خاتمة بحث حول جريمة غسيل الأموال – تبييض الأموال

تبييض الأموال فقها وتشريعا
خاتمة :
اصبح تبييض الأموال أحد الإنشغالات الدولية، وهو يعد نتيجة لعملية مطلقة ومعقدة لتسرب الأموال ذات الأصل الإجرامي في الأنظمة الاقتصادية والمالية للدول ويكتسي المال القذر والمال الأسود بأشكال متعددة، وبحيث أصبح من المتعذر على الشخص العادي كشفه. وأصبح الضمير الدولي يدرك الآن أكثر مما مضى أن تبييض الأموال على المدى البعيد ، هو معول هدم للقطاع الذي يستجيب له، ثم للدولة التي تتسامح بشأنه . وقد أبان الواقع العملي على أن الرشوة والفساد، وابتزاز الشخصيات العامة واغتيال نواب الشعب، هي من الأمور الكاشفة عن وجود فساد داخلي في التكوين، وكان يتعين النظر إلى تبييض الأموال منه أكثر من عشرين سنة، على الأقل بوصفه جريمة قائمة بذاتها وفي نفس الوقت بمثابة إمارة على اقتراف جرائم أخرى . وقد تركزت إستراتيجية رجال الشرطة والقضاء في الماضي في ملاحقة وزجر المجرمين الذين يباشرون أنظمة إجرامية دون الهجوم على نحو منظم على الأرباح المكتسبة في مرحلة التسرب . وهكذا أصبح تجريد المجرمين من مغانمهم هي الفلسفة الجديدة التي تسعى إليها الدول ولا يمكن أن يكون هذا الكفاح مؤثرا إلا بالنسبة للأنظمة القانونية التي اعتبرت تبييض الأموال بمثابة جريمة عامة تطبق على أي نوع من الجرائم. ويمكن القول بأن مشكلة المخدرات سوف تتلاشى عندما تحين اللحظة التي يتسع معها نطاق تجريم تبييض الأموال، والسبب في ذلك أن الأساليب التي يستوحيها المجرمون من المخدرات سوف تعود إلى الظهور مرة أخرى في النشاط الإجرامي لذوي الياقات البيضاء أو في مجال الجريمة العادية لقانون العقوبات . ومجرد التفكير في وجود دولة واحدة بدون مخدرات هو من ضروب الوهم . حيث لا تساهم أساليب المناهضة والتي تنظمها الدول سوى في إحداث تعديل طفيف في مسار اقتصاد المخدرات وتعد المصادر على قدر كبير من الاهمية بالنسبة للمهربين وهي بمثابة ضريبة مستقطعة الكي تسمح لهم بالاستقرار في أنشطة أخرى تسعى إليها أهدافهم ولن يكون لاقتصاد المخدرات أي فرصة للبقاء على قيد الحياة لذا وجد في العالم رجال شرفاء ليس لديهم استعداد لتسهيل مهمة غاسلي الأموال. ويتشابه هذا الموقف مع العمل الخفي حيث يوجد دائما أشخاص لأجل أن يقدموا كل ما هو غير مشروع إلى من هم في حاجة إليه. ومن تم يجب ضرب لا من يعمل في الاقتصاد الخفي وحده بل والذي يعرضه ويساهم في ظهوره باعتباره منافسا للاقتصاد الشرعي. ويجب ان يكشف الكفاح ويعمم على جميع قطاعات النشاط الاقتصادي وعلى جميع الدول.
ومن هنا تبرز حتمية تقديم بعض المقترحات والتي يعمل بها حاليا من قبيل الكثير من الدول لأجل مناهضة هذه الظاهرة الدولية وهي :
ضرورة تفعيل التعاون فيما يتعلق بمكافحة عمليات تبييض الأموال .
إذ أن وجود مثل هذا التعاون سيؤدي إلى القضاء على العقبات الحدودية الجغرافية منها والسياسية التي يلوذ بها المجرمين بأموالهم التي حصلوا عليها من مصادر غير مشروعة ويتم التعاون الدولي من خلال تنسيق الجهود والإجراءات التشريعات التي تحقق لمختلف الدول مزايا تعقب الجريمة والمجرمين ومصادرة أموالهم داخل البلاد وخارجها وذلك عبر اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة وضرورة متابعة تنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون الدولي والتأكد من أن التنفيذ يتفق مع مضمون الاتفاقيات وهدفها ولعل من المجالات الهامة للتعاون الدولي هو التعاون في مجال تبادل الخبرات والمعلومات والتدريب المشترك على كيفية مكافحة الجريمة والأساليب الفعالة من واقع الخبرات والتجارب العملية بتعقب عمليا تبييض الأموال والقضاء عليه .
ضرورة السعي نحو عقد اتفاقيات دولية لمكافحة تبييض الأموال :
إن عقد مثل هذه الاتفاقيات كفيل بالقضاء على حواجز لمكان والتشريع بين الدول مما جعل يد العدالة تطول أصحاب المداخيل غير المشروعة وأموالهم أينما ذهبت وحيث يتيح إيجاد الإطار القانوني لمكافحة وتحقيق فعالية التعاون الدولي في هذا المجال وبالتالي يحرم أصحاب المداخيل غير المشروعة من الافلات من الملاحقة القانونية والأمنية في كافة الدول ولا سيما أولئك الذين يعمدون إلى تهريب أموالهم المشبوهة من دولة إلى أخرى هربا من الملاحقة .
ضرورة كشف فضائح تبييض الأموال وتعريف الناس بها :
وذلك من خلال كشف الفساد والانحرافات الإدارية أو السياسية أو غيرها بعد أن يتم التحقق بها والتأكد منها بأحكام قضائية نهائية مبرمة ويتم عن طريق نشرها في الصحف وبثها على جميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
ضرورة اعتماد التعريف الواسع لتبييض الأموال
حيث أن معظم الدول في بداية محاربتها لتبييض الأموال التي اعتمدت المفهوم الضيق لعملية تبييض الأموال والذي هو كل عمل من شأنه تمويه أو إخفاء الأموال الناتجة عن إحدى جرائم المخدرات ولكنها استدركت الأمر وتوسعت بالتعريف ليشمل كافة الجرائم .
ضرورة رفع السرية المصرفية في الحالات الآتية :
-موافقة الزبون الخطية أو ورثته بعد وفاته.
-الحكم بشهر إفلاس الزبون .
-عند وجود نزاع قضائي بين المصرف بخصوص قضايا مصرفية إذا تعلق الأمر بالدعاوى المترتبة على جريمة الكسب غير المشروع .
-حالة وجود جريمة تبييض الأموال .
ضرورة إنشاء إدارة متخصصة من قوى الأمن للتحري ومتابعة أنشطة
تبييض الأموال :
هذه الإدارة تكلف بمراقبة وملاحظة عمليات تبييض الأموال ، وتعقبها وضبطها وعليها اتباع أساليب مختلفة لضبط عمليات تبييض الأموال ومن المستحسن ربط هذه الإدارة بالنيابة العامة المالية نظرا لصلتها الوثيقة بجرائم الأموال وقد بدأت الكثير من الدول بإنشاء إدارات متخصصة في مكافحة عمليات تبييض الأموال بناء على توصيات المؤتمرات الدولية لمكافحة الجريمة الاقتصادية.
ضرورة إنشاء وكالة مركزية متطورة للرقابة :
تقوم هذه الوكالة بالرقابة على التحويلات البرقية والمعاملات التي تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار فما فوق ومراقبة المعاملات التي تثير الشبهات أو ذات الصلة بالجرائم المالية حيث يتم الإبلاغ عن المعاملات التي تزيد عن عشرة آلاف دولار أو حتى أقل من ذلك عند توفر الأدلة التي تدين الشخص الذي يقوم بالمعاملة أو الطريق التي تتم بها هده المعاملة أو الفترة الزمنية التي تفصلها عن معاملة سابقة تعود لذات الشخص أو ذات النشاط.
ضرورة إصدار القوانين اللازمة والخاصة بمكافحة عمليات تبييض
الأموال :
لقد قامت العدد من الدول بإصدار القوانين الخاصة بمكافحة عمليات تبييض الأموال وبدأت بتطبيقها وذلك لبتر هذه الظاهرة والقضاء على أصحاب النفوس الضعيفة والتي جمعوا أموالهم من أساليب غير مشروعة .
ضرورة تنمية وتدريب قدرات العاملين في القطاع المالي :
وهذا يتطلب عقد دورة تدريبية مستمرة والاستعانة بالخبرات المتقدمة في هذا المضمار وتشجيع العاملين في هذا المجال عند ما يقدمون معلومات أو مستندات من شانها مساعدة سلطات التحقيق على الوصول إلى أدلة حصول أي شخص على أموال ناتجة عن إحدى الجرائم أو يقوم بعملية تبييض لملك الأموال وذلك بإعطائهم المكافآت المناسبة لكل حالة.
وكلمة أخيرة … إن الأخلاق هي أساس الحضارات، ولبناء مجتمع صالح لابد أن يكون أفراد هذا المجتمع ذوو أخلاق حميدة حيث لا يكفي وضع القوانين والتشريعات وإنشاء أجهزة المراقبة والمتابعة بل يجب أن تتوفر نية تنفيذ هذه القوانين وكذلك أن تتوفر أخلاقية التنفيذ في المعرفة والاستقامة والجد والمحاسبة كما يجب إعداد برامج توعية لتعزيز الدور الأخلاقي للإنسان الذي يساهم في بناء مجتمعه ودولته ضمن مفاهيم العدالة في شتى معانيها .
إذا كنا قد سعينا للإحاطة بكل جوانب آفة تبييض الأموال إلا أننا لا ندعي بأنها قد وفيت حقها في البحث والدراسة
وإذا كنا قد سعينا للإحاطة بكل جوانب آفة تبييض الأموال إلا أننا لا ندعي بأنها وقد وفيت حقها في البحث الدراسة .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.