البيمارستانات و التكايا

التكايا
takayaاختصت التكايا – في معظم الأحوال- برعاية من لا عائل لهم، و الذين لا يقدرون على الكسب من العجزة وكبار السن، والأرامل من النساء اللائي لا يستطعن ضربا في الأرض، إلى جانب الغرباء والمسافرين الذين لا يجدون لهم مأوى في البلاد التي يمرون بها، وخاصة إذا كانوا قاصدين بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج.
وبعض التكايا كان مخصصا لإسكان طلبة العلم، ومن أشهرها تكية محمد بك أبو الذهب، وتكية اكلشني بالقاهرة، وكانتا مخصصتين لإسكان بعض طلبة العلم الأغراب الذين يدرسون بالأزهر الشريف.
ومن أشهر التكايا أيضا تكيتا مكة المكرمة والمدينة المنورة اللتان أنشأهما محمد علي وأوقف عليهما قريتين كاملتين بمصر بلغت مساحتها 2877 فدانا ليصرف ريعها على هاتين التكيتين لتسهيل أداء فريضة الحج على الحجاج بيت الله الحرام.
وعلى أية حال فإن التكايا لم تجتذب وقفيات جديدة ذات الشأن، على كعس الملاجئ التي كانت ومازالت آخذة في الازدياد، والحلول محل التكايا باعتبارها مؤسسة للرعاية الاجتماعية أكثر كفاءة وتنظيما من التكايا.

البيمارستانات
وهو إحدى المنشآت والمؤسسات الوقفية التي كان يشيدها السلاطين والملوك والأمراء وأهل الخير على العموم صدقة وحسبة وخدمة للإنسانية، ولم تكن مهمة هذه البيمارستانات قاصرة على مداواة المرضى، بل كانت في الوقف نفسه معاهد لتعليم الطب.
وأول دار أسست لمداواة المرضى في الدولة الإسلامية بناها الخليفة الأموي الوليد ابن عبد الملك في دمشق سنة 88هـ وجعل فيها الأطباء، وأجرى عليهم الأرزاق، وخصص لكل مُقعد خادما يهتم بأمره ولكل ضرير قائدا يسهر على رفقته( ).
وبنى أحمد بن طولون سنة 259هـ، بيمارستان كبير في مصر، وقد اتفق ابن طولون على إنشاء هذا البيمارستان ستين ألف دينارا، وكان يركب بنفسه في كل يوم جمعة ليتفقد أحوال المرضى.
كما شيد نور الدين زنكي بيمارستان في دمشق قال عنه الرحالة ابن جبير أنه: “مفخرة عظيمة من مفاخر الإسلام، وله قوم بأيديهم الأزمة المحتوية على أسماء المرضى، وعلى النفقات التي يحتاجون إليها من الأدوية والأغذية وغير ذلك، والأطباء يبكرون إليه في كل يوم ويتفقدون المرضى، ويأمرون بإعداد ما يصلحهم من الأدوية والأغذية”.
ويضيف ابن كثير أن نور الدين زنكي وقف هذا البيمارستان على الفقراء دون الأغنياء اللهم إلا إذا لم يجد الأغنياء دواء لعللهم إلا في هذا البيمارستان، مما يؤكد الأهمية الاجتماعية لمثل هذه المؤسسة( ).
وهناك المستشفى المنصوري الكبير، المعروف بيمارستان قلاوون، الذي أنشأه الملك المنصور سيف الدين قلاوون بالقاهرة سنة 673هـ، وأوقف عليه ما يغل ألف درهم في كل سنة، وألحق به مسجدا أو مدرسة ومكتبا للأيتام، وكان آية من آيات الدنيا في التنظيم والترتيب، جعل الدخول إليه والانتفاع به مباحا لجميع الناس، وجعل لمن يخرج منه من المرضى عند برئه كسوة، ومن مات جهز وكفن ودفن.
وعين فيه الأطباء من مختلف فروع الطب، كما وظف له الفراشين والخدم لخدمة المرضى وإصلاح أماكنهم وتنظيفها وغسل ثيابهم.
ومن أروع ما فيه أن الاستفادة ليست مقصورة على من يقيم فيه من المرضى، بل رتب لمن يطلب وهو في منزلة ما يحتاج إليه من الأشربة والأغذية والأدوية( ).
و هناك المستشفى العضدي الذي بناه عضد الدولة بن بويه عام 371هـ، في بعداد، حيث أنفق عليه مالا عظيما، وجمع له من الأطباء 24 طبيبا، وألحق به كلما يحتاج إليه من مكتبة علمية وصيدلية ومطابخ ومخازن.
وهناك بيمارستان الذي بناه يعقوب المنصور بمراكش بالمغرب، فقد أقيم في أفضل ساحة في البلد، ورتبت بالمارستان كل احتياجات المرضى من أطباء وصيادلة وأدوية وأغذية وكملابس وغير ذلك.
وهكذا انتشرت البيتارستانات في أغلب المدن الإسلامية، وكان لها دور كبير في الرعاية الصحية و الاجتماعية للأفراد في المجتمعات الإسلامية ولا سيما الفقراء منهم والمحتاجين.
وتجدر الإشارة إلى أنه كان يوجد بكل مستشفى قاعة كبيرة للمحاضرات يجلس فيها كبير الأطباء ومعه الأطباء والطلاب ويعلمهم أصول الطبي وعلاج المرضى كما كان “يلحق بكل مستشفى مكتبة عامرة بكتب الطب وغيرها مما يحتاجه الأطباء وتلاميذهم حتى قالوا : إنه كان في مستشفى ابن طولون بالقاهرة خزائن كتب تحتوي على أكثر من 100 ألف مجلد في سائر العلوم” ( )

مقتبس من ”  دور الوقف في الرعاية الصحية والتنمية الاجتماعية

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.