أنواع الجرائم الإرهابية

المبحث الثاني : أنواع الجرائم الإرهابية .
سننطلق من قناعة حتمية وموجزة، قبل تناول صور التعداد الجرائم الإرهابية ، ومفادها أن جميع الصور الإجرامية المقننة تشريعيا من خلال قانون 03-03 لا يمكن نعتها أو وصفها بالأعمال الإرهابية إلا إذا اقترنت وجوبا وشموليا في العناصر التالية:
-ارتباط الصورة الإجرامية بمشروع فردي أو جماعي يستهدف المس بالنظام العام والأمن العمومي
-اعتماد عنصر العنف والتخويف والترهيب لتحقيق هذه الغاية
-توافر النية الإجرامية لدى الفاعل الإرهابي

ومن هنا يتبين أن المشرع المغربي من خلال قانون (03-03) لم يعرف مفهوم الجريمة الإرهابية بل اقتصر على تعداد الأفعال المعتبرة في حكم ذات القانون الإرهابي وحدد الأركان التي يتعين وجوبا أن تقوم عليها، وعدد العقوبات المتنوعة الموازنة لا اقترافها في الفصل الأول من المادة 218 من القانون (03.03) ، ويكن تحديد هذه الجرائم في :

المطلب الأول : جرائم الاعتداء على الأشخاص
جرائم الاعتداء تشمل كل الأنشطة التي من شأنها أن تصيب الأشخاص في حياتهم أو في جسمهم أو صحتهم سواء بالتقليل أو التعذيب أو الاختطاف أو الاحتجاز، والمشرع الجنائي ، سواء في المجموعة الجنائية أو في قانون مكافحة الإرهاب في الفقرة 1 من الفصل 1-218 ق ج، أضفي حماية مطلقة على حياة الأشخاص من هذه الاعتداءات لذا وجب توافر الركن المادي زيادة على الركن المعنوي ليتسنى المعاقبة عليها.

الفقرة الأولى : الاعتداء على حياة الأشخاص
جرم وعاقب المشرع على الاعتداء على حياة الأشخاص في الفصول التالية من القانون الجنائي :
*الفصل 392 ق ج ، كل من تسبب عمدا في قتل غيره بعد قائلا، ويعاقب بالسجن المؤبد لكن يعاقب على القتل بالإعدام في الحالتين الآتيتين:
-إذا سبقته أو صحبته أو أعقبته جناية أخرى.
-إذا كان الغرض منه إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل أو ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة.
*الفصل 393 ق ج، القتل العمد مع سبق الإصرار والترصيد يعاقب عليه بالإعدام.
*الفصل 394 ق ج، سبق الإصرار هو العزم المصمم عليه قبل وقوع الجريمة على الاعتداء على شخص معين أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف وحتى ولو كان هذا العزم معلقا على ظرف أو شرط.
*الفصل 398 ق ج، من اعتدي على حياة شخص بواسطة مواد من شانها أن تسبب الموت عاجلا أو أجلا أيا كانت الطريقة التي استعملت أو أعطيت بها تلك المواد وأيا كانت النتيجة يعد مرتكبا لجريمة التسميم ويعاقب بالإعدام.
*الفصل 399 ق ج، يعاقب بالإعدام كل من يستعمل وسائل التعذيب أو يرتكب أعمالا وحشية لتنفيذ فعل يعد جناية.
الفقرة الثانية : الاعتداء على سلامة الأشخاص.
يتكون الركن المادي في جرائم الاعتداء على الأشخاص من عناصر ثلاثة:

-نشاط إجرامي:
إذا كان كل نشاط يؤدي إلى إيذاء الضحية في جسمها أو في صحتها يصلح عنصرا في الركن المادي لجرائم الاعتداء العمدي فإننا باستقراء الفصول 400، 401، 402، 403، 408، 413، 414 من ق ج نلاحظ أن المشرع قد أورد بعض الصور لهذا النشاط المؤذي والأكثر ورودا في العمل، وهي الضرب وهو كل تأثير راض أو كادم.
يقع على جسم الإنسان بالضغط أو الصدم أو كما غرفه بعض الفقهاء كل ضغط وأرض أو دفع أو احتكاك بجسم المجني عليه سواء ترك به أثرا أم لم يترك الجرح وهو النشاط الذي يأتيه الفاعل ويترك أثرا في جسم الضحية: ما أن تراه العين كسلخ الجلد، أو حرقة والجرح يعاقب عليه بغض النظر عن كونه ظاهرة أو غير ظاهرة الإيذاء وهي لفظة من العموم تشمل كل ما يؤذي الإنسان في جسمه أو صحته بحث ينطوي تحت لوائها الضرب والجرح والعنف وغيرها من الوسائل الأخرى كإعطاء مواد ضارة بالصحة أيا كانت لشخص من الأشخاص.

-نتيجة إجرامية: جرائم الاعتداء منها التي تقوم بغض النظر عن تحقق نتيجة مادية ذات أهمية وهذه الجرائم هي المنصوص عليها في الفصل 400 من ق.ح وهي الضرب أو الجرح أو العنف أو الإيداء الذي لا يتيح عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية أو ينتج عنه مرض أو عجز لا تتجاوز مدته 20 يوما ومنها التي تتصاعد عقوبتها وكذلك وصفها الجنائي بسبب التحقق نتيجة إجرامية ذات أهمية وهذه الجرائم هي المنصوص عليها في القانون الجنائي وتتحدد في :
-الفصل 400 ويتعلق بالضرب أو الجرح أو العنف أو الإيداء الذي يخلق عجزا لا تتجاوز مدتهم 2 يوما.
-الفصل 401 وتجرم الضرب أو الجرح أو العنف أو الإيداء الذي يخلف عجزا تتجاوز مدته 20 يوما
-العلاقة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة:
لكن يكتمل الركن المادي في جرائم الاعتداء يلزم توافر علاقة سببية بين النشاط المؤدي الذي أتاه الفاعل والنتيجة الإجرامية والتي هي إما عجز لمدة تفوق 20 يوما أو العاهة الدائمة أو وفاة الضحية وألما ما أمكن العقاب عنها طبقا للمواد السابقة .
ولا نضيف جديدا إذا قلنا بأن القواعد المعروفة في النظرية السببية عموما والمتطلبة في كل الجرائم الناتجة تطبق أيضا بالنسبة لجرائم الاعتداء العمدي التي ترتكب في إطار جريمة إرهابية.
الركن المعنوي
أما الركن المعنوي فيتحقق إذا انصرفت إرادة الفاعل إلى ارتكاب الجريمة على نحو ما عرفها القانون به ومعنى هذا ان يكون الجاني قد وجه نشاطه المؤذي بقصد المساس بجسم الضحية أو صحتها فإن قام لديه هذا القصد، قام الركن المعنوي وطبيعي أن ينتفي القصد الجنائي كلما حصل النشاط المؤدي بدون عمد.

الفقرة الثالثة : الاعتداء على حرية الأشخاص (الفصل219-223من ق.ج)
أن حرية الأفراد هي بلا جدال أساس الحريات جميعا وهي الهدف الأسمى الذي تستهدفه كل حكومة عادلة لأننا بقدر ما نملك من حرية تتحدد قدراتنا على اشباع حاجياتنا وبمعنى آخر بقدر ما نمتلك حرية تتحدد قدراتنا في استخدام قوانا و أوقاتنا ووسائلنا في الوصول إلى ما يعود علينا من نفع وإن كانت المصلحة الحقيقية للمجتمع تتمثل في توفير أكبر نصيب من الحرية لكل فرد على حدا فإن ذلك لا يمنع المجتمع من تقييد حريات الأفراد في حدود معينة وخارج هذه الحدود يكون أي مساس بحريات الإفراد اعتداء يستحق المسائلة سواء في ذلك أن يكون المساس من سلطات الدولة أو من فرد أخر أو من مجموعة من الأفراد.
فالحرية هي أتمن ما في الحياة فحاجة الإنسان للحرية لا تقل عن حاجة الجسد للروح فإذا كان الجسد يفقد كيانه بإزهاق الروح فالإنسان يفقد وجوده وكيانه بفقدانه للحرية.
فالحرية هي ذلك الحق لا بفقده الإنسان بمرور الزمن أي بالتقادم ، وهي تخول لكل إنسان أن يعمل أو يمتنع عن العمل وفقا لإرادته هو لا لإرادة الغير، وأن يمارس كغايته في منح ما يراه ناقصا أو ممتعا له، في الحدود التي ترسمها الهيئة الاجتماعية لمصلحة سائر أفرادها وأن يفكر ويعلن تفكيره وإن يستمتع بكامل مال لا يحرمه القانون.
جرم وعاقب المشرع على الاعتداء على حرية الأشخاص في الفصول التالية من القانون الجنائي:
-الفصل 219 يعاقب على الجرائم المرتكبة في عملية الاستفتاء والانتخابات سواء وقعت قبل التصويت أو أثناء وبعده طبقا للأحكام والعقوبات المقرر في القوانين المتعلقة بها.

الفقرة الرابعة: اختطاف الأشخاص واحتجازهم
-الفصل 436 (ظهير 21/5/174) يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من يختطق شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه أو يحتجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي كثير الحالات التي تجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص.
وإذا استغرقت مدة الحبس أو الحجز 30 يوما أو أكثر كانت العقوبة بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من يختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه أو يحتجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي كثير الحالات التي تجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص.
وإذا استغرقت مدة الحبس أو الحجز 30 يوما أو أكثر كانت العقوبة بالحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة، وإذا ارتكب القبض أو الاختطاف إما عن طريق ارتداء بذلة أو حمل شارة نظامية أو مماثلة لفها كما هو منصوص عليه في الفصل 384 وإما عن طريق انتحال اسم كاذب أو تقديم أمر مزور على السلطة العمومية أو استعمال وسيلة من وسائل النقل ذات المحرك أو تهديد بارتكاب جريمة ضد الأشخاص أو الممتلكات كانت العقوبة بالسجن من 20 إلى 30 سنة.
-الفغصل437(ظهير 21/5/74) إذا كان الاختطاف أو القبض أو الحبس أو الحجز يهدف إلى تمكين مرتكبيه من أخذ رهائن إما لإعداد أو تسهيل ارتكاب جريمة أو جنحة وإما لتسيير هروب مرتكبي الجناية أو الجنحة أو إفلاتهم من العقاب كانت العقوبة السجن المؤبد.

المطلب الثاني : جرائم الاعتداء على الأموال
سنتطرق للتعداد القانوني لجرائم الاعتداء على الأموال في الفقرات التالية :

الفقرة الأولى : جرائم التزييف والتزوير
تطرقت المادة1-218 من قانون الإرهاب(03-03) إلى أربعة أنواع من جرائم التزييف والتزوير وصنفتها كجرائم إرهابية متى اقترنت عمدا بمشروع فردي أو جماعي يمس النظام العام باعتبار التخويف أو الترهيب أو العنف أو الترويع وهي على الشكل التالي :
أولا: جرائم التزييف والتزوير المتعلقة بالعملة وسندات القرض العام.
ثانيا: جرائم تزوير وتزييف أختام الدولة والدامغات والطوابع والعلامات .
ثالثا: جرائم التزوير والتزييف المنصوص عليها بالمواد 360-361-362 من القانون الجنائي.
رابعا: جرائم تزوير وتزييف الشيكات ووسائل الأداء الأخرى.

أولا : جرائم التزييف والتزوير المتعلقة بالعملة وسندات القرض العام :
ينصرف مضمون هذه الجرائم إلى كل عمل مادي يهدف إلى تزييف أو تزوير العملة المحلية أو الأجنبية المتداولة بصفة قانونية داخل المملكة المغربية، وجميع الأوراق المالية وأدوات أو سندات الخزينة العامة التي تحمل طابعها أو علامتها أو قسائم الفوائد المتعلقة بتلك الأوراق المالية أو الأذونات والسندات.
وقد كان المشرع المغربي يولي أهمية خاصة لهذا النوع من الجرائم حتى في صورتها الكلاسيكية، وصلت العقوبة المخصصة لها السجن ونظرا لما تحتويه هذه العينة من الجرائم من خطورة بالغة واتساع نطاق إمكانية استخدامها في العمليات الإرهابية أو تمويلها ولا سيما أن احتمال نجاحها في الغرض الذي تصبو إليه، يمهد الطريق لتمويل المشاريع الإرهابية في أدق خططها وفق استراتيجية تعتمد كأساس لها تسخير جميع الإمكانيات المادية لتحقيق هدفها مما يقوي بشكل كبير فرص تنفيذ مخططاتها على أرض الواقع العملي فقد كان من المنتظر بل ومن المحتم أن يلجأ المشرع المغربي إلى تجريمها وتصنيفها ضمن الجرائم الإرهابية متى اقترنت بالدافع الباعث إلى ارتكابها.

ثانيا : جرائم تزوير أختام الدولة والدمغات والطوابع .
لا يخفى حجم الخطورة الذي يحتضنه هذا النوع من جرائم التزوير والتزييف فقد عاقب عليها المشرع المغربي في الجرائم العادية – الفصل 342 من ق ج بالسجن المؤبد .
ونظرا لما قد يتحقق من خطورة مضاعفة في حالة توظيف جرائم تزوير أختام الدولة والدامغات والطوابع والعلامات في أعمال إرهابية ، فقد عمد المشرع من خلال قانون (03-03) إلى تصنيفها ضمن الجرائم الإرهابية متى وظفت لهذا الغرض أما خطورة هذا النوع من الجرائم فتبدو جلية في كونها تمنح نوعا من المصداقية الثبوثية للوثائق المختومة بها أو المشفوعة بنماذجها الرسمية، مما يضفي عليها نوعا من الحجية الرسمية ويسهل بالتالي الغرض الموظفة فيه في سياق الجريمة الإرهابية المزمع تنفيذها .
ويقصد بأختام الدولة ودمغاتها جميع الأختام والدمغات المعدة للتأشير والمصادقة والموافقة، والمعتمدة بصفة رسمية لدى جميع مؤسسات الدولة ومرافقها الإدارية والتنظيمية، أما الطوابع والمعاملات فينصرف مقصودها إلى جميع الطوابع الوطنية أو علامات الدولة المغربية المقننة بصفة شرعية كما هو الشأن بالنسبة لعلامات الدولة المستخدمة بصفة رسمية ودمغات الذهب والفضة والمطبوعات ذات الصفة الرسمية المستعملة في المجالس التي يشنؤها الدستور أو الإدارات العامة أو الهيئات القضائية وطوابع بريدية وشارات الأداء وقسائم الرد التي تصدرها إدارة البريد أو الطوابع المالية المنفصلة وأوراق أو النماذج ذات الطوابع أو الأوراق ذات القيمة النقدية أو البريدية … .

ثالثا:جرائم التزييف المنصوص عليها بالمواد 360،361،362 من ق ج.
يحيل قانون الإرهاب (03-03)على أنواع خاصة من جرائم التزييف والتزوير وهي تلك المنصوص عليها بالفصول 360، 361، 362 من القانون الجنائي .
فبالنسبة لجرائم التزوير المنصوص عليها بالفصل 360 من ق ج فتنصرف إلى التزييف والزور الذي يطال الرخص أو الشهادات أو الكتيبات أو المنشورات أو التواصل أو جوازات السفر أو أوامر الخدمة أو أوراق الطريق أو جوازات المرور أو أية وثيقة أخرى تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أو هوية أو صفة أو منح ترخيص .
أما جرائم التزوير المنصوص عليها بالفصل 361 من ق ج فتتعلق بالتوصل بغير حق إلى تسلم إحدى الوثائق المنصوص عليها بالفصل السابق أو محاولة ذلك عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة وأما عن طريق انتحال اسم كاذب أو صفة كاذبة أو بتقديم معلومات أو شهادات أو إقرارات غير صحيحة وبالنسبة لجرائم التزوير المقررة بمقتضى المادة 362 ق ج، فترتبط بأصحاب الغرف أو الإنزال إذا قيدوا في سجلاتهم أحد النزلاء تحت اسم زائف أو مختلف وكذلك إذا أغفلوا تقيدهم باتفاق معهم.

رابعا: جرائم التزييف الشيكات ووسائل الأداء الأخرى.
يقصد بتزوير وتزييف الشيكات البنكية تغيير الحقيقة في البيانات المضمنة بها سوء النية تغييرا من شأنه إحداث ضرر متى وقع هذا التغير المعدي باعتماد أحد الوسائل الآتية:
-وضع توقيعات مزورة
-تغييرا المحور أو الكتابة أو التوقيع
-كتابة إضافية أو مقحمة في ورقة الشيك بعد تمام تحريره أو اختتامه.
وينتقل وصف الفعل الجرمي لتزييف وتزوير الشيكات من إطار الجرائم العادية ليندرج ضمن خانة الجرائم الإرهابية متى وظف في مشروع فردي أو جماعي لزعزعة الأمن العمومي والإخلال بالسيرورة الطبيعية للنظام العام، عن طريق تمويل مشروع العملية الإرهابية أو تمكينه من الوسائل المادية أو اللوجيستيكية المؤهلة لتنفذه ونفس الشيء ينطبق بالنسبة لوسائل الأداء الأخرى المنصوص عليها بالمادة 331 من مدونة التجارة التي تقضي بأنه ” يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 316 بخصوص وسائل الأداء موضوع هذا التقسيم:
1-كل من زيف أو زور وسيلة أداء
2-كل من استعمل عن علم أو حاول استعمال وسيلة أداء مزيفة أو مزورة
3-كل من قبل عن علم أداء بواسطة أداءات مزيفة أو مزورة”
وتعتبر وسيلة أداء وفق مقتضيات المادة الرابعة من الظهير الشريف 1. 93 .174 بتاريخ 6/7/1993 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بنشأة مؤسساة الائتمان ومراقبتها كل وسيلة تمكن أي شخص من تحويل أموال كيفما كانت الطريقة أو الخطط التقنية المستعملة لذلك .

الفقرة الثانية: جرائم التخريب أو التعييب أو الإتلاف
إن مناط تصنيف جرائم التخريب أو التعييب أو الإتلاف ضمن الجرائم الإرهابية متى تحققت الشروط الموضوعية لهذا التصنيف- أنما يوازي في حقيقة الأمر درجة خطورة هذا النوع من الجرائم الذي يستهدف الضرب العشوائي للمرافق الحساسة التي يؤمها عموم الأفراد ويكون القصد منها إتلاف لبنى التحتية وتدمير المرافق العمومية والممتلكات العامة بشكل يشيع الرعب والفزع بين صفوف العامة، أما على المستوى القانوني فقد عرفت المادة 3 من الاتفاقية المقررة من قبل عصبة الأمم المتحدة المؤرخة في 16 نونبر 1937 جرائم التخريب بالقول ” … كل الأفعال المقترفة عن قصد لغاية تدمير وإتلاف الممتلكات العامة أو المتعلقة بالمنفعة ووسائل المواصلات أو استعمال السم أو المكروب أو المواد المتفجرة أو المحرقة، وكذلك صناعة أو شراء أو حيازة أو توزيع أي من هذه المواد …. ”

الفقرة الثالثة: الجرائم الملاحية
يقصد بالجرائم الملاحية جرائم تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشأة الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال.
وما من شك أن وسائل النقل الدولية من طائرات وسفن وغيرها من وسائل النقل الأخرى، تعتبر من أهم الاختراعات الرائدة، وبفضلها أصبح العالم مجرد قرية كونية صغيرة الحجم، كما أضحى مفهوم الحدود بين الدول لا يتجاوز مستوى الفواصل الجيو-سياسية لا غير . اندثرت معالمها وخبئ دورها في ظل إفرازات العولمة والتقدم وتبدو أهمية هذه الوسائل في كونها تعتبر امتدادا لسيادة الدولة وتشكل جزء لا يتجزأ من توابع إقليمها وعليه فإن الاعتداء عليها يعتبر امتدادا لسيادة الدولة. وتشكل جزء لا يتجزأ من توابع إقليمها وعليه فإن الاعتداء عليها يعتبر اعتداءا صريحا على السيادة الرسمية للدولة المستهدفة.

وإذا كانت الوسائل الملاحية التي نحن بصدد الحديث عنها عرفت تطورا ملحوظا ومتميزا لأعلى مستوى تشكيلاتها فحسب، بل أيضا على مستوى زيادة فعاليتها وتطوير أساليب عملها فقد واكب هذا التطور الملموس زيادة حوادث التخريب والتعييب الذي تتعرض لها .بل يمكن الجزم أنها أضحت تشكل الوجهة المفضلة للإرهابيين والعمليات الإرهابية لخطورة استعمالها كأهداف إرهابية وقوة النتائج التدميرية التي تخلفها ولنستحضر جميعا أحداث 11 شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية التي أودت بحياة أكثر من ثلاثة آلاف مواطن بعد أن وظفت في هذه العملية طائرات ركاب استهدفت برجي التجارة العالمي ومقر البانتغون ووزارة الدفاع.

وبالنظر للخطورة الاستثنائية لمثل هذه الاعتداءات وتأثيرها السلبي على سلامة النقل الدولي والمواصلات العالمية عبر تعريض حياة المسافرين الآمنين للخطر المميت، فقد حظيت الجرائم الإرهابية المرتكبة في هذا المجال بأهمية متزايدة لدى السلطات الرسمية لمختلف دول المعمور وقد أسفرت جهودها في مكافحة هذا النوع من الجرائم عن توقيع ثلاث اتفاقيات أساسية بادر المغرب بالمصادقة عليها وهي على الشكل التالي :
-اتفاقية طوكيو بشأن الجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرات المحررة والموقعة بطوكيو بتاريخ 19 دجنبر 1997
-اتفاقية مونتريال الخاصة بقمع جرائم الاعتداء على سلامة الطيران المدني المحررة والموقعة في مونتريال بتاريخ 23 شتنبر 1971 .
بيد أن هذه الاتفاقيات لم تكن فعالة على مستوى ردع الجرائم الإرهابية الواقعة على الطائرات وغيرها من الوسائل الملاحية بسبب غموض مقتضياتها وافتقارها لآليات قانونية وواقعية تكون رادعة وأكثر عملية، فضلا عن كونها لم تقم آليات للتنسيق بين الدول المتعاقدة لمواجهة هذا النوع من الجرائم . مما حدا بأغلب الدول إلى استحداث مقتضيات تشريعية خاصة بها تكون أكثر صرامة وفاعلية في سبيل الحفاظ على أمن وسلامة وسائلها الملاحية، وفي ذلك يقول الأستاذ تآمر إبراهيم الجهماني .
“… وعلى الرغم من صراحة أحكام هذه الاتفاقيات ، ورغم اتخاذ الاحتياطات الأمنية، إلا أن ذلك لم يمنع من التزايد المستمر لعمليات اختطاف الطائرات ففي عام 1950 لم يقع في العالم إلا حالات نادرة وقليلة. إلا أنه خلال العقدين الآخيرين الواقعين ما بين 1950 و 1970 نجد أنه وقع في الولايات المتحدة وحدها 73 حدثا وفي أمريكا اللاتينية 51 حادثا . وفي أوروبا الغربية 9 حوادث وكذا الاتحاد السوفياتي 3 حوادث وفي أوروبا الشرقية 9 حوادث وفي الوطن العربي وقعت 3 حوادث…”.

وخلاصة القول فإن جرائم الاستيلاء على وسائل الملاحة جوية كانت أم برية أم بحرية وتحويلها إلى غير وجهاتها المخصصة لها، أو استهدافها بالتخريب والتعييب والتدمير، ويعتبر من أخطر صور الجرائم الإرهابية على الإطلاق . إذ يمس حياة ركاب أمنين وأبرياء . ويعتمد على عنصر الصدمة المفاجئة فضلا عن كون إزهاق حياة المسافرين من خلال هذا النوع من الجرائم يتضمن الكثير من الشناعة والمأساوية إذ تتقلص بشكل كبير فرص النجاة للركاب.

الفقرة الرابعة : جرائم السرقة
السرقة وانتزاع الأموال تفيد الاختلاس العمدي لأموال منقولة ومملوكة لفائدة الاغيار وتملكها او محاولة ذلك.
ويتباين الوصف القانوني لجريمة السرقة تبعا للمحل الذي تنصرف وتنصب عليه وكذا بالنظر للظروف الشخصية او العينية التي تقترن بارتكاب فهي تتقمص وصف الجنحة الضبطية عندما تكون سرقة زهيدة ( الفصل 506 من ق ج ) وتكتسب وصف الجنحة التأديبية متى كانت سرقة مجردة ( الفصل 505 من ق ج ) وقد يرتقي الوصف القانوني لجريمة السرقة ليصبح جناية متى اقترن بظرف واحد أو أكثر من ظروف التشديد طبقا للفصلين 509، و 510 من القانون الجنائي، كما هو الشأن لظرف الليل والتسلق أو التعدد او استعمال ناقلة ذات محرك.
فجميع هذه الجرائم وغيرها من جرائم انتزاع الأموال وبصرف النظر عن الوصف القانوني الذي تتخذه، تصبح جرائم إرهابية بمجرد ارتباطها عمدا بمشروع فردي او جماعي يستهدف المس بالأمن والاستقرار العام بنية التخويف والترهيب او العنف ( الفقرة 5 من الفصل 1 – 218 ).

الفقرة الخامسة : جرائم متعلقة بالأسلحة والمتفجرات والذخيرة.

قسمت محكمة النقض المصرية السلاح إلى نوعين :” أسلحة بطبيعتها وهي المعدة للقتل ويدل حملها لذاتها على أن هذا هو المقصود منها، كالبنادق والحراب والسيوف والملاكم الحديدية وغيرها مما هو معاقب عليها إحرازه … وأسلحة يمكن أن تحدث الوفاة ولكنها معدة لأغراض بريئة ولا يدل حملها بذاتها على أن المقصود منها الاعتداء على الأنفس كالسكاكين العادية والفؤوس … مما يستخدم في الشؤون المنزلية والصناعية وغيرها ” .
ولقد كان إدراك المشرع المغربي مبكرا بأهمية منع ومكافحة صنع الأسلحة والذخيرة والاتجار بها بطريقة غير شرعية ، لما لتلك الأنشطة من آثار خطيرة على كيان الدولة وأمنها لدا سعى إلى اتخاذ تدابير تشريعية لتحقيق هذه الغاية .
فسن مجموعة من القوانين لتنظيم مختلف العمليات التي ترد على الأسلحة والذخيرة والمتفجرات والمعاقبة عنها، ويتعلق الأمر بظهير 31 مارس 1937 المتعلق بتنظيم جلب الأسلحة والاتجار فيها وحملها وحيازتها واستيداعها .
وظهير 30 يناير 1954 بشأن إجراء المراقبة على المواد المتفجرة ثم ظهير 2 شتنبر 1958 بشأن الزجر عن المخالفات للتشريع الخاص بالأسلحة والعتاد والأدوات الفرقعة.
فظهير 31 مارس 1937 جعل صنع وجلب الأسلحة الحربية أو المخصصة للاستعمال الشخصي أو الاتجار فيها مشروط بالحصول على رخصة إدارية تنحها السلطات الأمنية والعسكرية المختصة كما بين الإجراءات الواجب اتباعها لمتعاطي هذه الأنشطة .
أما ظهير 30 يناير 1954 فقد منع على شخص غير حامل للبطاقة الخاصة بالمراقبة التي تصدر عن الإدارة العامة للأمن الوطني ، أن يمسك المواد المتفجرة والمفرقعات والشواهب الموقدة للمواد المتفجرة او يرافق عند حملها او يحميها او يقوم بحراستها ، في جرم وعاقب الفصل 1 من ظهير 1958 كل شخص يحتفظ بأسلحة وعتاد وآلات وأدوات قاتلة أو محرقة أو فمرقعة أو مدخرات أو يصنعها او يتاجر فيها أو استيراجها أو ترويجها . وقد اعطى المشرع لهذه الأفعال وصف جناية ، ومنح الاختصاص النوعي للمحكمة العسكرية.

وباعتبار أن هذه الأفعال تشكل جناية فإن المحاولة فيها يعاقب عنها بقوة القانون طبقا للفصل 114 من القانون الجنائي . أما أعمال المشاركة فالمرجع فيها إلى الفصل 129 من القانون الجنائي في حين أن المصادرة نص عليه المشرع في الفصول 42و43و89 من القانون الجنائي.
وإلى جانب ذلك جرم وعاقب الفصل 303 من ق ج كل من ضبط في ظروف تشكل تهديدا للأمن العام أو لسلامة الأشخاص أو الأموال وهو يحمل جهاز او أداة أو شيئا واخزا أو قاطعا أو خانقا ما لم يكن ذلك لسبب نشاطه المهني أو لسبب مشروع .
تعتبر جرائم صنع أو حيازة او نقل او ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات او الذخيرة خلافا للأحكام القانونية المنظمة لها والواردة اعلاه جرائم إرهابية إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف او الترهيب او العنف وفق ما نصت عليه الفقرة 6 من الفصل 1-218 من ق ج.

الفقرة السادسة : الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الألية للمعطيات:
كان لإدخال المعلوميات في العديد من القطاعات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية، وتنوع أشكال القرصنة والاستعمال والاستغلال غير المشروعين لبرامج الحاسوب ومعطياته وقع في تعالي العديد من الأصوات المنادية بضرورة وضع إطار قانوني للمعلوميات للحد من مخاطر الاستعمال الغير القانوني للمعلوميات .
ذلك أن المعلوميات غيرت بشكل كبير العديد من المفاهيم القانونية خاصة في مجال القانوني نظرا لظهور قيم حديثة ذات طبيعة خاصة مجملها معلومات ومعطيات فقد أصبحت جريمة إنشاء معلومات برامج الحاسوب والاعتداء عليها بالقرصنة أو الاستغلال غير المشروع من أخطر أنواع الجرائم التي أوجدتها المعلوميات ، حيث ان التطور المهول لظاهرة الجريمة جعلها يبحث في إحداث التقنيات والاختراعات العلمية لتسخيرها لخدمة الجريمة ، ولاشك أن نظم المعالجة الآلية للمعطيات تأتي على رأس هذه التقنيات .
ونظرا للفراغ التشريعي في هذا الباب ولعدم توفر القضاء على الآليات القانونية للتصدي للجريمة التي تستهدف هذا المجال ، كان من الضروري تدخل المشرع لتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات .
وإلى جانب ذلك عاقب المشرع الجنائي عن إدخال معطيات في نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو إتلافها أو حذفها منه او تغيير المعطيات المدرجة فيه او تغيير طريقة معالجتها او طريقة إرسالها عن طريق الاحتيال.
كما تم فرض عقوبات على تزوير وتزييف وثائق المعلوميات، إذا كان من شأن التزوير او التزييف ألحق ضرر بالغير وكذلك الشأن بالنسبة لمن يستعمل وثائق معلوماتية وهو يعلم بأنها مزورة أو مزيفة ( الفصل 7-607 ق ج ).

كما اشتمل القانون على عقوبات صارمة في حق من يقوم بصنع تجهيزات أو أدوات أو يعد برامج للمعلوميات او للمعطيات أعدت او اعتمدت خصيصا لأجل ارتكاب الأفعال المجرمة في هذا الإطار أو يمتلك هذه الأجهزة او الأدوات او يحوزها ، او يتخلى عنها للغير او يعرضها او يضعها رهن إشارة الغير ( الفصل 10-67من القانون الجنائي) ومن جهة أخرى تم العقاب على محاولة ارتكاب الجرائم المذكورة ( الفصل 8-607 ق ج ) وعن الاشتراك في عصابة او اتفاق يتم لأجل الأعداد لواحدة أو أكثر من الجرائم المعلوماتية إذا تمثل الأعداد في فعل أو أكثر من الأفعال المادية ( الفصل 9-607 ق . ج).

الفقرة السابعة: جرائم إخفاء أشياء متحصلة من جريمة إرهابية
هذه الجريمة الإرهابية نص عليها المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 1-218 من القانون (03-03) المتعلق بالإرهاب ، وتكمن عناصرها في:
العنصر المادي :
يتلخص العنصر في وقوع جريمة من الجرائم الإرهابية من طرف شخص وبالتحديد الجرائم التي يمكن أن يتحصل منها أشياء كجريمة السرقة وانتزاع الأموال والجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم صنع الأسلحة او المتفجرات أو الذخيرة ثم يقوم شخص آخر بإخفاء ما تم تحصيله من هذه الجرائم أي الأشياء المسروقة في جرائم السرقة والأموال المنتزعة في جرائم انتزاع الأموال والبرامج المعلوماتية المنجزة خلافا لأحكام القانون ، والأسلحة والمتفجرات والذخيرة المصنوعة خلافا لأحكام القانون.
ومما سبق يتبين ان هناك جريمتين الأولى أصل والثانية فرع وهذه الأخيرة في قيامها تابعة للأولى وجود أو عدما . والظرف المتمثل في أن الشيء الموجود تحت اليد تم الحصول عليه من جريمة إرهابية.
والفعل المادي هو وضع اليد لا يقتضي حتما أن يكون محاطا بالسرية كما انه لا يلزم أن يكون قد قضى تحت يد الفاعل مدة معينة فيكفي أن يكون قد تلقى الشيء ثم سلمت لغيره بعد ذلك .

ويجب أن يكون قد وقع الحصول على الشيء اما من جناية او من جنحة إرهابية ويمكن أن يكون الشيء قد اختفى لكنه عوض بقيمة من المال.
والملاحظ أن جريمة الإخفاء تكون مرتكبة حتى لو ان الشيء الذي ثم إخفاؤه لم يعد هو بالذات الشيء الذي وقعت سرقته وليس مهما أن يكون الفاعل قد حصل على نقود من بيع شيء مسروق أو اشترى بالنقود المسروقة أي شيء كان ويجب أن تبين محكمة الموضوع (محكمة الاستئناف بالرباط) أصل الشيء الموجود في حوزته لكي يتبين بذلك سوء نيته.
وفي جريمة إخفاء شيء متحصل من جريمة إرهابية لا أهمية للوقت علم فيه الفاعل بأصل الشيء أي بأن الحصول عليه كان من جراء جناية أو جنحة إرهابية سواء كان هذا الوقت في أول فترة الإخفاء أو أثناءه .
وأخيرا فإن مخفي الشيء يعاقب حتى ولو لم تقع متابعة مرتكب الجريمة الأصلية أو كان مجهولا أو كان مستفيدا مثلا من إحدى حالات الإعفاء من العقاب المنصوص عليها في الفصل 534 من القانون الجنائي.

العنصر المعنوي:
هو علم الفاعل بأن مصدر الشيء هو جريمة إرهابية وهو يندرج مع النية الإجرامية.

الفقرة الثامنة: جرائم تمويل الإرهاب
إزاء تصاعد أعمال الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره في أنحاء العالم كافة، اكدت رسميا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إدانتها القاطعة لجميع أعمال الإرهاب وأساليبه وممارساته على اعتبار أنها أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها ، أينما ارتكبت وأيا كان مرتكبوها فأصدرت الجمعية العامة قرارا بالغ الأهمية تطلب فيه من جميع الدول اتخاذ خطوات بالوسائل الداخلية الملائمة لمنع تمويل الإرهابيين والمنظمات الإرهابية والحيلولة دون تحقيق هذا التمويل ، سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق منظمات ذات أهداف خيرية او اجتماعية او ثقافية او تدعي ذلك أو تعمل أيضا في أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات وابتزاز الأموال بما في ذلك استغلال الأشخاص لأغراض تمويل الأنشطة الإرهابية لذا اقتضت الضرورة اعتماد تدابير تنظيمية لمنع تحركات الأموال المشبه في أنها لأغراض إرهابية، والتصدي لهذه الحركات، دون وضع عقاب أمام الحق في حرية انتقال رؤوس الأموال المشروعة وفي توسيع نطاق تبادل المعلومات المتعلقة بالتحركات الدولية لهذه الاموال وللتصدي لظاهرة الإرهاب أصبح الاقتناع راسخا على بلورة كل هذه الأفكار في اتفاقية دولية وهو ما تحقق من خلال الاتفاقية لقمع تمويل إرهاب الموقعة في نيويورك في 1/01/2000 والتي نصت في المادة 3 على أن تتخذ كل دولة طرق التدابير اللازمة من أجل اعتبار الأفعال المتعلقة بتمويل الإرهاب والمنصوص عليها في المادة 2 من الاتفاقية جرائم جنائية بموجب قانونها الداخلي والمعاقبة عليها بعقوبات مناسبة تراعي خطورتها على النحو الواجب كما فرضت المادة 5 من الاتفاقية على كل دولة طرف اتخاذ التدابير اللازمة وفقا لمبادئها القانونية الداخلية للتمكين من أن يتحمل كل كيان اعتباري موجود في اقليمها أو منظم في إطار قوانينها المسؤولية إذا قام شخص مسؤول عن إدارة او تسيير هذا الكيان بصفته هذه بارتكاب جريمة منصوص عليها في المادة2 وقد تكون هذه المسؤولية أما مدنية او جنائية أو إدارية.

ومن هذا المنطلق بادر المشرع المغربي إلى تجريم تمويل الإرهاب والمعاقبة عليه في القانون رقم 03-03 المتعلق بقانون مكافحة الإرهاب حيث اعتبر الفصل 4-218 قانون جنائي الأفعال التالية أفعالا إرهابية.
-القيام بأية وسيلة كانت مباشرة أو غير مباشرة بتقديم او جمع تدبير أموال أو قيم أو ممتلكات بنية استخدامها أو مع العلم بأنه تستخدم كليا أو جزئيا لارتكاب عمل إرهابي سواء وقع العمل المذكور او لم يقع
-تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض
فمفهوم الأموال في قانون مكافحة الإرهاب والذي يوظف في تمويل العمليات الإرهابية قد يكون أموالا لا نقدية او قيما او ممتلكات ، في حين يقصد بتعبير الأموال في الاتفاقية أي نوع من الأموال المادية او غير المادية المنقولة او غير المنقولة التي يحصل عليها بأية وسيلة كانت والوثائق والصكوك القانونية أيا كان شكلها بما في ذلك الشكل الالكتروني أو الرقمي واليت تدل على ملكية الأموال أو مصلحة فيها بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الائتمانيات المصرفية وشيكات السفر والشيكات المصرفية والحوالات والأسهم والأوراق المالية والسندات والكمبيالات وخطابات الاعتماد .

الفقرة التاسعة : جرائم عدم التبليغ عن الأعمال الإرهابية
جرم المشرع عدم التبيلغ عن جريمة إرهابية في الفصل 8-218 ق ج عاقب كل من كان على علم بمخطط أو أفعال تهدف إلى ارتكاب أعمال معاقب عليها بوصفها جريمة إرهابية ولم يبلغ عنها فورا بمجرد علمه بها الجهات القضائية أو الأمنية أو الإدارية او العسكرية .
فجريمة عدم التبليغ عن جريمة إرهابية تتحقق بالامتناع عن القيام بعمل أوجبه القانون الذي يفرض على المواطنين المساهمة إلى جانب السلطات العمومية في مجهوداتها الرامية إلى مكافحة الجريمة والوصول إلى الجناة لإفشال مخططاتهم الإجرامية وخاصة الجرائم الإرهابية التي تكتسي خطورتها أهمية بالغة على أمن واستقرار الفرد والمجتمع .
وواجب التبليغ في قانون رقم (03.03) المتعلق بمكافحة الإرهاب له طابع التأكيد والإلحاح ، ويبدأ من حيث الزمن بشكل فوري أي بمجرد علم الشخص بمخطط أو أفعال تهدف إلى ارتكاب أعمال يعاقب عليها بوصفها جريمة إرهابية.
والجريمة الإرهابية الواجب التبليغ عن مخططاتها أو عن أفعالها هي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون رقم :03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب سواء تعلق الأمر بجنحة إرهابية او بجناية إرهابية أما السلطات العمومية يجب أن يوجه إليها التبليغ فتحدد في إحدى السلطات التالية: السلطات القضائية او السلطات الأمنية، او السلطات الإدارية ، أو السلطات العسكرية.

الفقرة العاشرة : جرائم غسيل الأموال
تعتبر جرائم غسيل الأموال أخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي ، أنها التحدي الحقيقي أمام المؤسسات المال والأعمال، وهي أيضا امتحان لقدرة القواعد القانونية على تحقيق فعالية مواجهة الأنشطة الجرمية ومكافحة أنماطها المستجدة وغسيل الأموال جريمة ذوي الياقات البيضاء تماما كغيرها من الجرائم الاقتصادية التي ترتكب من محترفي الإجرام الذين لا تتواءم سماتهم مع السمات الجرمية التي حددتها نظريات علم الإجرام والعقاب التقليدية.
وغسيل الأموال أيضا جريمة لاحقة لأنشطة جرمية حققت عوائد مالية غير مشروعة فكان لزاما إشباع المشروعية على العائدات الجرمية او ما يعرف بالاموال القذرة ليتاح استخدامها بيسر وسهولة ولهذا تعد جريمة غسيل الأموال مخرجا لمأزق المجرمين المتمثل بصعوبة التعامل مع متحصلات جرائمهم خاصة تلك التي تدر أموالا باهظة، كتجارة المخدرات وتهريب الأسلحة والرقيق وأنشطة الفساد المالي ومتحصلات الاختلاس وغيرها .

وتجدر الإشارة هنا أن النهب العام بخصوص جرائم غسيل الأموال ارتبط بجرائم المخدرات بل إن جهود المكافحة الدولية لغسيل الأموال جاءت ضمن جهود مكافحة المخدرات ولهذا موضوع النص دوليا على قواعد وأحكام غسيل الاموال جاء ضمن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة المخدرات ومبرر ذلك أن أنشطة المخدرات هي التي أوجدت الوعاء الأكبر للأموال القذرة بفعل متحصلات عوائدها العالية، غير ان هذه الحقيقة أخذة في التغيير إذ تشير الدراسات التحليلية إلى أن أنشطة الفساد المالي والوظيفي خاصة في الدول النامية من قبل المتحكمين بمصائر الشعوب أدت إلى خلق ثروات باهظة غير مشروعة تحتاج لتكون محلا لغسيل الأموال كي يتمكن أصحابها من التنعم بها، وكذلك أظهر التطور الحديث لجرائم التقنية العالية ( جرائم الكمبيوتر والأنترنيت) إن عائدات هذه الجرائم من الضخامة بمكان تتطلب أنشطة غسيل الأموال خاصة أو مقترفيها في الغالب ليس لديهم منافذ الإنفاق الموجودة لدى عصابات المخدرات وذات القول يرد بخصوص أنشطة الإرهاب وتجارة الأسلحة وتجارة الرقيق والقمار وخاصة مع شيوع استخدام الأنترنيت اليت سهلت إدارة شبكات عالمية للانشطة الإباحية وأنشطة القمار غير الشرعية وغسيل الأموال نشاط إجرامي تعاوني تتلاقى فيه الجهود الشريرة لخبراء المال والمصارف وخبراء التقنية – في حالات- غسيل الأموال بالطرق الإلكترونية – وجهود اقتصاديي الاستثمار المالي إلى جانب جهود غير الخبراء من المجرمين ولهذا تطلبت مثل هذه الجرائم دراية ومعرفة لمرتكبيها ولهذا أيضا تطلبت عملا تعاونا يتجاوز الحدود الجغرافية مما جعلها جريمة منظمة تفترفها منظمات إجرامية متخصصة وجريمة عابرة للحدود ذات سمات عالية ومن هنا أيضا ليس بالسهل مكافحتها دون جهد دولي وتعاون شامل يحقق فعالية أنشطة المكافحة.

ومن خلال استعراض هذه الجرائم التي اعتبرها قانون ف03-03) جرائم إرهابية يظهر بانه بهذه الجرائم على سبيل الحظر وليس على سبيل المثال حيث نجد ان هناك جرائم تؤدي إلى الترويع وخلق فزع لدى الأشخاص لكنها لا تدخل في خانة الجرائم الإرهابية وبالتالي يمكن القول بأن هناك العديد من الجرائم التي يمكن اعتبارها جرائم إرهابية إلا أنها تخرج من هذه الدائرة.
الفصل الأول : دراسة تحليلية لقانون مكافحة الإرهاب.
قانون مكافحة الإرهاب دراسة نقدية

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.