المخدرات في المغرب : زراعة , إستهلاك, ترويج

الجرائم الإقتصادية : تجارة المخدرات
الفصل الأول: تجارة المخدرات بين الواقع و القانون.
الفرع الأول: أحكام تجارة المخدرات و تحديدها في إطارها الدولي و العربي الإسلامي و الوطني.

المطلب الثالث: ظاهرة المخدرات في إطارها المحلي
و المغرب كسائر بلاد العالم، لم يسلم من خطر المخدرات زراعة و استهلاكا و ترويجا، فهو عرف الحشيش في زمن بعيد لا تحدده المراجع التاريخية. و استعمله المغاربة للأدوية و التدخين خارج أي رقابة. و لكنه في السنوات الأخيرة أصبح بعض المراقبين في مقدمة البلاد المنتجة و المروجة للمخدرات داخل الحدود الوطنية و خارجها كما أصبح برأيهم ثقة رئيسية لعبور و تهريب المخدرات شديدة المفعول، تحو أنحاء عديدة من العالم ومع أن هذا الاتهام (1)، يضخم من مسألة المخدرات بالمغرب. إلا أن استعمالها بين الشرائح المختلفة ذكورا و إناثا. و توسيع زراعتها بالشكل الذي تتحدث عنه التقارير الرسمية، يجعل من المغرب في موقع لا يحسد عليه تجاه كارثة المخدرات، فهو يفقد سمعنه الدولية كما يفقد صحة شبابه النفسية و الجسدية و هذه الظاهرة أفسدت على المغاربة راحته النفسية و استقراره الاجتماعي.
ذلك أن ترويج المخدرات نطور بشكل كبير بفعل التطور الصناعي أولا و وجود فئات تخصصت لترويجها ثانيا. ففي سنة 1992م وقبل صدور تقرير المرصد الجيوسياسي بباريس الذي كشف واقع تجارة المخدرات بالمغرب، خصصت إحدى النشرات الغربية حيزها في المغرب ضمن التقرير الذي أكدته عن المخدرات في حوض البحر الأبيض المتوسط” تناولت فيه بصفة خاصة مراكز أنتاج المخدرات و أسباب و جودها و محاور تسويقها و انعكاسها ذلك على الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بالمنطقة (2).

جاء فيه على الخصوص أن إنتاج المغرب بلغ سنة 1992 أكثر من 150 طن من الحشيش المستخلص من الكيف. و أن المغرب أصبح بذلك يحتل المرتبة الرابعة من بين الدول المصدرة لهذه المادة (3) ولو أنه يستخرجها بأساليب تقليدية (4).
وفي نظر خبراء الدين و ضعوا هذا التقرير أن ترويج الحشيش المغربي خلال تلك الفترة كان يعتمد على ثلاث محاور: الأول يمر من كبريات المدن المغربية الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط (طنجة، الحسيمة، الناضور) في اتجاه سبتة و مليلية السليبتين الواقعتين على شواطئ هذا البحر و الثاني يمر عبر الجزائر و تونس في حين يهم المحور الثالث دول إفريقيا السوداء. ويقول التقرير أيضا أنه منذ سنة 1980م احتل تجار المخدرات المغاربة موقعا متميزا في إفريقيا على مستوى ترويج الكوكايين. بعدما أصبحت عصابات المخدرات بأمريكا الجنوبية تزود الشبكات المغربية النشيطة عن طريق الشبكات الغانية و النيجرية.
وعن مردودية الانتاج المغربي من الحشيش يؤكد التقرير المذكور بأنها تعد بملايير الدولارات و لا يمكن حصرها في أرقام معيتة. ولقد رسم لنا هذا التقرير طريق الحشيش في المغرب”اتطلاقا من الشاون و كتامة”. حيث تتمركز معامل التحويل ينقل الانتاج الى تطوان        و طنجة و وجدة و سبتة و مليلية و فاس و الدار البيضاء. و من هذه المدن يصدر الحشيش إلى ايطاليا و اسبانيا وفرنسا و هولندا و بلجيكا و الجزائر و تونس و ليبيا و أمريكا الشمالية و اليابان”

وهكذا عندما تم إقرار معاهدة شانجن “SGHENGEN” سنة 1993م غيرت كل من فرنسا و اسبانيا تعاملاهما مع المغرب بسبب الوضع الجديد للمخدرات و خاصة ما يتعلق بزراعتها و ترويجها. كما استاءت بريطانيا من عبور المخدرات من جبل طارق بل أنهم و بعدما كانوا يغوصون الطرف كما يحوم حول تجارة المخدرات بالمغرب بدؤوا يحثون المغرب على اتخاذ إجراءات تحد من رواجها و العمل على استئصالها من المزارع وقد تم استعمال الرأي العام الإنساني كوسيلة لضغط بعدما تم إقناعه بأن انتشار المخدرات في شبه الجزيرة الايبرية يرتبط ارتباط وطيدا بالهجرة السرية و هكذا أصبح المغرب مصدر انتقاد العواصم الأوربية بالخصوص.
أما في داخل البلاد فالوضع هو أسود فلقد ارتفع عدد المتعاطين للمخدرات و الحشيش بصفة خاصة فلقد وصل رقم المتعاطين إلى الالاف من المواطنين أطفالا و نساء و رجال (5).. بل و تلميذات وتلاميذ بين أسوار المدارس و جدران الجامعات كذلك…… هكذا بدأت تأخذ المخدرات بالمغرب شكل الكارثة.
و المغرب لم يعد يستعمل المخدرات بشكل تقليدي كما كان في السابق بل أصبح للمخدرات التقليدية بارونات و امبراطوريات و شبكات و أسواق و تجار موزعين كبار     و متوسطين احتل بهم المغرب المرتبة الأولى في مجال تصدير الشيرا و أن حوالي ثلاثة ملايين من مواطنيه يستهلكونها و أن 75 ألف هكتار من أراضيه الشمالية تزرع “الكي”    و تنتج مائة ألف طن من الحشيش المستهلك و المصدر.
وكشفت المعطيات التي حملها هدا المرصد أن الأمر يتعلق بمافيا حقيقية تتوفر على امكانيات مالية و تقنية هائلة للتنسيق مع شبكات أجنبية تنتمي إلى مافيا دولية و هو ما كشفته الحملة الوطنية التي قادتها وزارة الداخلية سنة 1995م ضد تهريب المخدرات حيث وضعت يدها في المرحلة الأولى على ست شبكات “خارقة للعادة” تمتلك من الوسائل و الامكانيات   و الأموال التي لا يصدقها العقل و هي (6):

1- شبكة عبد العزيز اليخلوفي المدعو محمد حدو و عبد العزيز وتضم هده الشبكة مهربين من جنسيات اسبانية و ألمانية و ايطالية وكندية وكولومبية و فرنسية و انجليزية و هولندية. ومكن التحقيق مع اليخلوفي من اعتقال 13 من شركاء المدعو  اليخلوفي من بينهم ثلاث إسبان هم: كونييزاروس الفونسو مهرب يعمل انطلاقا من الحسيمة وميخيل فانريل ماسكارو مروج للمخدرات انطلاقا من الجزيرة الخضراء ومانويل سولير تبار المدعو مانولو و هو مروج عالمي للمخدرات.
*   شبكة المدعو يوسف الياتوتي: نعنبر شبكة دولية تم تفكيكها بعد اكتشاف 523 كلغ من الكيف مخبأة وسط شحنة للزرابي كانت موجهة نحو بلجيكا انظلاقا من مطار الرباط/سلا.
*   شبكة المدعو محمد سلامة الملقب بالدرقاوي:وهي شبكة دولية لتهريب المخدرات تم تفكيكها عقب عملية تفتيش عند حاجز أمني على طريق تطوان/طنجة لقافلة من أربع سيارات محملة بـ 1390 كلغ من الحشيش و تضم هده الشبكة الاخوان الزروالي الاربعة و صهرهم المدعو محمد عبد السلام بوهديدي و يتزعمها المدعو محمد سلامة الملقب بالدرقاوي و شركائه. وقد اعترف بوجود علاقات وطيدة بين تنظيمه وباقي شبكات تهريب المخدرات بما فيها تلك التي يديرها المدعو أحمد بونقوب الملقب بالديب … وقد كشف التحقيق عن امتلاك المدعو الدرقاوي لثروة كبيرة تتشكل من أراضي و عمارات و فيلات و ضيعات فلاحية وبواخر و شركات وسيارات وحسابات بنكية و غيرها. وكلها عائدات أنشطة تهريب المخدرات.
*   شبكة بونقوب أحمد الملقب باسمي جميد و الديب و المنياري وهي شبكة مختصة في تهريب المخدرات على المستوى الدولي و قد جاء في البلاغات الرسمية أن المدعو بونقوب الملقب بالديب يتوفر على ثروة هائلة مصدرها الاتجار على المستوى الدولي في المخدرات تضم من بين ما تضمنته املاك عقارية جد مهمة: فيلات وعمارات و ضيعات فلاحية و بواخر و شركات  وسيارات فاخرة و كلها من مردودات النباتات المخدرة.(7).
*   شبكة عبد العزيز بولقصير: وهي شبكة لترويج الحشيش و الكوكايين وقد اعترف رئيسها بأنه عمل مع مهربين من جنسيات إسبانية و برازيلية. وفي إطار هده الشبكة تم إلقاء القبض على المدعو لمكرف و المدعو أحمد بولعيش.
*   شبكة منير الرماش له علاقة مع إحدى الاسبانيات القاطنة في مدينة فينخيرولا (8) و هي مختصة في ميدان الترويج. منير يعتبر بارعا في الابحار بالليل على مثن الزوارق المطاطية. ولقد نجح بمعيية بعض الاسبان، في انجاز عشرة عمليات من الاتجار الدولي انصبت كل واحدة على كمية تتراوح من 1000 إلى 1200 كلغ من الحشيش تم استجلابها من السواحل المحايدة لمدينة الحسيمة و كذلك مدينة الناضور و نقلها للأراضي الاسبانية و لقد حصل منير الرماش على ثروة مهمة، ففي سنة 1998م أنجز 18 عملية في الاتجار الدولي للمخدرات حصل بها على ربح قدر ب 100 مليون سنتيم على كل عملية ومع 2002 اغتنى منير الرماش و بدأ قائد تطوان في الحشيش، منير طموحه كان كبيرا فأسس شبكة محكمة الترتيب متوفرة على قواعد صلبة خصوصا في اسبانيا      و دلك لاستقبال و تخزين سري لكميات ضخمة و حصل على رجال يأمرون بأمره و محل ثقة له. تم إلقاء القبض عليه و حكم بعشرين سنة سجنا من طرف محكمة الاستئناف بتطوان  ولقد كشف للشرطة على عشرين تاجرا في المخدرات على الصعيد الدولي.
وقد برهنت عمليات الاعتقال و التفكيك التي شملت الاتجار في المخدرات أن مافيا المخدرات ركزت في البلاد وضعا خاصا يتأسس على خرق القانون بكل السبل و التوفر على أدوات التحايل لترويج المخدرات بالداخل و الخارج و الإثراء السريع بالمال الحرام، على حساب صحة الإنسان.

وتضمنت أدوات طرق القانون، توفر بعض المهربين على موانئ صغيرة ملحقة بمقر سكناهم على ساحل البحر الأبيض المتوسط و أجهزة اتصالات متطورة لا تتوفر عليها حتى قوات الأمن و بواخر و زوارق صغيرة لنقل المخدرات إلى أعالي البحار حيث تكون الشبكات الأجنبية في انتظارها ليأخذ تهريب المخدرات بدلك أبعاده الدولية.
و المغرب بدوره يعتبر ضحية لشبكات دولية تستخدمه كممر لمخدرات شديدة المفعول الكوكايين و الهيرويين التي يتم جلبها بصفة خاصة من أمريكا اللاتينية باتجاه بلدان أوروبية. و أكدت السلطات المغربية أنها تواجه صعوبات كبيرة في عملها لإفشال عمليات تبييض رؤوس الأموال الناتجة عن المخدرات. الا أنها بدلت جهودا في قطاعات اشتبه في كونها مرتبطة بالتبييض مثل المالية العمومية و المؤسسات البنكية و المنطقة المالية الحرة بطنجة (9).
فهده التجارة بالمغرب أدت بالبعض إلى السجن و البعض الآخر الى نادي البورجوازية الجدد (10). ومن الملاحظ أنه لم يكن من السهل التسلسل الى عوالم تجارة المخدرات لا في الشمال المغربي و لا في أهم مدنه التي تستفحل بها الظاهرة خاصة مدينة الدار البيضاء فكيف تصل الى هده المدينة العملاقة بكل شيء المخدرات المنتجة في الشمال؟

رسم توضيحي لعملية التسويق (11)

* بزناز: كلمة مغربية تعني مرج المخدرات

مسار توزيع الحشيش المغربي بدول العالم

_______________
(1)   محمد أديب السلاوي (الرجع السابق).
(2)   جريدة الاتحاد الاشتراكي ‘أي مكانة للمغرب في خريطة التجارة الدولية للمخدرات؟ 2 يونيو 1993.
(3)   محمد أديب السلاوي (مرجع سابق) الصفحة 13.
(4)   أحمد بن دحمان ‘في أنواع المخدرات وطرق تصنيعها و الاليات القانونية امحاربتها’ مجلة الشرطة(غشت 2005 العدد 7/6 الصفحة 28 و 29).
(5)   محمد أديب السلاوي (مرجع سابق) الصفحة 14.
(6)   محمد أديب السلاوي (مرجع سابق) الصفحة 107 و 108.
(7)     محمد أديب السلاوي (مرجع سابق) الصفحة 108.
(8)     فاظل أطاعا الله”مسار بارون المخدرات منير الرماش” مجلة الشرطة يوليوز/غشت2005 العدد 7/6 االصفحة 70.
(9)     جريدة مغرب اليوم العدد 7/19 فبراير 1996م.
(10)   محمود رامي”غزوة” النبتة الخبيتة”للشمال المغربي” السنة فاتح رمضان البرك 1426 هـ الصفحة 4
(11)   جريدة البيضاوي: السبت 25 فبراير 2006م العدد 781 الصفحة 10.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.