حصول التهدم أو التعيب بفعل أحد الأسباب المنصوص عليها في 769 ق ل ع

مسؤولية المقاول والمقاول من الباطن
الفصل الأول : المسؤولية العقدية للمقاول والمقاول من الباطن
المبحث الثاني : المسؤولية العقدية للمقاولة والمقاول من الباطن بعد
المطلب الثاني : الالتزام بالضمان العشري :

الفقرة الأولى : الطبيعة القانونية للضمان العشري وشروط أعماله

ثانيا : شروط إعمال الضمان العشري

ب‌- حصول التهدم أو التعيب بفعل أحد الأسباب المنصوص عليها في 769 ق ل ع .

الهدم لغة   من باب ضرب (فانهدم ) وتهدم وهدموا بيوتهم وتهدم البناء أي تفككه وانفصاله عن الأرض كليا أو جزئيا متى كان ذلك خارج عن إرادة الإنسان المباشرة ، إذ لو انصرفت الإرادة إلى تحقيق هذه النتيجة فإننا نكون أمام واقعة الهدم  وليس التهدم ، وهذا الأخير قد لا يكون بسبب عيب في عملية التشييد والبناء وإنما بأحد العوامل والأسباب المشار إليها في نص الفصل 769 ق ل ع ، وهي نقص المواد

وعيب في طريقة البناء ، عيب في الأرض مما يعني أن كل تهدم خارج نطاق الأسباب التقليدية  ،الثلاثة المذكورة كالحريف اهتزاز أرضي ….) لا يستوجب الضمان العشري وإنما يستلزم إقامة دعوى وفقا

للقواعد المسؤولية العقدية  . وبما أن هذا القيد يشكل عائق أمام الطرف الضعيف مما حمل أغلب التشريعات إلى التلطيف منه أو إلغائه من ذلك مثلا : المشرع المصري في المادة (651) المشرع الجزائري (

554) حيث اعتدا بسبب واحد هو عيب الأرض ، أما المشرعان الفرنسي  والتونسي  فقد استغنا عن المعيار التقليدي واستبداله بمعيار أكثر ديناميكية وهو معيار الضرر الذي يستوعب كل الحالات .
بالرجوع للمادة 769 ق ل ع فالضمان العشري لا يقتصر على البنايات والأعمال التي تهدمت وإنما يشمل تلك المهددة بالخطر حيث سوى المشرع بينهما في الحكم وهذه بعض القرارات القضائية التي طبقت

هذه الفقرة من الفصل أعلاه “….. أو هدده خطر بالانهيار بسبب نقص المواد أو عيب في الأرض أو عيب في طريقة الإنشاء ” .
– محكمة سلا الرباط  ، 1930 /7/23 فسرت الخطر بالانهيار بأنه كل خلل أو اعوجاج من شأنه أن يؤثر على صلابة البناء وقد يتسبب في انهياره مستقبلا وهكذا فالمحكمة قررت مساءلة مشيدي

البناء بسبب ميلان وتصدع هذا الأخير نتيجة عيب في الأرض ،( الفيلا)
-محكمة الصلح مكناس  1938 /10/11 اعتبرت الخطر الذي يهدد البناء بالانهيار في كل الحالات التي يكون فيها البناء معرض للخطر بسبب عدم تنفيذ بعض الأشغال الضرورية متى كان ذلك

يهدد صلابة البناء أو الغرض الذي أنشأ من أجله .
المجلس الأعلى : فسر الخطر الذي يهدد البناء بالانهيار بأنه يتمثل في العيوب التي تعتري البناء متى كانت على قدر من الجسامة بحيث تجعله أيل للسقوط أو غير صالح لما أعد له وهكذا جاء في القرار ” …

لكن حيث ان قضاة الاستئناف لما تتبتوا من أن العيوب قد أدت إلى وجود خطر بالانهيار فإن الفصل 769 ق ل ع الذي لا تتفق مقتضاية الخاصة مع مقتضيات المادة 553 هو وحده القابل للتطبيق في

النازلة ” . ولا يشترط أن يكون خطر التهدم متحققا وداهما أو وشيك الوقوع بل يكفي أن يثبت قاضي الموضوع أن الخلل أو العيب المكتشف في البناء قد بلغ حدا من الجسامة تجعله يعرض مثانة البناء أو سلامته

للخطر  .
وسواء كان العيب في المواد المستعملة في البناء أو في أصول الصنعة أو في الأرض فإنه يجب أن يتوفر فيه شرطان :
*شرط خفاء العيب : يشترط لتحقق الضمان المنصوص عليه في المادة 749 ق ل ع أن يكون العيب خفيا بحيث لا يكون في استطاعة رب العمل اكتشافه وقت التسلم أما إذا كان ظاهرا ومعروفا فلا يساءل

عنه المقاول ما دام رب العمل قد تسلم البناء من غير تحفظ بحق له  . عكس المقاول من الباطن لا يضمن العيب إلا إذا كان قذيما وسابقا على التسليم  ، أي أن مصدره راجع إلى فترة إقامة البناء ولا يلتزم

بالضمان للعيب الخفي إذا نشأ بعد التسليم.
لا شك أنه إذا كانت عيوب العمل ظاهرة وقت قبوله بحيث أنه كان في استطاعة رب العمل أو من أنابه أن يكتشفها لو بذل في فحص العمل ما يبذله الشخص المعتاد .
*شرط خطورة العيب : gravite de vice” يجب أن يكون من شأن العيب تهديد مثانة البناء وسلامته ويصعب حصر العيوب التي يتوفر عليها هذا الوصف نظرا لتعقد وتداخل

العمليات المعمارية في العصر الحديث. لهذا نرى ترك الأمر لقاضي الموضوع ليقدر طبيعة العيب مستعينا بأهل الخبرة . ويجب ألا يقتصر الأمر على العيوب التي تهدد البناء بل يجب أن يمتد الضمان للعيوب

التي تهدد حفظ البناء  .مثل العيوب التي تظهر في توصيلات المياه والصرف ولا يشرط بطبيعة الحال أن يهدد العيب البناء بأكمله بل يكفي أن يقتصر الأمر على جزء منه، ويمد القضاء الفرنسي الضمان

العشري إلى العيوب التي من شأنها أن تجعل البناء غير صالح للغاية التي أعد من أجلها .
أما ما عدا ذلك من العيوب فلا تدخل في دائرة الضمان كتلك التي تتعلق بدهان الأبواب وأعمال الزينة ، دهان النوافذ، فتسري في شأنها القواعد العامة.
الأمر الذي يقلص من نطاق الضمان العشري على اعتبار أنه لم يكون العيب مؤثرا إلى حد الجسامة والخطورة على البناء فإنه لا يسري عليه الضمان الخاص وإنما يخضع للقواعد العامة لضمان العيوب

الخفية المنصوص عليها في عقد البيع ، هذا ما نستخلصه من الفصل 767 ق ل ع الذي يحيل بخصوص هذه العيوب على الفصول 549-553-556 ق ل ع وهي تتعلق كلها بضمان العيوب الخفية

في عقد البيع  .
_________________
– محمد بكري الرازي ” المختار الصحاح ، ص 692 ط 1989.
– عبدالرزاق حسن يس ، م س ، ص 677 ط 1987
– نفس النهج اتخدته المحاكم المغربية، في عقد الحماية مثال قرار صادر عن ابتدائية البيضاء بتاريخ 28/2/1935 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 631 ص 114.
– المادة 1792 من التقني الفرنسي المعدلة بمقتضى قانون الإصلاح الصادر في 4/1978 والمعتبر بمثابة القانون الجديد للمسؤولية والتأمين في ميدان البناء.
– الفصل 2 من المرسوم الصادر في 10/10/1986 المتعلق بالمسؤولية والتامين في ميدان البناء
– مشار إليه في عبد القادر العرعاري –C.A.R 23 /7/1930  ( R.A.C. AR ) p49 مرجع سابق ص 219
– Tribunal de paix de Meknès 11/10/1938 ( C.T.M ) 1940 p 31.
– أنظر في نفس الاتجاه ” قرار المجلس الأعلى عدد 97 الصادر في 22/1/1969 وهو منشور في مجلة القضاء والقانون العددان 107-108- 1970 ص 384.
– محمد حسين منصور ، م س ، ص 124/ محمد عبد الرحيم عنبر / عقد المقاولة / ص 75.
– محمد عزمي بكري ، م س ، ص 174 – ط 2004.
-رأفت محمد أحمد حماد ، م س ، ص 126 ط 1995.
– هذا ما نستخلصه من القرار الصادر بتاريخ 30 مارس 1956 منشور في مجموعة قرارات محكمة اسناق الرباط الشيء قام الأستاد العربي  المعبود بترجمتها ط 1982 ص 628.
– عبدالقادر العرعاري ، م س ، ص 43 : ملاحظ أنه أمام الجمود أو النقص التشريعي في مجال البناء غالبا ما يحيل على نصوص لا علاقة لها بهذا المجال كما هو الحال هنا بالنسبة لعقد البيع .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.