خاتمة بحث عن دور التدابير الوقائية في مكافحة الجريمة

بحث حول دور التدابير الوقائية في مكافحة الظاهرة الإجرامية

خاتمـة
يتضح من خلال ما تطرقنا إليه في هذا البحث أن التشريع الجنائي المغربي يقوم على أساس الازدواجية في العقاب من خلال الاعتماد على العقوبة بالدرجة الأولى ثم التدابير الوقائية بالدرجة الثانية، ومن ثم صنف هذا المشرع ضمن التشريعات التي تأخذ بنظام الازدواجية في الجزاء الجنائي، ويستخلص ذلك جليا من خلال قراءتنا للفصل الأول من القانون الجنائي المغربي الذي يحدد أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات وتدابير وقائية.
فمن ثم تعتبر التدابير الوقائية إلى جانب العقوبة ذلك الجزاء الذي يتم به محاربة الخطورة الإجرامية الكامنة في المجرمين، إلا أن ما يتضح من الناحية الواقعية أن القضاء المغربي يركز على العقوبة بالدرجة الأولى إلى حد يكاد ينعدم فيه تطبيق التدابير الوقائية باستثناء بعض التدابير التي تحظى بتطبيق من طرف مختلف محاكم المملكة مثل تدبير المصادرة، والإغلاق وبعض التدابير الخاصة بالأحداث. وهذا ما لا نجد له مثيل في التشريعات المقارنة التي تركز على التدابير الوقائية بالدرجة الأولى في مكافحة ظاهرة الجريمة مثل التشريع الفرنسي والمصري واللبناني إلى غير ذلك من التشريعات.
ويبقى أملنا المنشود والذي نلح عليه أن يسير التوجه الجنائي المغربي على نهج باقي التشريعات التي تركز على تطبيق التدابير الوقائية وعدم الاكتفاء بتطبيق العقوبة نظرا لقصورها في مكافحة الظاهرة الإجرامية وتخليص المجتمع من آفة الإجرام. ويتضح ذلك من خلال ما أبانت عليه مختلف البحوث والدراسات الاستراتيجية المتعلقة بالسجون في تقاريرها، والتي أشارت إلى عدة مشاكل تعاني منها المؤسسات السجنية كالاكتظاظ وضعف التغطية الصحية وسوء التغذية إلى غير ذلك من المشاكل، وذلك نتيجة الإفراط في تطبيق العقوبة على حساب التدابير الوقائية، تماشيا مع القولة الشهيرة “الوقاية خير من العلاج” وقد فعل المشرع المغربي خيرا في المجال التجاري في مدونة التجارة الصادرة لسنة 1996 التي عوضت نظام الإفلاس بنظام وقائي علاجي، ألا وهو نظام لمعالجة صعوبة المقاولة، وذلك لما يحققه هذا النظام من نتائج إيجابية عكس نظام الإفلاس، حيث تتجلى هذه النتائج في تنمية الاقتصاد وعدم تسريح العمال تفاديا للتشرد ومن ثم السقوط في مغبة الجريمة.
ونتمنى من المشرع المغربي أن يسير على هذا المنوال في المجال الجنائي فيمنح للتدابير الوقائية الأولوية في التطبيق على العقوبة من خلال العمل على تقويم السلوك المنحرف والشاذ لشخص المجرم قبل اللجوء إلى العقوبة كجزاء أخير ونهائي.
فإذا كانت العقوبة قد أبانت عن قصورها في حماية المجتمع من الانحراف والقضاء على الجريمة، فإنه يبقى السبيل الأمثل في نظرنا هو العمل على تطبيق التدابير الوقائية بكيفية جدية كبديل عن العقوبة في مجال الحد من الإجرام.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.