوص هو اشتراط المشرع في هذه الحالة للعمد وسوء النية.
2-    الاستعمال اللامشروع للسلط المخولة له قانونا في غير ما أعدت له وبشكل معاكس لمصالح المدين أو الدائنين
3-    استغلال السلط المخولة له من أجل استعمال أو اقتناء بعض أموال المدين لنفسه سواء قام بذلك شخصيا أو بواسطة الغير  .
ونجد أن المشرع الفرنسي قد وسع من دائرة الأشخاص المشمولين بالتجريم والعقاب حيث لم يقتصر على السنديك فقط، بل شمل المتصرفين وممثلي الدائنين والمصفين .
وتجدر الإشارة على أنه بالإضافة إلى إمكانية متابعة السنديك الجنائية فقد يسأل بصفته موظفا عموميا عن جرائم الرشوة واستغلال النفوذ والتزوير  .

ثالثا: الجرائم المرتكبة من طرف الدائنين
مراعاة من المشرع لمبدأ المساواة بين دائني المقاولة المفتوحة في حقها المسطرة تنص الفقرة الأخيرة من المادة 724 من م ت ” يعاقب أيضا بنفس العقوبات الدائن الذي يقوم بعد صدور القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التسوية القضائية بإبرام عقد أوعدة عقود تخوله امتيازات خاصة على حساب الدائنين الآخرين ”
إذ قد ينتهز واحد أو أكثر من الدائنين الظروف الصعبة التي يمر منها رئيس المقاولة أو حاجته ، فيحمله على إبرام عقد أو عدة عقود تمنح له امتيازات ومنافع تمس بمصالح باقي الدائنين وبأصول المقاولة.
وقد رتب المشرع عن القيام بهذا الفعل بطلان العقد الذي تم إبرامه باعتباره غير مشروع لانه تم مع مدين قد يكون في حالة غل اليد، وقد يقع باطل لأن الفعل بشكل جريمة جنائية .
ونجد ان المشرع المغربي لم ينص صراحة على بطلان العقد، عكس ما ذهب إليه كل من المشرع الفرنسي في المادة 208 من قانون 1985 المعدل في 1994 والقانون التجاري اللبناني في المادة 646  .
وحتى تقوم الجريمة يجب أن يكون العقد قد أبرم بعد صدور الحكم القاضي بفتح إما مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية أما إذا أبرم قبل صدور الحكم فلا مجال لأي متابعة أو إدانة إلا أنه قد يتعرض تصرفه للبطلان إن وقع خلال فترة الريبة
______________
– أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها الجزء الثالث، مرجع سابق، ص 463.
– بوشرة فقيهي، جريمة التفالس والجرائم والجرائم الملحقة بها، مرجع سابق، ص 101.
– رزان بساطة، نظام العقوبات في قانون صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، ( السويسي) الرباط، 2004 ص 96
– بوسرة فقيهي ، جريمة التفالس والجرائم الملحقة بها ، مرجع سابق، ص 104-105.
– رزان بساطة ، نظام العقوبات في قانون صعوبات المقاولة ، مرجع سابق، ص  99.
– نفس المرجع ص 100.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.