النفط وإسرائيل محددا الرؤية الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة العربية

1-1-النفط كمحدد للرؤية الأمريكية:
ترتكز مصالح الولايات المتحدة الأمريكية النفطية على عناصر وأبعاد مركبة، فهناك أولا البعد الاقتصادي، الخاص بمصالح شركاتها النفطية، وما تحقق من ورائها من أرباح ضخمة، وهناك ثانيا، البعد الأمني، الخاص بضمان استمرار تدفق النفط العربي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بأسعار معقولة، وهناك ثالثا، البعد الاستراتيجي، الخاص بالنقط كآلية من آليات التحكم والسيطرة على النظام الدولي، و الذي قد يعزى في ظروف معينة، بمحاولة السيطرة المباشرة عليه، وعدم الاكتفاء بمنع القوة المنافسة أو المعادية من السيطرة عليه أو الاقتراب منه .
غير أن الوضع، تغير جذريا مع اندلاع حرب أكتوبر 73، بعد أن تمكنت الدول العربية ولأول مرة من استخدام النفط كورقة ضغط سياسي في صارعها مع إسرائيل .
وهذا التطور الخطير، لعب دورا كبيرا في إعادة تشكيل رؤية الولايات المتحدة الأمريكية للمنطقة العربية، وكان قرارها، ألا تدع ذلك يحدث أبدا مرة أخرى، حتى ولو اضطرت إلى احتلال منابع النقط ذاتها، وإلى أن تتهيأ هذه الفرصة قررت العمل على عدة جبهات: تفتيت النظام العربي، والحيلولة دون تماسكه في إدارة الصراع، دعم إسرائيل وتحويلها إلى قوة إقليمية كبرى، وتضييق الخناق أكثر على النفوذ السوفياتي في المنطقة، وعندما سقط هذا الأخير وانهيار المعسكر الاشتراكي، زالت أهم العقبات، التي تعترض طريق الولايات المتحدة الأمريكية للتطلع للسيطرة على منابع النفط في المنطقة

1-2-إسرائيل كمحدد للرؤية الأمريكية
لا يوجد خلاف في المنطقة العربية، على أن هناك التزام أمريكي ليس فقط بالمحافظة على إسرائيل وأمنها، وإنما مدها بكل وسائل وأسباب التفوق على الدول العربية مجتمعة، وبالتالي يوجد إجماع على أن إسرائيل هي مصلحة أمريكية، ويمكن تحليل الموقف الأمريكي من تطور الصراع العربي-الإسرائيلي منذ نشاة الدولة العبرية عام 48 حتى الآن، اعتمادا على مجموعة من الحقائق يمكن إجمالها على النحو التالي:
أ-إن إسرائيل أثبتت فعاليتها كحليف للولايات المتحدة الأمريكية في مقاومة أعدائها المشتركين: الاتحاد السوفياتي سابقا، النظم الراديكالية ذات التوجه القومي أو الإسلامي في المنطقة، ويمكن أن نذكر الدور الذي قامت به إسرائيل في الحرب الأمريكية على العراق، حيث قامت بتزويد الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح، ومساعدة رجال المارينز على التدرب على حرب المدن وعمليات التجسس على يد الإسرائيليين .
ب-قدرة إسرائيل على الولوج إلى أعماق التفكير الأمريكي، والتأثير على الرؤية الأمريكية للصراع العربي – الإسرائيلي لصالح هذا الأخير.
كما أن هناك مجموعة من أصدقاء إسرائيل في لولايات المتحدة الأمريكية تؤمن بتماهي المصالح بين الدولة اليهودية والولايات المتحدة الأمريكية، معتمدين على عوامل تاريخية ودينية وحضارية في تفسير ذلك.
ج-إن إسرائيل هي نواة لمشروع صهيوني أكبر، لم يكتمل بعد وما تزال مستمرة في العمل لاستكماله، وفق أساليب وآليات تخدم مصالحها ومصالح شركائها الأمريكيين..
كل هذا يجعل من إسرائيل حليف استراتيجي دائم للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.

مقتبس من الرؤية الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة العربية: الثابت والمتحول

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.