الخلفيات السياسية لأزمة الجامعة العربية : ظاهرة التجمعات الفرعية

الفصل الأول: خلفيات أزمة الجامعة
المبحث الثالث : الخلفيات السياسية
تقوم أزمة الجامعة العربية على أسباب سياسية، بالإضافة إلى ما ذكرنا من أسباب ، حيث ساهم كل ذلك في قيام جامعة بدون أهداف جامعة الخطابات والمناقشات الفارغة المضمون والنتيجة، كل ذلك ساهمت فيه العديد من المتغيرات منها ما هو عربي ومنها ما هو دولي، كل ذلك سبب لعميق الأزمة، لذلك سنقوم بنقاش ذلك من خلال الإشكاليتين التاليتين :

-ما هي المتغيرات العربية التي ساهمت في أزمة الجامعة العربية؟ (مطلب أول )؛
-وما هي المتغيرات الدولية المساهمة كذلك في هذه الأزمة؟ (مطلب ثاني) .

المطلب الأول: المتغيرات العربية :
لقد كان للمتغيرات العربية تأثيرا واضحا على تعميق الأزمة التي تعرفت جامعة الدول العربية ، وهذا التأثير كان له أثر سلبي كما هو واضح، وكان هذا التعثر ممتدا عبر أكثر من خمسة عقود من الزمان هي عمل الجامعة كله، ذلك فالمرء يتحير إذا كانت متغيرات أم ثوابت في النظام العربي وأن طرأ علبها بعض التغيير هنا وهناك . وسنقوم بتحليل أهمها( ).

أولا : ميزان القوى في النظام العربي :
لقد مر النظام العربي منذ نشأته الرسمية في العام 1945 بمرحلتين من منظور ميزان القوى في النظام يفصل بينهما العام 1967 .
في المرحلة الأولى: تمتعت مصر بالمكانة الأولى، في أهم عناصر قوة الدولة ترسخت هذه الظاهرة بتبلور المشروع القومي بثورة يوليو 1952 في مصر، وقيادتها الكاريزمية المتمثلة في عبد الناصر،والقبول الواسع من قبل الجماهير والنخب غير الرسمية العربية للمشروع والقيادة العربية معا، وفي هذا السياق تمتعت مصر بدور شبه احتكاري في القيادة النظام العربي ، يمكن أن يحيي أدائه، وتكون قدراته على مستوى من الفاعلية المطلوبة للتعامل مع التحديات واجهته كما في التعامل مع مشروع حلف بغداد عام 1955، وأزمة المطالبة العراقية بالكويت في عام 1961، والمشاريع الإسرائيلية لتحوي لمجرى نهر الأردن في عام 1964، والصدام الأردني في عام 1970 …الخ( ) .
ومن الحقيقي أنه كانت هناك تحديات للدور المصري القيادي قي النظام العربي، كما في الحالة السعودية بالذات، وتفجر الثورة اليمنية في عام 1962. ومساندة مصر عسكريا لها، والحالة السورية بعد انفصال سوريا عن مصر في إطار الجمهورية المتحدة في عام1961، والحالة العراقية بعد قبول عبد الناصر مبادرة ” روج رز” في عام 1970 .
إلا أن القيادة المصرية بقيت تعرف نفس النغمة الأساسية مستندة إلى تأييد جماهيري واسع، ومن الحقيقي كذلك أن تمت عثرات فد لعرضت لهذا الدور القيادي المصري في النظام العربي، وأهمها واقعة تفكك الجمهورية العربية المتحدة عام 1961، بعد انقلاب، الانفصال، إلا أن الخط العام التطوري بقي بشبر إلى فدرة الدور القيادي المصري على مغالبة التعثر، ومواصلة المعارك، كما في تفجير الثورة اليمنية وتأييد مصر عسكريا لها اعتبارا من أواخر 1962، وحتى العام 1968 ، وانتصار الثورة في نهاية المطاف، غير أن هزيمة العرب أمام إسرائيل عام 1967، كانت لها تداعيات السلبية بالنسبة للدور القيادي المصري، فقد مثلت الهزيمة في حد ذاتها ضربة قوية للمشروع العربي لثورة يوليو 1952، ثم فقد المشروع قيادته الكاريزمية بوفاة عبد الناصر عام 1970، وعدم تمتع خليفته السادات بالحضور السياسي نفسه، ناهيك عن الوفاء لأفكاره .
غير أن التغيير الجذري في ميزان القوى في النظام العربي، حدث بمناسبة طفرة أسعار النفط في أعقاب حرب أكتوبر 1973 ، حيث أدت هذه الطفرة إلى تبدل واضح في مكانة كبريات الدول العربية المصدرة للنفط ، وقويت الأدوار القيادية داخل النظام العربي لدول نفطية كالسعودية التي اعتمدت أساسا على ديبلوماسية المساعدات الاقتصادية، والعراق الذي كان آنذاك مشروعها الخاص بانتزاع الدور المصري في قيادة النظام العربي ( ).
غير أن من الأدوار السابقة لم يستطع أن يلغي وجود الدور المصري داخل النظام العربي وتأثيره، صحيح أن الدور قد تراجع إلى الخلف ،لكن بقي مؤثرا وفاعلا رغم ذلك، وأضيف إلى عجز الأدوار القيادية الجديدة عن أن تقييم بينها إتلافا أو تحالفا مستقرا، لذلك تعددت أدوار القيادية داخل النظام، وأصبح التوفيق بيتها عملة عسيرة بصفة عامة، وقد ظهر ذلك في عدد من الأمور .
كان على سبيل المثال صعوبة اتخاذ القرارات بقمم عربية قبل إقرار مبدأ دوريتها في قمة القاهرة 2000 ،ومن المتصور أن يمثل هذا التعثر القيادي حجر عثرة بدرجة أو بأخرى، أمام محاولات إصلاح الجامعة، ولعل تعدد مبادرات الإصلاح الراهنة،سيشير فيما يشبه الإنذار المبكر إلى الانعكاسات المحتملة لتعدد الأدوار القيادية داخل النظام العربي دون أتلاف مستقر بينها على محاولات إصلاح الجامعة( ).

ثانيا: ظاهرة التجمعات الفرعية:
كان توقيع ميثاق جامعة الدولة العربية في العام 1949، يشير إلى أن الدول العربية من أسبق التجمعات الإقليمية إلى تكوين إطار تنظيمي، يعكس أكثر خصوصية العلاقات بينها، غير أن الحكم على ظاهرة التجمعات الفرعية يحتاج دون شك إلى درجة أكبر من التعمق ، فليس صحيحا أن التجمعات الفرعية مرحلة في الطريق إلى الوحدة العربية لأكثر من سبب وذلك على النحو التالي :
أ – إن التجمعات في حد ذاتها لم لمثل أبدا نقلة نوعية رابطة وحدوية حقيقة أفضل من تلك التي توفرها الجامعة العربية الشاملة، وقد يقال أن المقصود من القول أن التجمعات مرحلة تنتهي بتحقيق الوحدة العربية الشاملة ،هو أن تفلح في لعميق الروابط الوحدوية بين أعضائها تدريجيا، مما يجعل الرابطة الوحدوية العربية – إن تحققت بعد ذلك – أقوى واعمق من تلك التي لعبر عنها جامعة الدولة العربية، غير أننا نلاحظ أن البنية الذاتية لتلك التجمعات لم تؤسس من منظور علاقة وحدوية تتجاوز المفهوم الكونفدرالي، فكيف إذن تكون هذه التجمعات الفرعية مرحلة في الطريق إلى الوحدة العربية وهي لا تتصور أصلا أن تحقق وحدة بين أعضائها ( )
ب – إن التجمعات الفرعية تعكس بدرجات متفاوتة – التناقضات نفسها الموجودة في النظام العربي ككل – فكيف تكون هي بالذات قادرة على حل التناقضات تبدو الصورة واضحة على سبيل المثال: في المغرب العربي، حيث توجد تنويعة حقيقية من نظم الحكم والسياسات الخارجية، الأمر الذي جعل الاتحاد المغاربي غير قادر على إنجاز الخطوة البديهية الأولى في أي عمل وحدوي، وهي حل الصراعات داخل الإقليم الذي يزمع إقامة رابطة وحدوية.
و المثال هنا: هو استمرار الصراع على الصحراء المغربية بين التوجه المغربي والتوجه الجزائري، فضلا عن إخفاق اتحاد في تبني موقف موحد، إبان أزمة الخليج 1990/1991 أو الحصار الغربي على ليبيا، وصولا إلى الدعوة إلى تجميد الاتحاد اعتبارا من كانون ديسمبر 1995، بطلب مغربي كرد فعل للسياسة الجزائرية اتجاه القضية الصحراء المغربية ( ).
ج – إن نتيجة المتناقضات المشار إليها، عجز أي من هذه التجمعات عن إحداث نقلة نوعية في العلاقات بين أعضائه ،مجلس التعاون العربي عانى منذ بدايته بقليل توترا واضحا في العلاقات بين أهم عضوين فيه “مصر والعراق” ، ثم انفجر من الداخل تماما بسبب وقوع السياسيتين المصرية والعراقية، من أزمة الخليج 1990م1991 على طرفي نقيض، والاتحاد المغربي بدوره وقف عند مستوى التكوين المؤسسي الشكلي منتهيا بطلب مغربي رسمي بتجميد مؤسساتي منذ ديسمبر 1995 .
وحتى مجلس التعاون الخليجي – أطول هذه التجمعات عمرا وأكثرها تجانسا، أخفق حتى الآن بإيجاد تكامل اقتصادي دفاعي حقيقي بين أعضاءه، فضلا عن تزايد حدة الخلافات السياسية بين أطرافه سواء يصدد الموقف من العراق قي أعقاب تحرير الكويت أو بشأن اختيار الأمين العام السابق للمجلس، حيث انسحبت قطر في السابقة، هي الأولى من نوعها من القمة الخليجية التي عقدت في مسقط عام 1995 ،احتجاجا على عدم الموافقة على المرشح القطري لمنصب الأمين العام، أو في خصوص غياب نزاعات ثنائية كالنزاع القطري / البحريني الذي أدى إلى غياب البحرين عن قمة الدوحة عام 1996 ، لتكون بذلك أول قمة خليجية ناقصة، وأخيرا نباين المواقف إزاء العدوان الأمريكي على العراق ( ).
ويتضح مما سبق أن ظاهرة التجمعات الفرعية في النظام العربي لم تتمكن من أن تكون لها آثارا مواتية على عملية إصلاح جامعة الدول العربية، بمعنى أنها لم تقدم نموذجا أفضل، بقوم على تعاون أوثق بين أعضاءها، بل أن تلك التجمعات على الرغم من مخالفاتها لميثاق الجامعة طبقا لمادته9، ربما تكون قد تسببت في إضعاف الجامعة بقدر ما كانت نيات بعض المسؤولين عنها تضمر انسلاخ عن منظومة الجامعة العربية أو على الأقل وضعها في مرتبة ثانية بعد الانتماء الخليجي( ).
ثالثا : حالة الجماهير العربية :
يبقى رقم الجماهير العربية في معادلة إصلاح الجامعة العربية محتاجا إلى قدر من النقاش، تبدو الجماهير العربية بداية على غير وعي تام بطبيعة الجامعة العربية بين الحكومات دون أدنى سلطة فوق القطرية، ولذلك كثيرا ما رأينا أن الجماهير العربية توجه انتقادات لاذعة وغير عادلة إلى الجامعة وأدائها وتطالب بإصلاحها، غير أن المشكل تكمن في أن الحالة الراهنة للجماهير العربية لا تمكننا بحال من التعويل عليها في الضغط من أجل الإصلاح، فمنذ وقعت هزيمة 1967، وعقب الدور التاريخي للجماهير العربية في درك تداعياها الخطيرة التي بدت حتمية حينذاك ، تولد انطباع عام بغياب الشارع العربي،سياسيا ، بمعنى فقدانه القدرة على التأثير في مجريات السياسة العربية ،بسبب المنعطفات الخطيرة التي يوجهها الوطن العربي، تولد هذا الانطباع بصفة خاصة من مقارنة حالة الجماهير العربية في أعقاب هزيمة 1967 مع حالها قبل ذلك( ).
الذي ضرب بالمقابل أروع أمثلة الصمود والتضحية ، حدثت صحوة في الشارع العربي أو على الأقل بوادر الصحوة الحقيقية.
اتسمت بالشمول ، بمعنى امتدادها إلى كافة الأقطار العربية تقريبا ، لكن الأمور سرعان ما عادت إلى سيرتها الأولى ، قي هذا السياق تصاعدت حدة التهديدات الأمريكية الموجهة إلى العراق ، بل إلى الأمة بأسرها ، وبدا الموقف غريبا أو مقلقا ، إلى حد بعيد الغضب سوى بحركات عفوية أو من جماهير تعرف أنها تغلي بالغضب إزاء المسلك الأمريكي ، اتجاه الأمة ، لكنها لا تعبر عن خلال مؤسساتها النقابية أو المهنية ، أو السياسية ، إن وجدت وتظل محرومة من إصلاح الجامعة،طالما بقيت الحالة الجماهيرية في حالتها الراهنة، وهو ما يدعونا إلى البحث عن أسباب هذه الظاهرة ، لعلنا نستطيع أن نجد لأنفسنا منها مخرجا ( )
رابعا : الصراعات العربية-العربية :
عرف النظام العربي منذ نشأته ظاهرة الصراع بين وحداته، وربما يمكن رصد أول مؤشرات هذه الظاهرة من الخلاف، في ضم الأردن للضفة الغربية، وقد لوحظ أن هذه الظاهرة فد استمرت داخل النظام على نحو مزمن، وأن خفت حدتها في مواجهة التهديدات الخارجية للنظام .
كما حدث بالنسبة لتخفيف حدة الصراع حول الثورة اليمنية التي تفجرت في العام 1962،و النزاع المغربي ، الجزائري الذي انفجر في شكل مواجهة مسلحة 1963 بدعوة الرئيس عبد الناصر في ديسمبر 1963 إلى قمة عربية تواجه خطرا كتمان المشروعات الإسرائيلية ، لتحويل مياه نهر الأردن .وكما حدث أيضا في تخفيف حدة الصراعات ذاتها وغيرها من الصراعات بعد هزيمة 1967، بعقد قمة الخرطوم بعد أقل من ثلاثة شهور من تلك الهزيمة، وكما حدث في تخفيف حدة الخلاف المصري العربي حول التسوية مع إسرائيل، اعتبارا من العام 1977 مع تفاقم خطر حرب العراقية – الإيرانية التي تفجرت عام 1980 ، وكذلك في تخفيف حدة ما كان قد بقي من خلافات عربية، تداعت سبب أزمة حرب الخليج (1990-1991) بالنجاح في عقد قمة عربية أعقاب صعود اليمين الإسرائيلي للحكم قي عام 1992 .
غير أنه يلاحظ أن الصراعات العربية -العربية في الأمثلة السابقة وغيرها لم تكن تحل أو حتى تسوى بل يتم تهدئتها فحسب، بحيث تعود لتتفجر من جديد بعد زوال أن تراجع التهديدات الخارجية ولذلك أمكن وصف العديد من قضايا الصراعات العربية -العربية، أنه مزمن، حيث امتد البعد لبعض تلك القضايا إلى حوالي ثلثي قرن ،كالخلاف الحدودي السعودي – اليمني امتد ما بين 1934 و2000 والمعضلة العراقية – الكويتية،إذ ما زال اغلب الظن أنها ماثلة بيننا إلى اليوم( ).
غير أننا لا يمكن أن نغفـل عن بعض التطورات قي سياق أزمة وحرب الخليـج (1990-1991)، إذ لم تكن تلك الحلقة من حلقات الصراعات العربية – العربية ،كسابقاتها ، فقد كانت هي تلك المرة الأولى التي يكون فيها موضوع الصراعات هو ضم دولة عربية أخرى بالقوة المسلحة ، كما أن النظام قد انقسم إلى معسكرين شبه متوازيين ، ورغم ذلك فقد تم حل بعض هذين الصراعات العربية – العربية في السنوات الأخيرة كما في حالتي : النزاع الحدودي السعودي –اليمني القطري / البحريني . إلا أن يعضها مازال في الوقت نفسه مستعصيا عن الحل كالصراع حول الصحراء المغربية في المغرب العربي،
فضلا على عدد من الخلافات المهمة حول التسوية مع إسرائيل وهو ما يهدد استمرار التأثيرات السلبية للصراعات العربية -العربية، على محاولات تكوين إرادة عربية موحدة قي عملية إصلاح جامعة الدول العربية ( ).
خامسا : انعكاسات القضايا العربية على العمل العربي المشترك
إن القضايا الرئيسة الجارية على الساحة الإقليمية قي الشرق الأوسط، والتي تشترك فيها أطراف عربية مع أطراف عربية ، تترك انعكاسات مهمة على العمل العربي المشترك ومن أبرزها :
أ – تدويل أمن الخليج واستهداف العراق: تعتبر مسألة تدويل أمن الخليج منذ حرب الخليج في العام 1991 واحدة من أهم المتغيرات الإقليمية المؤثرة على العمل العربي المشترك، ومع أن معالجة حرب الخليج للعام 1991، حيث تم تحويل أمن الخليج إلى قضية دولية مع تهميش الدور العربي في هذه القضية فقد وجدت دول مجلس الأمن الخليجي عموما والكويت خصوصا ، أن تجربة الغزو العراقي للكويت تؤكد عدم قدرة ترتيبات الأمن الجماعي الخليجية، ومعاهدة الدفاع المشترك على مواجهة التهديدات، مما دفعها باعتماد بكثافة على مظلة الحماية العسكرية الأمريكية والدولية في فترة الحرب، وهو ما جعل أمن الخليج قضية دولية من جانب، وجزءا لا يتجزأ من الأمن والمصالح العليا للدولة الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة من جهة أخرى ، لقد ارتكزت هذه المسألة على أن الإدراك الإستراتيجي لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي ظل قائما (1991 – 2000) على أن العراق يمثل تهديدا للأمن الخليجي عموما، وللأمن الكويتي خصوصا، بسبب امتلاك، نظام صدام حسين، رغم هزيمة العسكرية في حرب 1991 قوة عسكرية قادرة على تهديد أمن دول مجلس التعاون الخليجي ( )، بالإضافة إلى الاستمرار العديد من القضايا العالقة بين الجانبين خلال فترة ما بعد الحرب، وفي نفس الوقت لم تخف الإدارات الأمريكية قط منذ التسعينات، رغبتها بالإطاحة بنظام صدام حسين بوصفها الهدف الحقيقي للسياسة الأمريكية منذ حرب الخليج في عام 1991 .
وحرضت إدارة جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن على استغلال قضايا بإزالة الأسلحة الدمار الشامل العراقية ، والتعويضات والتهديدات العراقية المزعومة للأمن الإقليمي الخليجي باعتبارها ذرائع للإبقاء على نظام العقوبات الدولية المفروضة على العراق قترة (1991 – 2004) .
ولم يتردد المسؤولون الأمريكيون في العديد من المناسبات في لإعلان صراحة أن الولايات المتحدة لن توافق على رفع العقوبات على العراق، طالما ظل صدام حسين في الحكم حتى ولو تم بالفعل الانتهاء من نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق وتسوية كافة القضايا العالقة بين العراق والكويت، وبالتالي فإن فكرة ضرب العراق ولإطاحة بنظام صدام حسين لم تظهر عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، بل كانت موجودة منذ فترات طويلة مضت، ولكنها لم تكن بطبيعة الحال متطورة ومتبلورة في صورة كاملة كما لم تكن التغيرات الدولية والداخلية في الولايات المتحدة تتيح تحويل هذه الرغبة إلى الواقع، وفي مقابل تدويل أمن الخليج، استهداف العراق فشلت المحاولات العربية المحدودة التي بذلت من أجل حل هذه القضية، حيث ظلت تنصر في تنديد وشجب دون ردة فعل مرئية على أرض الواقع( ).
ب – عملية التسوية العربية –الإسرائيلية، والمشروع الشرق الأوسطي، وقد برز المشروع الشرق الأوسطي خلال عقد التسعينات، وكان مرتبطا بانتهاء الحرب البادرة، وانهيار الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج، وبدء عملية التسوية العربية الإسرائيلية، وجرت صياغة المعالم الأساسية لهذا المشروع من جانب الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل، وكان هذا المشروع بمثابة المحدد الرئيسي وراء صيغة مؤتمر مدريد للسلام منذ أكتوبر 1991، وبالذات فيما يتعلق بفكرة المسارين المتفاوضين وتقوم الرؤية الأمريكية للمشروع الشرق أوسطي على ضرورة تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منظومة استراتيجية واحدة إنهاء كافة الصراعات الإقليمية في المنطقة، وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي ..
فهذا الصراع لا يعتبر من وجهة النظر الأمريكية الإسرائيلية ، الصراع الوحيد في المنطقة، بل أنه ليس الصراع الرئيسي أيضا، ومن الممكن إدارة جميع أو معظم هذه الصراعات الإقليمية من خلال صيغة تقوم على الربط بين السلام والأمن والتعاون الاقتصادي في بناء واحد ، بحيث تمتزج هذه المكونات في أي اتفاق لتسوية هذا الصراع من خلال خلق مصالح جماعية بين العرب وإسرائيل، مما يجعل من تكلفة العودة إلى الصراع غالية جدا ( ).
ولقد تلقت هذه الرؤية قدرا واسعا من قوة الدفع منذ التسعينات، وكان التصور الأمريكي الإسرائيلي للنظام الشرق أوسطي،يقوم على عدد من المرتكزات على التحالف الإستراتيجي التقليدي بيت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، إدخال مصر ودول الخليج إلى النظام المقترح، ثم إدخال دول عربية رئيسية وبالذات سوريا ولبنان يعد استكمال عملية التسوية بينها وبين إسرائيل، وتهدف الولايات المتحدة من خلال ذلك إلى تقوية عملية، عملية التسوية العربية الإسرائيلية ، وتأمين تدفق النفط إلى الأسواق العالمية ن واحتواء العراق وإيران ومحاربة الأصولية الإسلامية ، باعتبارها عدوا جديدا للسلام والاستقرار بالمنطقة من جهة النظر الأمريكية و الإسرائيلية ، وقد حاول شمعون بيريز بالفعل وضع رؤية للمشروع الشرق أوسطي وبالذات الجانب السياسي والاقتصادي، موضع التنفيذ خلال فترة ما بعد توقيع اتفاقية أو أسلوب بين الفلسطينيين الإسرائيليين.
وكانت أبرز الخطوات التي اتخذت في هذا الإطار تتمثل في سلسلة مؤتمرات القمة الاقتصادية الدار البيضاء (1994 ) وعمان (1995) والقاهرة (1996)، والدوحة (1997) ( ).
وعلى الجانب العربي ظلت الرؤية الشرق أوسطية تثير هواجس واسعة لدى قطاعات مهمة من السياسيين والمثقفين العرب، وجرى النظر إليها بوصفها إطار لتكريس الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة، وهو ما لم يساعد على خلق تيار مؤيد لها، وحتى على الصعيد السياسي الرسمي ،فإن الأغلبية الساحقة من الحكومات العربية، وبالذات مصر شددت على ضرورة التريث إلى حين استكمال التسوية العربية –الإسرائيلية، على كافة المسارات، بحيث يمكن التوسع في المشروعات التعاون الشرق أوسطي ، سياسيا واقتصاديا و أمنيا في فترة ما بعد لتحقيق السلام الشامل والعادل بين الدول العربية وإسرائيل( ).
وقد أثارت هذه المسألة جدلا واسعا شأن موقف الجامعة العربية في حالة نجاح عملية التسوية العربية الإسرائيلية، بحيث لذهب معظم هذه الآراء إلى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يقوم بالضرورة على إنشاء دور المنظمات الإقليمية العربية القائمة على أساس قومي مثل الجامعة العربية، باعتبار ذلك ضرورة جوهرية لصياغة هوية جديدة للمنطقة تضم العرب وغيرهم في وثيقة واحدة ( ).

المطلب الثاني:المتغيرات الرئيسية على الساحة الدولية
تتمثل المتغيرات الدولية في القضايا المؤثرة على العمل العربي المشترك والمتجسدة في كيان الجامعة العربية، وتتركز هنا في التغيرات المهمة المؤثرة في هيكل النظام الدولي، أو على التفاعلات التي يشهدها هذا النظام، والتي تترك أثارا مهمة على العالم العربي.
وسوف نرتكز بصفة خاصة على متغيرات محددة ، يأتي في مقدمتها انتهاء الحرب الباردة، وانتشار التجمعات الإقليمية، وتصاعد توجهات الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي وهجمات 2001 والحرب على الإرهاب( ).
أولا : انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي.
يأتي في مقدمة المتغيرات الدولية المؤثرة على العمل العربي المشترك ، انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة ، وقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى حدوث انقلاب في الميزان الإستراتيجي العالمي، بحيث أصبحت الولايات المتحدة القوى العظمى الوحيدة في العالم ،ألا أن هذا التحول لم يؤثر على هياكل النظام الدولي ومؤسساته، بل انصب على التأثير على التفاعلات والعمليات الرئيسية في النظام الدولي، بحيث أصبحت الولايات المتحدة الدولة صاحبة القوة والنفوذ والتأثير الأقوى على الإطلاق على الساحة الدولية، ومع أنه كان من المفترض أن يؤدي هذا الحول إلى حدة التوتر الدولي عموما، وعلى تخفيف الضغوط الواقعة على المنطقة العربية التي كانت تخضع لاستقطاب دولي حاد في الفترة الحرب الباردة خصوصا، إلا أن المتغير تسبب على العكس إلى إضعاف الموقف الإستراتيجي العربي عموما من نواحي عديدة ، فقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى اختفاء الحليف الإستراتيجي الرئيسي الذي يمد الكثير من الدول العربية (وبالذات سوريا) بالأسلحة والدعم السياسي والمساعدة الاقتصادية، وهو ما تسبب في حدوث المزيد من الخلل في الميزان العسكري الإستراتيجي بين هذه الدول وإسرائيل لصالح هذه الأخيرة .
وفي الوقت نفسه أدى انتهاء الحرب الباردة إلى اختفاء هامش المناورة الإستراتيجية ما بين الكتلتين الشرقية والغربية، الذي كان متاحا أمام دول العالم الثالث عموما في فترة الحرب الباردة والذي كان يتيح لهذه الدول الحصول على الدعم السياسي ، وذلك ما لم يعد ممكنا حيث انفردت الولايات المتحدة بمكانة القوة العظمى الوحيدة في العالم ولم تعد تحتاج إلى عقد تحالفات مع دول العالم الثالث عموما والدول العرب خصوصا( ).
وفي الوقت نفسه فإن انتهاء الحرب الباردة هب لصالح إسرائيل التي باتت تحظى بدرجة عالية من الدعم والمساندة الأمريكية، سياسيا، عسكريا، ولم تعد علاقات التعاون العسكري والإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل مجرد التزام الولايات المتحدة اتجاه إسرائيل فحسب، بل الوصول إلى مستوى متقدم جدا من التحالف والتنسيق الإستراتيجي، حيث وصل الجانبان إلى مستوى المشاركة الثنائية في تحديد مصادر مشتركة للتمهيد ، وسبل مواجهاتها انطلاقا من نظرة إستراتيجية واحدة، وإلى بلورة سياسة واحدة، نابعة على مصالح وحسابات واحدة .
حيث يمكن القول أن الجانبين تمكنا في فترة ما بعد الحرب الباردة من الوصول إلى درجة غير مسبوقة من التضامن الإستراتيجي ،العام في كافة المجالات السياسية والدفاعية في المقابل انعكس ذلك على الدول العربية، حيث كانت من صعوبات عديدة في الحصول على الأسلحة والمعدات، حيث باتت سوريا على سبيل المثال تعاني من نقص في التوريدات العسكرية والمعدات بعد فقدانها مصدر عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وتوقف روسيا عن منح سوريا أي شروط تفضيلية في المبيعات العسكرية بل ومطالبتها سوريا بدفع الديون العسكرية والاقتصادية الموروثة من عهد الاتحاد السوفيتي،وهي ما جعل من الصعب على سوريا مواصلة سياسة التحديث العسكرية الاعتبارات اقتصادية، وفي الوقت نقسه فإن الولايات المتحدة وإسرائيل حرصتا على إغلاق مصادر التوريد العسكري الخارجي أمام سوريا ، وتدخلتا لتوقفا صفقات السلاح التي كانت سوريا قد أبرمتها مع كل من روسيا وبولندا في السنوات الأخيرة القليلة الماضية( ).
ثانيا : ازدهار عمليات التكامل الإقليمي .
شهدت فترة التسعينات ازدهار فكرة التكامل الإقليمي في العديد من مناطق العالم وقاراته، وكان نجاح تجربة الاتحاد الأوروبي عاملا رئيسيا لتشجيع انتشار التكامل الإقليمي في معظم قارات العالم، وشهدت هذه التجارب تطورا نوعيا، حيث أنها لم تعد قاصرة على التكامل الإقليمي التقليدي، بل تضمنت تطويرا لشكل جديد من التكامل يعرف ب “الإقليمية الجديدة ” يقوم على تقليد دور الروابط القومية الإيديولوجية والتمهيدات الأمنية الإستراتيجية كمحددات رئيسية لبناء التجمعات الإقليمية جنبا إلى جنب، مع إحلال الاقتصاد محل الجغرافيا السياسية، عبر تبني مبدأ المرونة الجغرافية بما يسمح بانضمام دول من خارج الإقليم الذي تنتمي إليه الدول المؤسسة للتجمع الإقليمي مقابل التأكيد على عنصر التقارب في السياسات الاقتصادية والاندماج في الاقتصاد العالمي والالتزام بسياسات التحرير الأحادي الجانب للتجارة الخارجية ( ).
لقد أثر انتشار فكر التكامل الإقليمي وبالتحديد الإقليمية الجديدة سلبيا على العمل العربي المشترك في زايوة محددة، إذ بينما تشتد تجربة التكامل الإقليمي العربي على أسس تقليدية ترتكز على العنصر الجغرافي والروابط القومية وتماثل التهديدات الأمنية –الاستراتيجية، فإن نظريات التكامل الإقليمية الجديدة تقوم على تجاهل هذه العناصر في مقابل إعطاء أولوية أكبر لدوره الاقتصادي في بناء التجمعات الإقليمية وكانت هذه الفروقات مدخلا للعديد من الدعوات التي طالبت بتطوير التجربة العربية، بحيث تتخلى عن ركائزها التقليدية وتأخذ بعناصر الإقليمية الجديدة، وهو ما كان سيسمح بدخول إسرائيل مثلا في عضوية الجامعة العربية، بما يتضمنه ذلك من تقويض الأساس القومي للجامعة العربية أو بإفساح الطريق لتطبيق نظريات الإقليمية الجديدة في الشرق الأوسط عبر بناء مؤسسات جديدة ترتكز على الاقتصاد، وتضم دول عربية وغير عربية وفي مقدمتها إسرائيل ( ).
ثالثا: تصاعد توجهات الهيمنة العالمية الأمريكية :
خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب الباردة بوصفها القوة العظمة الوحيدة في العالم والدولة الأكثر هيمنة وتفوقا في كافة مجالات التسلح والدولة الأقوى ( ) اقتصادية على الساحة العالمية، وعلى الرغم من أن الجدال ما زال محتدما داخل الولايات المتحدة منذ بداية التسعينات بشأن كيفية التعامل مع متغيرات قترة ما بعد الحرب الباردة، فإن هناك إجماعا كاسحا داخل النخبة السياسية والأكاديمية الأمريكية على ضرورة الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في الساحة العالمية ،بل العمل على تعزيز مقومات القوة الشاملة بهدف مضاعفة قدراتها في مواجهة أي قوة دولية مضادة أو صديقة وسعيا إلى منع ظهور أي دولة قوية موازية لها( ).
فمنذ وصولها إلى السلطة عملت إدارة بوش الابن على إقامة هيكل جديد للقوة العسكرية ، بما بتوافق مع طبيعة عصر المعلومات في أوائل القرن 21 بهدف زيادة قدرات القوات المسلحة وكفاءتهامن ناحية وبما يتجاوب مع التحديات والتهديدات العديدة لعالم جديد مع العمل على دفع التفوق التكنولوجي الأمريكي في المجال العسكري إلى مستويات عليا، لا تستطيع أية قوة دولية أخرى ارتيادها ومنافسة الولايات المتحدة فيها، بما يساعد على إدامة مكانتها كقوة عظمى وحيدة على الساحة الدولية في الفترة ما بعد الحرب الباردة لأطول فترة ممكنة جنبا إلى جنب مع مواصلة عملية التطوير المستمر للقدرات الشاملة للولايات المتحدة في جميع المجالات.
في الوقت نفسه انطلقت سياسة بوش الابن من أن مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في العالم تجعلها ليست في حاجة إلى التشاور، مع أحد بشأن القضايا الدولة المهمة، وأن الولايات المتحدة تستطيع الانسحاب من أي معاهدات دولية لا تتوافق مع مصالحها.
وشرعت هذه الإدارة في مراجعة منظومة الالتزامات الدولية للولايات المتحدة في مجالات ضبط التسلح والتجارة الدولية والتنظيم الدولي، مستندة قي ذلك -هذه السياسة الانفرادية المتغطرسة- إلى مقولة كررها مسؤولون إدارة بوش دائما ” إن أمن الولايات المتحدة ومصالحها لا يمكن أن تكون رهينة لأي ضغوط خارجية “.
رابعا : هجمات سبتمبر والحرب الأمريكية على الإرهاب
على الرغم من أن الإرهاب بدأ يستحوذ على درجة متزايدة من الاهتمام الدولي منذ بداية التسعينات، فإن هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة أعطت لمسألة مكافحة الإرهاب الأولية القصوى في السياسة الخارجية الأمريكية خصوصا في العلاقات الدولية عموما، وقد شكلت هذه الهجمات نقطة نحول رئيسية في التعامل الدولي مع ظاهرة الإرهاب ، وبعد أن كان الإرهاب مجرد تهديد من بين تهديدات عديدة في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي .
أصبح بعد هجمات 11 سبتمبر التهديد الجوهري والشكل الرئيسي للصراع المسلح على الصعيد الدولي ، فلم يعد شكلا ثانويا من أشكال الصراع ( ) وقد استغلت إدارة بوش هذه الحرب المزعومة على الإرهاب لتحقيق أهداف لا علاقة لها بهجمات سبتمبر وهو ما بدا واضحا في حربها على العراق، مما تسبب في انهيار الدعم الدولي للسياسة الأمريكية، حيث لم يكن لنظام صدام حسين أي علاقة بهجمات سبتمبر .
ولم تكن له أية روابط تنظيمية أو عملياته مع تنظيم القاعدة، كما لم يثبت امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، سواء من خلال عمليات التفتيش الأممية إلى قامت بها لجنة الأنموفيك والوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل حرب العراق، أو حتى في خلال عمليات التفتيش الشاملة التي قامت بها الفرق الأمريكية في فترة ما يعد الاحتلال الأمريكي للعراق ( ).
وبالمثل فإن التحرشات الأمريكية بكل من سوريا وإيران في فترة ما بعد حرب العراق ،لم يكن له علاقة بما يسمى ب ” الحرب على “وإنما ارتبطت في الأساس برغبة إدارة جورج بوش في إعادة هيكلة والأوضاع الداخلية في دول المنطقة ، بما في ذلك التدخل في السياسات التعليمية والدينية والثقافية والإعلامية لهذه الدول بما يحقق في النهابة مصالح الولايات المتحدة ، وبما يخدم أمن إسرائيل ويعزر هيمنتها على المنطقة .
ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.