الإشهاد على الطلاق بين المالكية ومدونة الأسرة

الطلاق بين المذهب المالكي ومدونة الأسرة الجديدة
الباب الثاني: حالات التطليق والإجراءات المسطرية
الفصل الثاني: الإجراءات المسطرية والإشهاد على الطلاق
المبحث الثاني: الإشهاد على الطلاق ومشتملات رسمه
يتضح من بعض مقتضيات مدونة الأسرة أن الطلاق تصرف قانوني يجب الإشهاد عليه لدى عدلين منتصبين للإشهاد، وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يشتمل رسمه على بيانات إلزامية.
المطلب الأول: الإشهاد على الطلاق
إن الإشهاد على الطلاق اختلفت فيه المواقف الفقهية الإسلامية، فجمهور الفقهاء يرى أن الطلاق يقع صحيحا متن غير حاجة إلى الإشهاد عليه، فحضور الشهود شرط صحة في إنشاء الزواج وليس شرط صحة في إنهائه ( )، بل استحبوه فقط، استنادا إلى انه لم يؤثر عن الرسول  ولا صحابته اشتراط الشهود في الطلاق ( )، وحملوا الأمر الوالد في قوله تعالى:  واشهدوا ذوي عدل منكم ( )، على الندب كما في قوله تعالى:  واشهدوا إذا تبايعتم ( ).
واشترط الإمامية والظاهرية لوقوع الطلاق إشهاد عدلين لقوله عز وجل  فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف، واشهدوا ذوي عدل منكم فالله سبحانه وتعالى طلب الإشهاد على الطلاق الذي سيق الكلام لبيان حكمه: فقالوا إن الأمر للوجوب، فالطلاق غير المشهود عليه يعتبر مخالفا للسنة المأمور بها، وبالتالي لا يعتد به ( ).
وحكم اشتراط الشاهدين لعلها واضحة جلية، فإن المطلق إذا عزم الطلاق فعلية أن يبحث عن شاهدين عدلين وقد لا يحضران إلا بعد وقت طويل، فإذا حضرا فإن من واجبهما أن يصدا المطلق عن الطلاق وينصحاه وقد ينتصح ويستجيب فيعدل يشير إلى ذلك قوله سبحانه وتعالى: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ( ). وقوله عز وجل:  وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يومن بالله واليوم الآخر ( ).
فهذا الأمر للشهادة جاء بعد ذكر إنشاء الطلاق ، وجواز الرجعة، فكان المناسب أن يكون راجعا إلى الطلاق، وأن تعليل الإشهاد بأنه يوعظ به من كان يومن بالله واليوم الآخر يرشح ويقويه، لأن حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة حسنة يزجونها إلى الزوجين فيكون لهما مخرج من الطلاق.
فرأي الشيعة الإمامية والظاهرية هو الراجح إذ أن يضيق دائرة الطلاق التي اتسعت كثيرا الآن، كما يسهل إثباته فيما لو وقع خلاف بين الزوجين في الطلاق( ).
أخد المشرع المغربي بموقف الظاهرية حيث تشترط المدونة الإشهاد على الطلاق بمقتضى المادة 79 و 138 حيث تقتضي المادة 79 على أن من يريد الطلاق يجب أن يقدم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق إلى المحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها بيت الزوجية، فإن لم يتوفر أمكن أن يقدم الطلب إلى محكمة موطن الزوجة أو محل إقامتها، وإلا فإلى محكمة محل إبرام عقد الزواج مع مراعاة الترتيب المذكور.
هذا الطلب بالإذن بالإشهاد يبج أن يتضمن معلومات وافية عن هوية الزوجين ومهنتهما وعنوانهما وعدد الأطفال إن وجدوا، مع بيان سنهم ووضعهم الدراسي وحالتهم الصحية، ويتعين إرفاق الطلب بمستندات الزوجية الذي يكون إما قعد الزواج أو مقرر قضائي مثبت للعلاقة الزوجية ( )، وعلى الطالب أن يدلي بها بما يفيد الوضعية المادية والتزاماته المالية كبيان الالتزامات للموظف وشهادة الأجر للمستخدمين والعمال فيما يتعلق بإثبات الأجور، والتصريح الضريبي بالدخل، كما يمكن أن تعتمد المحكمة على الخبرة عند الضرورة( ).
أما المادة 138 فتنص على ما يلي: يجب الإشهاد بالطلاق لدى عدلين منتصبين للإشهاد، بعد إذن المحكمة به والإدلاء بمستند الزوجية.
ويستفاد مما سبق أن المشرع المغربي يقر ضرورة الإشهاد على الطلاق من طرف شاهدين عدلين، وذهب المجلس الأعلى إلى عدم قبول إثبات الطلاق باللفيف إلا على سبيل الاستئناس كما هو الشأن بالنسبة للزواج ( ).
____________
-محمد الكشبور، قانون الأحوال الشخصية ، الزواج ، الطلاق ، ص 301.
-عبد الكريم شهبون، شرح م أ ش، الزواج الطلاق الولادة ونتائجها، ص 291.
-سورة الطلاق الآية 2.
-سورة البقرة الآية 282.
-أحمد الخمليشي، التعليق على قانون الأحوال الشخصية، ص 463.
-سورة الطلاق الآية 1.
-سورة الطلاق الآية 2
-عبد الكريم شهبون، شرح مدونة الأحوال الشخصية المغربية، الزواج الطلاق ، الولادة ونتائجها، ص 291-292.
-الفقرة من المادة 8 من مدونة الأسرة .
-الفقرة الثانية من المادة 80 من مدونة الأسرة
-إدريس الفاخوري، الزواج و الطلاق في أ م ش وفق آخر التعديلات، ص 297، 298.

قرأوا أيضا...

1 فكرة عن “الإشهاد على الطلاق بين المالكية ومدونة الأسرة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.