الرؤية الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة العربية: الثابت والمتحول

جامعة محمد الخامس السويسي – سلا
كلية العلوم القانونية
الاجتماعية والاقتصادية

وحدة التكوين والبحث
“الدبلوماسية المغربية”
مادة : تحليل النظام الدولي

عنوان البحث:

usa-arab

الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة العربية: الثابت والمتحول

تحت إشراف الأستاذ: د.سعيد خالد الحسن

من إعداد الطالب: إدريس م.
السنة الدراسية: 2004/2005

تقـديم:

راجت في الآونة الأخيرة، مقولات تؤكد على أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت وبالذات منذ أحداث الحادي عشر من سبتمر، تنظر للعرب والمسلمين، من خلال عدسات خاصة، تختلف عن تلك التي تتعامل بها مع الآخرين، غير أن هناك من يرى أن هذه المقولات، لا تستند إلى أية قرائن أو براهين، فرؤية الولايات المتحدة الأمريكية للآخر، لا تتشكل عبر منظورات، أو وفق تصنيفات عرقية أو ثقافية أو دينية، وإنما من خلال مناظير ووفقا لمعايير موضوعية موحدة، أساسها رؤية الولايات المتحدة لذاتها ولدورها ولأهدافها ولمصالحها في العالم، ومعنى ذلك أن عملية الفرز بين أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية وأعدائها وبين حلفائها وخصومها، تتم على أساس مدى تفهم الآخرين لتلك الرؤية وتجاوبهم معها وليس العكس .

غير أنه -وبغض النظر عن اختلاف الرؤية- سوف يكون من الخطأ البالغ، في الوقت نفسه تجاهل الطبيعة الخاصة لحالة الأزمة التي تمر بها العلاقات الأمريكية- العربية في هذه المرحلة فلا جدال في أن الأزمة الراهنة تضع الولايات المتحدة الأمريكية ربما لأول مرة في تاريخها في مواجهة مع العالم العربي ككل، وليس في مواجهة إحدى دوله أو مجموعة معينة منه، ولا جدال أيضا في أن البعد الثقافي وهو المشترك الرئيسي والعامل الموحد للعالم العربي يشكل إحدى أهم مكونات وربما جوهر هذه الأزمة، باعتبار أن الإرهاب -حسب واشنطن- هو نتاج حصري من الشرق الأوسط، ومعالجته رهينة بتحقيق تغييرات في ثقافة العالمين العربي والإسلامي، ويتطلب تظافر الجهود من جانب العالم الليبرالي، من عمليات كومندوس، إلى الحفاظ على النظام. إلى الضغوط الاقتصادية، وأمور كثيرة أخرى( ).
ومن هنا، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تطالب العالم العربي ككل بإدخال تغييرات واسعة في نظمه ومناهجه التربوية والتعليمية والثقافية، ومن اجل ذلك أصدرت وثيقة أسمتها “مشروع الشرق الأوسط الكبير” وهي عبارة عن مبادرة للإصلاح في العالم العربي والإسلامي( ) قدمتها لقمة الثمانية، والتي تضم الدول المصنعة والمنعقد في سي أيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية في يوليوز 2003، وذلك من اجل حشد الدعم لها.
إذن، هل يشكل هذا التحول النشط والانفرادي في السياسة الأمريكية الشرق أوسطية “ثورة” أصيلة؟ وهل يمكن أن نستنتج أن الحادي عشر من سبتمر أطلق الشرارة الأولى، من الحقبة الإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط؟ وهل أن واشنطن باحتلال أفغانستان والعراق، وإسكات صوت المقاومة الفلسطينية، قد نجحت في القضاء على “الإرهاب” وتحقيق السلام بهذه المنطقة؟ أم أن السياسة الخارجية الحالية، هي مجرد انحراف قصير الأجل، نفذته شبكة من العقائديين الرادكاليين من المحافظين الجدد، سرعان ما سيتبخر حلمهم، بفعل النفور الشعبي المتزايد من سياستهم، والقوى المضادة في النظام الإقليمي العربي والدولي؟ أي هل سينظر إلى السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه العالم العربي والإسلامي، باعتبارها ثورة أم أنها مجرد انقلاب؟

كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها من خلال العناوين التالية:

1-تطور الرؤية الاستراتيجية الأمريكية اتجاه العالم العربي
1-1-النفط كمحدد للرؤية الأمريكية
1-2-إسرائيل كمحدد لرؤية الأمريكية
1-3-الطبقة العربية الحاكمة كمحدد للرؤية الأمريكية
2-الولايات المتحدة الأمريكية وإعادة تثمين القيمة الاستراتيجية للمنطقة العربية
2-1-الشرق الأوسط وقرن أمريكا الجديد.
2-2-اليمين المسيحي وسياسة الشرق الأوسط
2-3-محارة الإرهاب والدعوة الأمريكية للديمقراطية.
3-الديمقراطية بين التحدي الأمريكي والاستجابة العربية.
3-1-تزايد الضغوط الأمريكية على المنطقة العربية.
3-2-مدى استجابة المنطقة العربية للضغوط الأمريكية
خلاصة.


1-تطور الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة العربية:

لفهم تطور الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للعالم، بشكل عام، وللعالم العربي بشكل خاص، لابد من الإشارة إلى ملاحظة مهمة، أكد عليها معظم المتخصصين في العلاقات الدولية، وعلى رأسهم عالم السياسة الأمريكي “هانز مورجنتاو” تقول أن “مفهوم الهيمنة والسيطرة على العالم، والذي يعكس في باطنه شعورا دفينا بالتميز والتفوق الحضاري والثقافي” كان المحرك الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية، وأن هذا المفهوم يعد المفتاح الرئيسي، لفهم السياسة الخارجية الأمريكية منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية كدولة فيدرالية وحتى الآن.
فعندما هيأت الظروف للولايات المتحدة الأمريكية أن تتحول بعد الحرب العالمية الثانية، إلى قـوة عالمية أولى، في نظام دولي ثنائي القطبية، ثـم إلى قوة عالمية وحيدة، في نظام أحادي القطبية، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كان من الطبيعي، أن تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الكون كله باعتباره منطقة نفوذ يحق لها وحدها أن تتدخل في أي بقعة فيه.
ولأن العالم العربي يقع جغرافيا خارج نصف الكرة الغربي، فقد ظل حتى بداية الحرب العالمية الثانية، خارج دائرة النفوذ والاهتمام الأمريكي المباشر أو غير المباشر، غير أنه ما إن بدأت تتطلع لدور كوني، حتى دخل العالم العربي في بؤرة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعين عليها حينئذ، صياغة رؤية لمصالحها في المنطقة، تتلاءم مع رؤيتها ومع سياستها الكونية الجديدة.
في هذا السياق، يبدو واضحا أنه كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية حين بدأت تتهيأ للمنافسة على قيادة النظام العالمي، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أداتين جاهزتين للنفاذ إلى المنطقة هما: إسرائيل والنفط، ويمكن أن نضيف أيضا الطبقة الحاكمة العربية( ).

1-1-النفط كمحدد للرؤية الأمريكية:
ترتكز مصالح الولايات المتحدة الأمريكية النفطية على عناصر وأبعاد مركبة، فهناك أولا البعد الاقتصادي، الخاص بمصالح شركاتها النفطية، وما تحقق من ورائها من أرباح ضخمة، وهناك ثانيا، البعد الأمني، الخاص بضمان استمرار تدفق النفط العربي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بأسعار معقولة، وهناك ثالثا، البعد الاستراتيجي، الخاص بالنقط كآلية من آليات التحكم والسيطرة على النظام الدولي، و الذي قد يعزى في ظروف معينة، بمحاولة السيطرة المباشرة عليه، وعدم الاكتفاء بمنع القوة المنافسة أو المعادية من السيطرة عليه أو الاقتراب منه ( ).
غير أن الوضع، تغير جذريا مع اندلاع حرب أكتوبر 73، بعد أن تمكنت الدول العربية ولأول مرة من استخدام النفط كورقة ضغط سياسي في صارعها مع إسرائيل ( ).
وهذا التطور الخطير، لعب دورا كبيرا في إعادة تشكيل رؤية الولايات المتحدة الأمريكية للمنطقة العربية، وكان قرارها، ألا تدع ذلك يحدث أبدا مرة أخرى، حتى ولو اضطرت إلى احتلال منابع النقط ذاتها، وإلى أن تتهيأ هذه الفرصة قررت العمل على عدة جبهات: تفتيت النظام العربي، والحيلولة دون تماسكه في إدارة الصراع، دعم إسرائيل وتحويلها إلى قوة إقليمية كبرى، وتضييق الخناق أكثر على النفوذ السوفياتي في المنطقة، وعندما سقط هذا الأخير وانهيار المعسكر الاشتراكي، زالت أهم العقبات، التي تعترض طريق الولايات المتحدة الأمريكية للتطلع للسيطرة على منابع النفط في المنطقة ( )

1-2-إسرائيل كمحدد للرؤية الأمريكية
لا يوجد خلاف في المنطقة العربية، على أن هناك التزام أمريكي ليس فقط بالمحافظة على إسرائيل وأمنها، وإنما مدها بكل وسائل وأسباب التفوق على الدول العربية مجتمعة، وبالتالي يوجد إجماع على أن إسرائيل هي مصلحة أمريكية، ويمكن تحليل الموقف الأمريكي من تطور الصراع العربي-الإسرائيلي منذ نشاة الدولة العبرية عام 48 حتى الآن، اعتمادا على مجموعة من الحقائق يمكن إجمالها على النحو التالي:
أ-إن إسرائيل أثبتت فعاليتها كحليف للولايات المتحدة الأمريكية في مقاومة أعدائها المشتركين: الاتحاد السوفياتي سابقا، النظم الراديكالية ذات التوجه القومي أو الإسلامي في المنطقة، ويمكن أن نذكر الدور الذي قامت به إسرائيل في الحرب الأمريكية على العراق، حيث قامت بتزويد الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح، ومساعدة رجال المارينز على التدرب على حرب المدن وعمليات التجسس على يد الإسرائيليين ( ).
ب-قدرة إسرائيل على الولوج إلى أعماق التفكير الأمريكي، والتأثير على الرؤية الأمريكية للصراع العربي – الإسرائيلي لصالح هذا الأخير.
كما أن هناك مجموعة من أصدقاء إسرائيل في لولايات المتحدة الأمريكية تؤمن بتماهي المصالح بين الدولة اليهودية والولايات المتحدة الأمريكية، معتمدين على عوامل تاريخية ودينية وحضارية في تفسير ذلك.
ج-إن إسرائيل هي نواة لمشروع صهيوني أكبر، لم يكتمل بعد وما تزال مستمرة في العمل لاستكماله، وفق أساليب وآليات تخدم مصالحها ومصالح شركائها الأمريكيين..
كل هذا يجعل من إسرائيل حليف استراتيجي دائم للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.

1-3-الطبقة العربية كمحدد للرؤية الأمريكية
يعكس السلوك العربي اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية، تعدد في الرؤى وتباينا يصل إلى حد التناقض في المصالح والأهداف، فرغم ما يجمع العرب من روابط وأواصر، تاريخية وثقافية تؤكد على مستقبلهم ومصيرهم المشترك، فإنهم مولعين بالبحث عن ما يفرقهم، أكثر من بحثهم عن ما يجمعهم، وتحولت السياسات العربية إلى عداوات بين المراحل التاريخية وقياداتها المختلفة ( ).
ولأن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، تركزت في المقام الأول على النفط وأمن إسرائيل كما سبقت الإشارة، فقد كان من السهل عليها استغلال كل هذه التناقضات إلى أقصى حد، وتمكنت بالفعل، رغم تقلب الظروف والأحوال الدولية والإقليمية، من تأمين مصالحها النفطية مع العرب، رغم انحيازها الكامل والمطلق لإسرائيل.
فحتى منتصف الستينات، وحين كانت الولايات المتحدة الأمريكية، ترى في الخطر السوفياتي مصدر التهديد الرئيسي لمصالحها في العالم وفي المنقطة، كانت عملية الفرز بين الأصدقاء والأعداء في العالم العربي، تتم على أساس الموقف من الاتحاد السوفياتي، وفي هذا السياق كان بمقدور لولايات المتحدة الأمريكية أن تعتمد على دعم ومساندة أنظمة عديدة داخل العالم العربي، وحرصت أيضا ألا تقطع صلتها بالحركة القومية العربية المعادية للفكر الماركسي، وحين تنامى التيار القومي، وبات يهدد المصالح الأمريكية، اعتمدت على الدول والتيارات الإسلامية المحافظة، بمقاومة التيار العربي-القومي، المتعاون مع السوفيات، حين اندلعت الثورة في إيران، وبات التيار الإسلامي الرادكالي الذي تبنته تلك الثورة، يشكل الخطر الأكبر على الأنظمة العربية الموالية، لم تتردد في استغلال التيار القومي (ممثل في النظام العراقي) في محاصرة هذا التيار الجديد.
ولذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تأخذ أبدا البعد الجماعي العربي، باعتباره محددا للرؤية الأمريكية اتجاه العالم العربي، وأصبحت أجندة العلاقات الثنائية المحدد الرئيسي لعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع كل دولة عربية على حدى ( ).
لكن مع انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية وحيدة على الساحة الدولية، مما جعلها تبحث عن استراتيجية جديدة تتناسب مع وضعها الجديد، كقوة مهيمنة، وبالتالي تغيير نظرتها للعالم، بما في ذلك طبعا المنطقة العربية.
وتمت صياغة هذه الاستراتيجية، التي تم الإفصاح عنها في شتنبر 2002 من طرف جورج بوش، اعتمادا على وثيقة “القرن الأمريكي الجديد” ( ) مع مجموعة من التعديلات فرضتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وكانت كلها تهم العالم العربي والإسلامي، وتتعلق بمحاربة الإرهاب، ونشر الديمقراطية والحرية حسب واشنطن.

2-الولايات المتحدة الأمريكية وإعادة تثمين القيمة الاستراتيجية للمنطقة العربية:

في سبتمبر 2002، أي بعد عام فقط من أحداث 11/9 أعلنت الاستراتيجية الأمريكية، وهي نسخة مزودة ومزيفة عن مشروع “القرن الأمريكي الجديد” لجماعة المحافظين الجدد واليمين المتطرف واللذان يشكلان العمود الفقري لإدارة بوش الابن، حيث ينتهي نص الاستراتيجية الأمريكية، كما صيغ في تقرير البيت الأبيض ببادئة تعكس محور عمليات سياسية التدخل الانتقائي القادمة، ومسرح عملياتها بالقول: “إن الحرب ضد الإرهاب لا تقوم على أساس صراع الحضارات، ولكنها صراع على مستقبل العالم الإسلامي، أي منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي هو حقلها ( ).

2-1-الشرق الأوسط وقرن أمريكا الجيد
من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية باحتلالها للعراق وقبل ذلك أفغانستان، وإعلان إدارتها “التزام أجيال بمساعدة شعوب الشرق الأوسط على تطوير منطقتهم” قد ابتعدت عن موقفها التقليدي، في التمسك بالأمر الواقع الإقليمي، نحو سياسة تدخل نشط، فالاستراتيجية الجديدة تصر على العمل الاستباقي -إن لم يكن الوقائي- الانفرادي ليحل محل المذاهب (المبادئ) التي توالت خلال القرنين 19 و20، الانعزال ثم الاحتواء والردع ( )، ولا يمكن تفسير هذا بصورة جوهرية، على أنه استجابة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، لأن أصله يرجع إلى أوائل تسعينات القرن الماضي، حينما وضعت شبكة من السياسيين والمسؤولين الحكوميين ( )، الأساس الفكري للثورة التي يطلق عليها اليوم “المحافظة الجديدة” ( ).
حيث وجهت هذه الجماعة نداءا مباشرا إلى كلينتون، قالت إنه من أهدافها الرئيسية، إسقاط صدام حسين، وإلا “فإن سلامة القوات الأمريكية في المنقطة وسلامة جزء كبير من مخزون النفط العالمي، ستكون معرضة للخطر” وأصدرت جماعة مشروع القرن الأمريكية تقريرا سريا لاحقا في شتنبر 2000، قالت فيه: “إن صدام حسين سيوفر عذرا للتوسع العسكري الأمريكي في المنطقة” ( ).
إن الشرق الأوسط الكبير، هو حقل اختبار للمشروع الأمريكي الجديد، والعالم العربي في داخله هو قاعدة الانطلاق، لأنه يعتبر مصدر الخطر الجديد، الأسوأ- حسب واشنطن- حتى من التهديد السوفياتي القديم، فالإرهابيون الإسلاميون- كونهم غير عقلانيون- يحوزون أسلحة دمار شامل متدنية المستوى التقني، يمكن حملها، وبالتالي غير قابلة للاحتواء، فبإمكانهم أن يضربوا في عمق الأراضي الأمريكية، ما لم تتم تصفيتهم بطريقة استباقية، إن الشرق الأوسط حسب واشنطن، هو حقل لتربية الإرهاب، وينبغي ليس فقط اجتثاث التنظيمات الإرهابية من جذورها وإنما لابد من القضاء على المستنقع، الذي تعيش فيه، فالمهمة الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية ليست مجرد استخدام القوة على نحو نشط فحسب، بل إعادة تشكيل البيئة الداخلية للعديد من “الدول الفاشلة” في الشرق الأوسط، والتي ترعى أنظمتها التربوية، ومنظماتها الدينية، وحكوماتها التي تفتقر إلى الكفاءة، واقتصاداتها المصابة بالجمود( ).

2-2-اليمين المسيحي وسياسة الشرق الأوسط
أمريكا مثل بريطانيا، ذات أغلبية بروتستانتية، تغلغلت في تفكير مواطنيها، الأفكار والتنبؤات التوراتية الخاصة بعودة اليهود إلى فلسطين، ومما قوى هذه الأفكار، التجارب التي مر بها المهاجرون البروتستانت من أوربا إلى أمريكا، حينما قارنوا بينها وبين التجارب التي مر بها اليهود القدماء عندما فروا من ظلم فرعون إلى أرض فلسطين.
وفي نهاية النصف الأول من القرن 19، بدأ التعاطف الأمريكي مع اليهود يتحول إلى عمل ملموس من خلال جماعات وأفراد، فعلى صعيد الأفراد، في عام 1985 قام “وارد كاريون” القنصل الأمريكي في القدس، بتأسيس مستوطنة زراعية في منقطة القدس، وخطط لتأسيس مستوطنات أخرى، ولكن لم يجد الدعم المطلوب من اليهود آنذاك( ).
وعلى صعيد الجماعات ، ظهرت جماعة “أخوة المسيح” وجماعة “بناي بريت” أي أبناء العهد وشهود يهوه، ومؤسسات مسيحية متطرفة مرتبطة بإسرائيل أشد الارتباط ( ).
ثم جاء الرؤساء الأمريكيون في دعم الحركة الصهيونية، وزاد هذا الدعم في بداية الأربعينات مع انتقال مركز الثقل في النظام العالمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فالرئيس روزفلت اتخذ نجمة داوود شعارا رسميا للبريد والخوذات التي يلبسها الجنود وعلى أختام البحرية، وجاء بعده ترومان الذي أصدر بيانا طالب فيه بإدخال 100 ألف يهودي فورا إلى فلسطين، وكان له دور مشهود بجانب اليهود في حرب عام 1948 ( ).
وفي عام 1967، بدأت الولايات المتحدة بالسماح لليهود والأمريكان، التصويت في الانتخابات الإسرائيلية، حيث تم إصدار قرار من مجلس القضاء الأعلى، بإلغاء الجزء 401، من القانون الوطني الصادر 1940 وينص : “أي مواطن أمريكي يفقد جنسيته الأمريكية، بمجرد أن يصوت في انتخابات سياسية في دولة أجنبية” ( ).
وفي عام 1980، ومن اجل تجاوز ردود الفعل المعارضة، بسبب ضمها شرقي القدس العربية دعمت الحكومة الإسرائيلية، إنشاء منظمة مسيحية يمينية تدعى “السفارة المسيحية الدولية” وجهزت الحكومة الإسرائيلية لها منزلا في غرب القدس، كانت تملكه عائلة ينحدر منها الكاتب إدوارد سعيد.
وفي عام 1998، تشابكت أيادي إسرائيل واليمين الديني بالولايات المتحدة وتعاهد 3000 إنجيلي على دعم إسرائيل، وقال الرئيس الإسرائيلي (في هذا الحفل): “ليس لنا أصدقاء وحلفاء أعظم من الناس الذين يجلسون في هذه القاعة” ( ).
وإدارة بوش الحالية تعتبر من بين أكثر الإدارات الأمريكية تأثرا بالتعاليم المسيحية، حيث نشرت مجلة “نيوزويك” ملفا في عددها (بتاريخ 10 مارس 2003) عن الاعتقادات الدينية التي تدفع بوش الابن إلى سلوكه السياسي والعسكري، فهو يميل إلى التفسير الديني للأحداث الحالية، وقد قال في حديث لمذيعين دينيين: “إن الإرهابيين يمقتوننا، لأننا نعبد الرب، بالطريقة التي نراها مناسبة”، ويميل بوش الابن إلى استخدام مصطلح “حرية” بل مصطلح “الديمقراطية” لأن الحرية بالنسبة له ذات مدلول ديني، فهي ليست حرية الخيار السياسي بالضرورة ، بل “حرية اكتشاف الرب” بكل المدلول المسيحي التبشيري لذلك.
وذكرت نفس المجلة، أن أنصار بوش من الانجيليين، يأملون في أن تكون الحرب على العراق، فاتحة لنشر المسيحية في بغداد (نيوزويك 10/03/2003)، وفي ذلك تذكير بخطاب المستعمرين في القرن 19 وبداية القرن 20، وحديثهم عن مسؤولية الرجل الأبيض، والعبء الملقى على عاتقه لنشر الحضارة بين الشعوب المتوحشة (الإرهابية حاليا) ( ).
2-3-محاربة الإرهاب والدعوة الديمقراطية
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، واتهام مجموعة من العرب والمسلمين، بالتورط فيها، أصبحت الولايات المتحدة تعتبر أن العالم العربي والإسلامي هو حقل لتفريخ الإرهاب، وحتى لا تتكرر 11 من سبتمبر أخرى، ترى الولايات المتحدة الأمريكية أنه يجب تصفية هؤلاء الإرهابيين بطريقة استباقية، أي ليس باستخدام القوة فحسب، ولكن بإعادة تشكيل البنية الثقافية والسياسية والاقتصادية لهذه الدول ( ).
شنت إدارة بوش في سبيل تحقيق هذه الغاية، خلال أقل من سنتين من الحادي عشر من سبتمبر ثلاث حروب 1- الحرب على أفغانستان التي أدت إلى تغيير النظام الطالباني، 2- الحرب على الإرهاب وهي حرب أوسع نطاقا لتمزيق الشبكات والخلايا الإسلامية حول العالم، 3-غزو العراق واحتلاله بدعوة علاقته بالقاعدة ( ).
لكن لم يدرك صناع السياسة الأمريكيون، أن هناك تناقضا جوهريا بين حربهم المعلنة ضد الإرهاب ودعوتهم الحارة لتطبيق الديمقراطية خصوصا في العالم الإسلامي، ذلك أن الحرب الأمريكية على الإرهاب، تضمنت على صعيد الممارسة العملية أنماطا شتى من الاعتداء على حقوق الإنسان، وخصوصا فيما يتعلق باعتقال المئات من المشتبه بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة، بطرق غير قانونية واحتجازهم بصورة غير إنسانية، كما أن هذه الأنظمة التي تطلب منها القيام بالإصلاح تعتبر بالنسبة لواشنطن حليفا رئيسيا في الحرب على الإرهاب .
كما جاء احتلالها للعراق، بدعوى أن من حق الولايات المتحدة الأمريكية تغيير بعض النظم السياسية الاستبدادية بالقوة انتصارا للديمقراطية ! وفي ذلك ما فيه من عدوان صريح على قواعد الشرعية الدولية، وهجوم مباشر على جوهر القيم الديمقراطية ذاتها ( ).
وها نحن في العالم العربي، نواجه اليوم بحملة أمريكية جديدة تتمثل في مبادرة الشرق الأوسط الكبير، لتعزيز الديمقراطية في المنطقة، وتدخل هذه المبادرة في إطار الحملة الأمريكية على الإرهاب لكن بطرق أخرى.
حيث يعتبر مهندسو هذه المبادرة، أن تعزيز الديمقراطية في الخارج سيجعل الشعب الأمريكي، يزدهر أكثر في عالم من الديمقراطية، بدلا من عالم تسوده الأنظمة الاستبدادية والفوضوية.
لكن يجب ألا ننسى مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية في خلق الإرهاب الذي ارتد عليها، فهي روجت لهذا الإرهاب عبر إنشاء شبكات تعمل لصالحها ودعم أنظمة قمعية ترعب شعوبها ( ).
إن احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، ودعمها لحكومة شارون في إبادة الشعب الفلسطيني، زاد من نسبة العداء والعمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة الأمريكية .
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية مع الإدارة الحالية عاقدة العزم على الذهاب بعيدا في استراتيجيتها الجديدة في الشرق الوسط، لكن هذا التحدي يواجه بتحدي آخر، هو مدى استجابة دول المنطقة لهذه الاستراتيجية الجديدة.
3-الديمقراطية بين التحدي الأمريكي والاستجابة العربية
شهدت السنتين الأخيرتين، تزايد الضغوط من اجل الإصلاح في العالم العربي، من خلال طرح مجموعة من المبادرات لإصلاح الأوضاع السائدة، في البلاد العربية و الإسلامية، وتأتي أهمية هذه الدعوات أنها صادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم رفض أغلب الحكومات العربية للضغوط الخارجية، إلا أنه كان من الصعب عليها تجاهلها بشكل كامل، وكان الاتجاه السائد في أغلب الدول العربية، هو إدخال القدر الكافي من الإصلاحات للحد من الضغوط الخارجية أو لتوفير حجة تبرر ادعاءها، بأنها تأخذ الأمر بجدية، ولكن أيضا بحذر يتلاءم مع ظروفها.

1-3-تزايد الضغوط الأمريكية في المنطقة العربية
يتجلى التحدي الأمريكي للمنطقة العربية، في احتلال العراق والتواجد في قلب المنطقة العربية، وأيضا في دعهم الدولة الصهيونية، ومن ثم حل النزاع العربي- الإسرائيلي، بما يخدم المصالح الإسرائيلية، والتحدي الآخر هو التدخل الأمريكي النشيط في المنطقة، بدعوى نشر الديمقراطية والإصلاح.
من المؤكد أن احتلال القوات الأمريكية لبغداد، وسقوط النظام العراقي، على يد آلة الحرب الأمريكية، قد هز كثيرا من المسلمات السائدة داخل العالم العربي، وقد عمق من هذا الشعور أن النظام العراقي بدا في أعين البعض وكأنه نظام قومي تحرري يحارب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والرجعية العربية ويناصر الشعب الفلسطيني، وبالتالي كانت هزيمته هي هزيمة لهذا الخيار، وإذا كان من المؤكد أن النظام العراقي، لم يكن في أي لحظة في تاريخه نظاما تحرريا أو قوميا أو محاربا حقيقيا –إلا بالشعارات- ضد الولايات المتحدة الأمريكية فإن المؤكد أيضا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحمل للعراق مشروعا تحرريا حقيقيا( ).
فاحتلالها للعراق، يهدف إلى تحويله إلى منطقة نفوذ من اجل راحة وأمن الكيان الصهيوني، بعد أن كان دولة قوية تقلق إسرائيل وتقض مضاجع الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى الاستيلاء على النقط العراقي بالنظر إلى أهميته المستقبلية على المستويين الاستراتيجي والاقتصادي ( ).
كما أنهم يريدون أن يجعلوا من العراق “بؤرة إشعاع” إيديولوجي من نوع جديد في المنطقة وهذا يعتبر أحد الأهداف التي تركز عليها الدعاية السياسية للحكومة الأمريكية، كما يريدون من نظام “قرازاي” العليل في أفغانستان أن يكون هو الوصفة المعقولة للعراق وفلسطين، إذ أتيح لهم ولشارون المضي قدما، إن على من سيخلف عرفات وصدام، أن يتبنى هموم واشنطن وتل أبيب، باسم محاربة الإرهاب، حتى وإن كان شارون يمارس واحدة من أكثر حملات التدمير والتطهير العرقي خطرا منذ اجتياح عام 1948، وفي الوقت نفسه، فإن حاجات الطاقة في أمريكا والغزو الاستعماري الإسرائيلي سوف تتم حمايتها باسم نشر الديمقراطية وإشاعة الإصلاح كضمانات للأمن والاستقرار في المنطقة( ).
فعندما نتكلم عن سايكس-بيكو جديدة، فهذا يعتمد على مدى نجاح الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، فإذا نجحت في أن تجعل القيم الأمريكية تشع في العراق على المنطقة، فلا داعي لسايكس- بيكو جديدة، إنما سيكون هناك استعمار فكري وثقافي للمنطقة بكاملها، أما إذا لم تنجح في مسعاها للسيطرة على العراق فستقسم العراق والسعودية، وستغير ترتيب المنطقة، بما يؤمن مصلحة إسرائيل (أموال عربية أسواق عربية، عقل يهودي) و هذا يكرس الاعتقاد بأن الدور القادم هو دور إسرائيل ولكن شيئا من هذا لن يتحقق في أسوء الأحوال والظروف( ).
لكن السؤال الحقيقي الذي يطرح أمام تراجع وخفوق الخطاب الأمريكي الذي ينادي بالإصلاح، هل الدعوة للإصلاح والتي تدخل في إطار الاستراتيجية الجديدة اتجاه المنطقة، ليست سوى تدبير مؤقت، للتغطية على فشلها في العراق؟ وأيضا لتأجيل أفول الهيمنة الأمريكية وإطالة عمر الأحادية؟
أمام هذا المعطى نتساءل عن كيفية تعاطي دول المنطقة مع هذا التحدي الأمريكي الجديد؟

2-3-مدى استجابة دول المنطقة للضغوط الأمريكية؟
لا يمكن الحديث على أن الضغوط الأمريكية، قد أسفرت حتى الآن عن أحداث إصلاحات عميقة في أي من البلاد العربية، فالمبدأ السائد في أغلب البلدان العربية، هو الإصلاح من اجل الحفاظ على الوضع القائم ( ) ويتجلى ذلك في قيامها بإصلاحات سطحية أكثر منها جذرية، وذلك فقط من أجل تخفيف الضغط عليها.
وقد أسست الحكومات رفضها لأي تدخل دولي في الإصلاحات الداخلية، وفقا لمقولات السيادة والخصوصية الحضارية والدينية والاجتماعية، وبأن المجتمعات العربية تمارس بالفعل مشروعات إصلاحية بتدرج ونابعة منها، فضلا عن أن غياب الاستقرار الإقليمي، وغياب تسوية الصراع العربي- الإسرائيلي، والوضع المتدهور في العراق، يمنعان الانخراط في مشروع إصلاح شامل وسريع.
هذه المواقف العربية العامة، لم تمنع حقيقة تبلور ثلاث مجموعات من دول عربية في سياق التعامل مع خطط الإصلاح الخارجية، الأولى ترى أن هذه قضية داخلية تماما ولا يحق لأحد مجرد أن يطرحها على أي طرف عربي، والثانية مجموعة التعامل الانتقائي، وترى أن هذه الخطط فيها بعض الإيجابيات إذا كانت في صورة مساعدات فنية أو اقتصادية غير مصحوبة بضغوط سياسية معينة، ومن ثم يمكن التعامل الجزئي معها وفقا للخطط و السياسيات المحلية والوطنية نفسها، ووفقا للوثيرة التي يرتضيها المجتمع المحلي نفسه، أما المجوعة الثالثة فهي مجموعة القبول الترحيب، وعدم الحساسية، وتلك بدورها ترى أن ما يطرح عليها لا يتعارض مع ما تقوم به بالفعل من إصلاحات وفقا لخطط ذاتية بحثة، بل يدعمها من جانب، ويدعم حضورها الإقليمي والدولي من جانب آخر ( ).
-الحالة السعودية في الإصلاح: شهدت المملكة، تطورات رئيسية خاصة في المجال الإصلاح السياسي طوال العام 2003 ومطلع 2004، حيث قامت بتنظيم انتخابات بلدية ولو بشكل محدود.
الانتخابات في العالم العربي: شهد العالم العربي 5 انتخابات خلال العام 2003، واحدة رئاسية في موريطانيا والأربعة الباقية تشريعية وكان اثنان منها في سوريا والأردن واليمن والكويت.
-التطور التشريعي: فإذا كانت قضايا الحقوق السياسية والحريات العامة لم تشهد تطورا مهما، إلا أن الحكومات العربية اختارت مجالات أخرى لإحداث إصلاح تتجاوب به مع المطالبات المحلية و الدولية ، ففي إطار محاولة لمحاربة الفساد والكسب غير المشروع اتجهت كل من الأردن واليمن إلى إصدار قانون الذمة المالية، فيما يتعلق بكبار العاملين بالدولة بمن فيهم رؤساء الحكومات والوزراء ( ).
المجال الثاني الذي حظي باهتمام الحكومات العربية في إطار التعامل مع الضغوط من اجل الإصلاح هو المتعلق بحقوق المرأة، فقد أعدت اللجنة التشريعية بالمغرب، قانون الأحوال الشخصية الجديد و الذي يمنع المرأة والطفل العديد من الحقوق.
وفي الكويت وافقت الحكومة الكويتية على مشروع قانون، يمنح المرأة حق التصويت والترشيح في انتخابات المجالس البلدية.
وبينما حاولت الحكومة الأردنية إحداث إصلاح في أحوال المرأة، فإنها تلقى مقاومة فيما يتعلق ببعض جوانب هذا الإصلاح (القضايا التي تتعلق بالشرف) .

خـلاصـة:
لم تنطلق الولايات المتحدة الأمريكية (والغرب بشكل عام) في تعاملها مع العالم العربي، من رؤية إيديولوجية أو عقائدية، وإنما من رؤية براغماتية عملية واضحة لمصالحها في العالم العربي، في إطار رؤية استرتيجية أكثر وضوحا لمصالحها الكونية.
وفي سياق هذا النهج البراغماتي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية حريصة على أن يكون لها أصدقاء عرب، و أن تقدم الحماية اللازمة قدر الإمكان لهذه النظم الصديقة، وكانت هناك اعتبارات عملية تستدعي هذا الحرص في ظل نظام دولي ثنائي القطبية، يتسم بوجود معسكر مضاد غير أن هذا الحرص يبدو وكأنه لم يعد له ما يبرره، فقد تفكك المعسكر الاشتراكي وانهار كما تفكك النظام العربي وانهار، خاصة بعد خروج مصر من الصراع العسكري مع إسرائيل أولا، ثم تدمير واحتلال العراق بعد ذلك.
كما دفعت المتغيرات التي طرأت على النظام العالمي، الولايات المتحدة، وفي ضوء ما حدث لها في الحادي عشر من سبتمبر على تغيير نهجيها البرجماتي واستبداله بآخر، ينطلق من رؤية إيديولوجية أو عقائدية واضحة، صاغها جناح يميني شديد التطرف ( ).
غير أن مشكلة الرؤية المطروحة حاليا لإعادة صياغة الشرق الأوسط تبدو وكأنها رؤية إسرائيلية شارونية في ثوب أمريكي، وهذا هو مأزقها الحقيقي.
فقد بات على العالم العربي أن يتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل احتلال أمريكي لثاني أكبر دولة عربية، ومحاولة لفرض تسوية في الشرق الأوسط بشروط إسرائيلية، وضغوط هائلة على جميع الدول العربية لتغيير مناهجها التعليمية والثقافية والإعلامية، ومن الصعب تصور إمكانية تعاطي العالم العربي إيجابيا مع تلك الرؤية سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي.
السؤال الآن: كيف يمكننا بناء تصوراتنا الجديدة إزاء ما تقدم؟.
علينا أن نفهم أن بناء نظام الشرق الأوسطي جديد لن يكون مختلفا كثيرا على النظام الشرق أوسطي الذي ساد على امتداد عقود القرن العشرين، صحيح أن النظام السابق ولد في ظل أوضاع تاريخية مختلفة عن الواقع وأوضاع، كالتي نعيشها اليوم، لكن بالنسبة للرؤية الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة، تحكمها مجموعة من المصالح الثابتة، والتي لا تتغير بتغير الظروف الدولية، كمسألة النفط وأمن إسرائيل والحفاظ على الأنظمة الصديقة.
وهذا يبين أن الأمريكيين يمتلكون استراتيجية قوية وواضحة إزاء الشرق الأوسط، في حين لا يمتلك الشرق أوسطيون أي استراتيجية إقليمية قوية ومتماسكة، فهم إذن عاجزون عن فهم التحديات التي سيلاقونها في المقابل.

__________________________________________
-د.حسن نافعة: “وجهة نظر في: تطور الرؤية الأمريكية تجاه العرب” مجلية السياسة الدولية، عدد 153، يوليوز 2003. القاهرة.
– انظر دانيال لازار: www.mondiploar.com/aou02/articles/lazar/htm
-انظر الوثيقة على موقع: www.daralhayat.net/actions/print.php
-د.حسن نافعة، مرجع سابق.
-محمد الدوري: “اللعبة انتهت: من الأمم المتحد إلى العراق مختلا” المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2004، ص 180.
–د.حسن نافعة، مرجع سابق.
– د.حسن نافعة، مرجع سابق.
-د.-نصير عاروري: “حروب جورج بوش “الوقائية” بين مركزية الخوف وعولمة إرهاب الدولة” مجلة المستقبل العربي، عدد 297 نونبر 2003 مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت ، ص 24.
-د-حسن نافعة: مراجع سابق.
-د-حسن نافعة: مراجع سابق .
-د.ناصر عاروري، مرجع سابق، ص 16.
-عماد فوزي شعيبي: “ندوة: احتلال العراق” مركز دراسات الوحدة العربية، مارس 2004 بيروت، ص 109.
-د.ناصر عاروري، مرجع سابق، ص 26.
-والذين سيصبحون فيما بعد أعضاء إدارة بوش، مثل : وولفويتز، بولتون، بيرل، رامسفلد… الخ
-مايكل هادسون: ندوة “احتلال العراق” مركز دراسات الوحدة العربية مارس 2004، بيروت، ص 66-67.
-جيف سيمونز: “عراق المستقبل” دار الساقي، الطبعة الأولى. 2004، ص 397.
-مايكل هادسون: مرجع سابق، ص 66.
-حسن الرشيدي: “ملامح التغيير الأمريكي المرتقب للمنطقة العربية” مجلة البيان، عدد 189، ماي 2003، الرياض.
-مثل: مؤسسة التراث” لمؤسسها سكارف ميلون، و JISNA و هيدسون أنستيتيوت، وأمريكا أنتربرايز أنستيتيوت… الخ.
-حسن الرشيدي : مرجع سابق.
-غريس هالسل/محمد السماك: “يد الله: لماذا تضحي الولايات المتحدة الأمريكية بمصالحها من أجل إسرائيل” دار الشروق القاهرة 2001، ص 86.
-غريس هالسل/محمد السماك: مرجع سابق، ص 90.
-د.محمد نشطاوي: “الولايات المتحدة والعالم وعقدة التفوق” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 84، 2004 الرباط، ص 71.
-مايكل هادسون، مرجع سابق، ص 66.
– مايكل هادسون، مرجع سابق، ص 67.
– د.السيد ياسين: الإمبراطورية الكونية: الصراع ضد الهيمنة الأمريكية” نهضة مصر 2004، القاهرة ص 42.
-د.محمد نشطاوي، مرجع سابق، ص 67.
-أحمد السيد النجار: “نكبة العراق: الآثار السياسية و الاقتصادية” مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية القاهرة، 2004، ص 87.
-محمد الدوري: مرجع سابق، ص 179-180.
-نصير عاروري: مرجع سابق، ص 34.
-محمد الدوري: مرجع سابق، ص 182-183.
-انظر التقرير الاستراتيجي العربي 2003/2004 مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية القاهرة، غشت 2004، ص 347.
-انظر التقرير الاستراتيجي العربي 2003/2004 مرجع سابق، ص 15.
– انظر التقرير الاستراتيجي العربي 2003/2004 مرجع سابق، ص555-556.
-انظر التقرير الاستراتيجي العربي 2003-2004، مرجع سابق، ص 556.
-د.حسن نافعة، مرجع سابق.
-د.محمد حسنين هيكل: “العرب على أعتاب القرن 21” سلسلة كتب المستقبل، العدد 16، مركز دراسات الوحدة العربية. 1999

المراجع المعتمدة:

الكتب:
-محمد الدوري: “اللعبة انتهت: من الأمم المتحدة إلى العراق محتلا” المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء 2004.
-عماد فوزي شعيبي: ندوة “احتلال العراق” مركز دراسات الوحدة العربية، مارس 2004، بيروت.
-جيف سيمونز: “عراق المستقبل” دار الساقي، الطبعة الأولى 2004، بيروت.
-مايكل هادسون: ندوة “احتلال العراق” مركز دراسات الوحدة العربية، مارس 2004، بيروت.
-غريس هالسل / محمد السماك: “يد الله، لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من اجل إسرائيل” دار الشروق، القاهرة 2001.
-السيد ياسين: الامبراطورية الكونية: الصراع ضد الهيمنة الأمريكية” نهضة مصر 2004 القاهرة.
-أحمد السيد النجار: “نكبة العراق: الآثار السياسية و الاقتصادية” مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة. 2004.
-محمد حسنين هيكل: “العرب على أعتاب القرن 21” سلسلة كتب المستقبل، العدد 16 مركز دراسات الوحدة العربية، 1999، بيروت.
-التقرير الاستراتيجي العربي: 2003/2004، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية. القاهرة. غشت 2004.

الدوريات:
-حسن نافعة: “وجهة نظر في : تطور الرؤية الأمريكية اتجاه العرب” مجلة السياسة الدولية، عدد 153 يوليوز 2003 القاهرة.
-نصير عاروري: “حروب جورج بوش الوقائية” بين مركزية الخوف وعولمة إرهاب الدولة” مجلة المستقبل العربي، عدد 297، نونبر 2003، بيروت.
-محمد نشطاوي: “الولايات المتحدة والعالم وعقدة التفوق” المجلة المغربية للإ

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.