الطلاق السني و الطلاق البدعي

أنواع الطلاق والوكالة فيه – الفصل الثاني
بعد أن تم الحديث والتعرف عن الطلاق وشروطه، نتكلم الآن على أنواع الطلاق والوكالة فيه وذلك في مبحثين.

المبحث الأول: أنواع الطلاق
ينقسم الطلاق من حيث كونه موافقا للسنة أو مخالفا لها إلى قسمين طلاق سني وطلاق بدعي (المطلب الأول) وينقسم من حيث نوع الفراق الذي يترتب عنه إلى قسمين أيضا طلاق رجعي وطلاق بائن (المطلب الثاني) على أن نبين في الأخير كل من الآثار الذي يرتبها كل من الطلاق الرجعي والبائن (المطلب الثالث).

المطلب الأول: الطلاق السني و الطلاق البدعي
فقرة أولى: الطلاق السني:
الطلاق السني هو الطلاق الذي يراعي المطلق أثناء توقيعه له ما جاءت به شريعة الإسلام( ) أي الموافق للسنة النبوية الشريفة، فقد قال سبحانه وتعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ( ) والمعنى المقصود من هذه الآية أن الله تعالى قيد الطلاق من حيث الوقت بأن يكون في حالة طهر الزوجة ومن حيث العدد بألا يكون أكثر من واحدة، وعليه فشروط الطلاق السني هي:
1-أن يطلق الرجل زوجته وهي طاهرة من الحيض والنفاس.
2-أن يطلقها قبل أن يجامعها في ذلك الطهر.
3-أن يطلقها طلقة واحدة لا أكثر، و هذا هو مذهل الإمام مالك.
أما الشافعي فيرى أن المطلق ثلاثا بلفظ واحد يكون طلاقه سنيا، لأن النبي  أقر العجلاني الذي طلق زوجه ثلاثا بعد الفراغ من الملاعنة. ولو كان طلاقه هذا بدعيا ما أقره عليه الصلاة والسلام، ويرد عليه مالك بأن المطلق ثلاثا يعتبر رافعا للرخصة التي جعلها الله في العدد، ولذلك فهو مخالف للسنة، وأما طلاق العجلاني فلا يصح الاحتجاج به، لأن ذلك الطلاق وقع في غير محله، ولهذا لا يمكن أن يتصف لا بأنه طلاق سني ولا بدعي.
4-أن لا يردف تلك الطلقة بطلاق آخر أثناء العدة، و هذا هو قول منالك، لأن شرط الطلاق السني أن يقع في حال الزوجية بعد رجعة من الطلاق ( ).

الفقرة الثانية: الطلاق البدعي:
الطلاق البدعي هو الطلاق المخالف للطريقة التي أمر الإسلام باتباعها في إيقاع الطلاق( )، بمعنى الذي اختل فيه شرط من الشروط المذكورة في الطلاق السني، وذلك كما إذا طلق الرجل امرأته أثناء الحيض أو النفاس، أو في طهر واقعها فيه، فمثل هذا الطلاق يعتبر بدعيا، منسوبا إلى البدعة، أي الأمر المبتدع الذي لا يوافق ما رسمه الشارع، استنادا إلى ما روي أن النبي  حينما بلغه أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض، قال لعمر: مره أن يراجعها( ).
الطلاق divorceفالسنة في الوقت للطلاق، وهي خاصة بالمدخول بها، هي أن يطلق الرجل زوجته في طهر لم يواقعها فيه، فإن طلقها في حال الحيض كان الطلاق بدعيا محظورا.
والحكمة في كون وقت الطلاق هو الطهر الخالي من المواقعة: أن حالة الحيض منفرة طبعا، وعند زواله يزول المنفر، فحتى لا يكون للنفور من الزوجة في حال الحيض دخل في إيقاع طلب من الزوج أن لا يطلق في زمن وجود المنفر، ولأن من يطلق أثناء الحيض يلحق ضررا بالزوجة، حيث يطيل العدة عليها، لأن الحيضة التي أوقع فيها الطلاق لا تحتسب من العدة( ).
فقد جاء في الرواية المشار إليها أعلاه عن الرسول  أنه قال لعمر: “مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء”( ).

وأيضا من يطلق الزوجة في طهر قد واقعها، يكون طلاقا بعد فتور الرغبة فيها، فضلا عما يترتب على هذا الطلاق من تعريض الزوج للوقوع في الندم إن اتضح أن الزوجة حامل، ثم هو كذلك يوقع الزوجة في الحيرة في أمر عدتها، فإنها لا تدري أحملت فتعتد بوضع الحمل، أو لم تحمل فتعتد بالأقراء( ).
وعليه يتبين لنا الغاية من نهي الشارع عن الطلاق البدعي:
1-رفع الضرر عن المرأة بتطويل أمد اعتدادها.
2-رفع الضرر عن الزوج أو الولد، بسبب ظهور أن الزوجة حامل بعد طلاقها من زوجها غير مدرك وعالم بحملها.
وباستقراء نصوص مواد مدونة الأسرة نلاحظ أنها لم تتطرق لهذا المر بخلاف مدونة الأحوال الشخصية القديمة التي نصت في فصلها 47: “إذا وقع الطلاق أثناء الحيض أجبر القاضي الزوج على الرجعة” فالطلاق أثناء الحيض يحسب في عدد التطليقات، وذلك لما ورد في الحديث المذكور من أن النبي  قال: ليراجعها”، فالمراجعة لا تكون إلا من طلاق، ومحل الأمر بارتجائها ما لم تكن هذه الطلقة التي وقعت أثناء الحيض الثالثة أما إذا كانت هي الثالثة فلا يؤمر بإرجاعها لأنها محرمة عليه، إلا إذا تزوجت غيره، ويدل على هذا ما روي عن ابن عمر كان إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم، أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله  أمرني بهذا، وإن كنت طلقت ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا آخر، وعصيت اله عز وجل فيما أمرك به من طلاق امرأتك ( ).
والمجتمع عليه فقهيا أن القاعدة أعلاه يجب أن تحترم بشأن الزوجة التي داخل بها زوجها، أما المطلقة قبل الدخول فيصح طلاقها حائضا وطاهرا.
وبخلاف هذه الحالة فإن باقي حالات الطلاق البدعي تكون مكروهة، ولا يجبر الزوج فيها على الرجعة ( )، يقول الحطاب: “إذا طلق طلاق بدعة لم يجبر إلا في الحيض فقط أن الجبر على خلاف الأصل.
الطلاق بين المذهب المالكي ومدونة الأسرة الجديدة
الباب الأول: أحكام الطلاق:
__________________________
-محمد كشبور، قانون الأحوال الشخصية، الزواج والطلاق، ص 210.
-سورة الطلاق، الآية 1.
-محمد بن معجوز: أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية، وفق مدونة الأحوال الشخصية، ص 215-216.
-بدران أبو العينين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، ص342.
-أحمد زوكاغي، الطلاق حسب الصيغة الحالية لمدونة الأحوال الشخصية، ص 38.
-بدران أبو العنين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، ص 342-343.
– رواه الشيخان في كتاب الطلاق حديث رقم 1220 إمام مالك الموطأ، ص 432.
– محمد كشبور، قانون الأحوال الشخصية، الزواج والطلاق، ص 211.
-بدران أبو العينين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، ص 343.
-محمد بن معجوز: أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق م.أ.س، ص 216، 217.
-محمد الكشبور: قانون الأحوال الشخصية، الزواج و الطلاق، ص 212.

قرأوا أيضا...

3 أفكار عن “الطلاق السني و الطلاق البدعي”

  1. ارجوك افيدوني انازوجي طلقني مره وانا غير طاهره والطلقه الثانيه وانا حامل والطلقه الثالثه وانا نريدنرجع لبعض فهل يجوز لي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.