الطبيعة القانونية للضمان العشري وشروط إعماله

مسؤولية المقاول والمقاول من الباطن
الفصل الأول : المسؤولية العقدية للمقاول والمقاول من الباطن
المبحث الثاني : المسؤولية العقدية للمقاولة والمقاول من الباطن بعد
المطلب الثاني : الالتزام بالضمان العشري :

الفقرة الأولى : الطبيعة القانونية للضمان العشري وشروط أعماله

أولا : الطبيعة القانونية للضمان العشري :

ب- تأسيس الضمان العشري على قرينة افتراض المسؤولية ..
أمام خطورة المسؤولية الحرفية للمعمارين، فإن معظم التشريعات بما في ذلك ق ل ع المغربي قد أسست هذه المسؤولية على افتراض الخطأ في جانب هؤلاء المحترفين إذا حصل التهدم أو التعيب بفعل أحد الأسباب المشار إليها في الفصل 769 ق ل ع المغربي أو ما يقابله من التقنينات الأخرى ، الأمر الذي يعني أن التزامات المقاول والمهندس المعماري في إطار الضمان العشري هو التزام بتحقيق نتيجة وليس ببدل عناية، وأن الإخلال به يقوم بمجرد اثبات عدم تحقيق تلك النتيجة دون حاجة الإثبات خطا ما  . لذلك فإننا سنحاول عرض هذه الفقرة في نقطتين  قصد الوقوف على موقف كل من المشرع القضاء المغربي (1) ونظيره الفرنسي (2) من أساس الضمان العشري .
(1) موقف المشرع والقضاء المغربي من أساس الضمان العشري :
المشرع المغربي لم يتطرق لمسألة تميز الالتزامات بنتيجة والالتزامات ببدل غاية كما هو الشأن لبعض التشريعات المعاصرة ، أي أن الأصل في هذه الالتزامات هو تحقيق غاية معينة  ، وهذا ما نستخلصه من قراءة مضمون الفصل 769 “ق ل ع ”  فهذا النص يتضمن قرينة مقتضاها أن مجرد حصول التهدم أو الانهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو الأرض … يعد دليلا على قيام الخطأ ولا يتأتى دفع هذه القرينة إلا بإثبات السبب الأجنبي أو الخطأ رب العمل وافتراض المسؤولية والخطأ في جانب هؤلاء المحترفين يرجع سببه إلى تعاقده مع فئات غير فنية وغير ملمة بأصول الحرفة ، وبالتالي أية محاولة لتبرأته (المقاول ، المهندس ) بدعوى عدم ثبوت الخطأ بعد واقعة تهدم العقار أو على  وشك الانهيار تعتبر دعوى عديمة بالنسبة للقضاء المغربي، وذهبت محكمة استئناف الرباط في أحد القرارات القديمة الصادرة بتاريخ 29/7/1924 إلى التميز بين نوعين من الالتزامات :
الالتزامات المستخلصة من الفصل 769 ق ل ع المغربي ، حيث يتعين على المقاول والمهندس تحقيق الغاية التي أنشئ من أجلها عقد المقاولة رغم أن الحكم صدر في حق المهندس فإنه يمكن تطبيق مقتضياته على المقاول، وهناك التزمات خارج عن نطاق الفصل 769 ق ل ع ، الملقاة على عاتق المهندس استنادا إلى الواجب العام اتجاه العمل ويدخل ضمن هذه الالتزامات كافة الوجبات المهنية وغيرها .
2-موقف المشرع والقضاء الفرنسي من أساس الضمان العشري :
عرف الفقه والقضاء الفرنسي مجموعة من الاختلافات في مسألة التميز بين الالتزام بنتيجة الالتزام بعناية في ميدان البناء والسبب في ذلك يعود للتداخل بين مهام كل من المقاول والمهندس ، وأول إشارة لقرينة افتراض الخطأ في جانب هؤلاء المحترفين كانت في المادة 1792 من مدونة نابليون الصادرة سنة 1804رجاء فيها ” المقاولون المهندسون والمعماريون يكونون مسؤولين خلال عشر سنوات الإتمام البناء المتعاقد عليه بثمن جزافي متى كان التهدم ناتجا عن عيب في الأرض أو في البناء، سواء كان التهدم كليا أو جزئيا” غير أن شرط الثمن الجزافي أثار مجموعة من الاختلافات الفقهية ، لأن التعاقد وفقا لهذه الطريقة لا ينطبق في الأصل سوى على المقاول اما المهندس فإنه يتعاقد في معظم الحالات على ثمن محدد في شكل أتعاب، وهذه الاختلافات عجلت بالمشرع الفرنسي للتعديل المادة السابقة بمقتضى قانون 1978 /1/4 الذي ألغى شرط الثمن الجزافي كعنصر أساسي للأعمال قرينة افتراض الخطأ ، وجعلها شاملة للصفقات الجزافية والغير الجزافية وهذا التمديد أصبح يمس أشخاص أخرين غير المهندس المعماري والمقاول ) كبائع العقار المورد المنعش العقاري”
ومن بين القرارات القضائية الصادرة بخصوص قرينة افتراض المسؤولية حيث ذهبت في أحد القرارات  المشهورة إلى إلزام رب العمل بإثبات خطأ المقاول لكون هذا الأخير تعاقد على أساس الوحدة ) Marhe au Metre) كما ذهبت في أحد القرارات الأخرى  إلى استبعاد هذه القرينة في حق المهندس إذ نقضت الحكم الصادر عن محكمة ” جرونوبل” . مبررة قرارها بأن المهندس لم يتعاقد بطريقة جزافية مع رب العمل وبالتالي فلا مجال لتطبيق القرينة المنصوص عليها في المادة 1792 نظرا لتخلف شرط الثمن الجزافي إلا أن هذه التفرقة تنحى عنها المشرع الفرنسي حيث أصبح كل من المهندس والمقاول ملزمين بتحقيق الغاية الأمر الذي يعني أن المسؤولية التي يتحملانها اتجاه رب العمل تقوم على افتراض الخطأ في حالة حصول التهدم أو التعيب داخل المهلة المخصصة للضمان بعد فترة التسليم حيث أقرت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 19/03/1986 بأن المهندس والمقاول يتحملان بالتزام تحقيق نتيجة وهي تشيد بناء خال من العيون التي من شأنها أن تؤتر على صلاحيته لما أعد له .
___________________
– محمد حسين منصور ” المسؤولية المعمارية ” ط 2003 ص 155.
– محمد عزمي بكري ، م س ، ص 196
– عبدالقادر العرعاري ، م س ، س 198.
– الفقيه ” برنار سوان : يرى أن التزامات مشيدي البناء تهتم في الأصل من قبيل الالتزام بغاية وليس بدل عناية .
De responsabilité et la surance de architectes en treprenneurs antraleurs 1997 p 574   “Op cit
مشار إليه في ” عبدالقادر العرعاري ، م س ، ص 203.
– Cas –civ ( 30/11/1964 GP 1965 p 114
Cour –oram 12/1/1960 GP 1960 p 183
مشار إليه عبدالقادر العرعاري ، م س ، ص 204.
– Cas civ 5/4/1965 JC P 1965 p 1818.
مشار إليه عبدالقادر العرعاري ، م س ، ص 205

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.